تحاصرنا هذه الأيام أحداث العنف التي تشهدها الأرض المحتلة في فلسطين, وسقوط الشهداء الفلسطينيين صرعي برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي, الأمر الذي ينذر باندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها, فعندما يبلغ القهر والصلف والعنف مداه من جانب القوات الإسرائيلية ومعها نفر من المستوطنين الإسرائيليين الذين ورثوا كذبة تاريخية كبيرة مؤداها أنهم أصحاب الأرض ووارثوها وحدهم ـ فصدقوا تلك الكذبة الملعونة ـ تكون النتيجة الحتمية انفجار مخزون الغضب والإذلال والمهانة من جانب الضحايا الفلسطينيين الذين بلغ بهم اليأس مداه وهم يرون عالما كريها بائسا يغض البصر ويصم الآذان عما يحدث لهم, ويظل يتاجر بشعارات تسوية أزمة الشرق الأوسط ومفاوضات السلام وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة بينما هو يترك إسرائيل ترتع وتغتصب وتعتدي كما يحلو لها دون أن يوقفها.
لعلكم لاحظتم قولي في الفقرة السابقة الإسرائيليين الذين ورثوا كذبة تاريخية كبيرة مؤداها أنهم أصحاب الأرض ووارثوها وحدهم فصدقوا تلك الكذبة الملعونة… وهذا هو موضوع مقالي اليوم حيث أتصدي لعرض مادة توثيقية مهمة جدا تسجل الحقائق الأصلية المعاشة في فلسطين ومن هم أصحاب الأرض الحقيقيون والمؤامرة الدنيئة التي نسجها اليهود بدعوي العودة إلي أرض الميعاد وتأسيس دولة إسرائيل… وكانوا أن استخدموا نفوذهم في دول شتي حول العالم ـ علي رأسها أمريكا وإنجلترا وروسيا ـ لحياكة سيناريوهات المؤامرة وتزييف التاريخ والتعتيم المتعمد علي الحقائق, في انصياع رخيص للنفوذ اليهودي.
إذا كانت الأخبار والأحداث مرتبطة بوقت حدوثها, تظل المواد التاريخية والتوثيقية صالحة لكل وقت, بل مستوجبة العرض كلما دعت الحاجة, وها أنا أعود اليوم لمادة يرجع تاريخها إلي مايو 2021 تحدث فيها القس الأمريكي ريك وايلز عن إنجيل 1905 وهو يحمل في يده نسخة هذا الإنجيل ويقلب صفحاته.. فماذا قال؟: هل تذكرون عندما كانت نسخ هذا الإنجيل في المنازل والكنائس في أمريكا؟.. كل كنيسة كان لديها هذا الإنجيل, وكل عائلة مسيحية كانت لديها نسخة منه حيث كانوا يسجلون فيها ما يتصل بنسب العائلة من مناسبات الزواج والمواليد والمعمودية والوفيات حتي تنتقل موثقة من جيل إلي جيل.. هذا الإنجيل يعود نشره إلي عام 1905, علما بأن في ذلك التاريخ لم يكن قد ظهر بعد الإنجيل المعروف باسم إنجيل سكوفيلد الذي نشر عام 1913 والذي أقتني نسخة منه, ويعتبر مقدمة البدع الماسونية الصهيونية التي روجت لإقامة دولة إسرائيل, والتي أدخلتها ا لماسونية إلي الكنائس الأمريكية عام .1913
أعود إلي إنجيل عام 1905 وأفتح صفحة رقم (13) منه حيث نجد خريطة كبيرة للأراضي المقدسة تحمل عنوان فلسطين.. ويروعني أن المسيحيين الذين تأثروا بالصهيونية يسألون: كيف هذا؟.. لا توجد أرض اسمها فلسطين, لكن هذا الإنجيل الذي يعود إلي عام 1905 يحمل الدليل الدامغ علي أن فلسطين كانت الدولة الحاضنة للأراضي المقدسة.. وبالرغم من أن أناسا مثل جون هيجي يقولون: فلسطين لم توجد أبدا.. إلا أن سائر الأناجيل التي تعود لهذا التاريخ تحمل خريطة للأراضي المقدسة موضحا عليها فلسطين.. وتأكيدا لذلك دعوني أسجل أن ذكر فلسطين جاء في العهد القديم من الإنجيل, الأمر الذي يقف في وجه الدعاوي المغلوطة والتشويه والكذب الذي غرسه الصهاينة في عقول ملايين المسيحيين في أمريكا بإخبارهم أنه لم يوجد أبدا مكان اسمه فلسطين!!.. ودعوني أضيف: هل تعلمون من عاش في فلسطين؟…إنهم الفلسطينيون, والفلسطينيون كانوا يهودا ومسيحيين ومسلمين, لم يكونوا أبدا أتباع دين واحد بل كانوا مواطنين في دولة فلسطين وكانوا جميعا فلسطينيين ـ يسوع المسيح كان فلسطينيا ـ إذا إسرائيل لم تعن أبدا دولة سياسية, بل هي تعني شعب الله من الناحية التاريخية.
إن العنف الذي تشهده فلسطين بين الحين والآخر تعود جذوره إلي الثورة اليهودية البلشفية التي اندلعت في روسيا عام 1917 عندما قام اليهود البلشفيون بقتل عائلة رومانوف الحاكمة بطريقة شيطانية وفرضوا الشيوعية في روسيا وقتلوا ملايين المسيحيين ومئات الآلاف من القساوسة المسيحيين الأرثوذكس وأحرقوا كنائسهم في هجوم مروع علي الكنيسة الروسية.. وبعدما تمكنوا من روسيا بدأوا التخطيط لغزو فلسطين بالتسلل إليها خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.
في تلك الفترة كان هنا في أمريكا عضو من أعضاء الكونجرس عن ولاية تكساس يدعي ليندون جونسون (الذي كان نائبا للرئيس الأمريكي جون كيندي وتولي رئاسة الولايات المتحدة بعد اغتيال كيندي عام 1963) كان يتولي تهريب الأسلحة من تكساس إلي فلسطين ليضعها في حوزة عصابات اليهود الصهاينة الشيوعيين الإرهابيين الذين كانوا يحاولون احتلال فلسطين ـ حيث لم تكن هناك بعد إسرائيل أو دولة إسرائيل ـ وفي ذلك الحين كان الإشكيناز اليهود الأوروبيون يندفعون إلي فلسطين حيث لم يتورعوا عن قتل كل من حاول مقاومتهم سواء كانوا يهودا أو مسيحيين أو مسلمين, وعندما تحققت لهم الغلبة ـ بالتسليح وبالمساندة الغربية ـ أعلنوا قيام دولة إسرائيل عام 1948, وسرعان ما اعترف بها الرئيس الأمريكي هاري ترومان… وهكذا ولدت إسرائيل دولة غير شرعية مغتصبة معتدية عنصرية, ومنذ ذلك التاريخ لم تعرف فلسطين سلاما ولا استقرارا حتي يومنا هذا, حيث لا يتوقف ولا يتورع الإشكيناز الأوروبيون عن اغتصاب الأراضي الفلسطينية وطرد الفلسطينيين من منازلهم وقراهم وحقولهم ومدنهم وإقامة المستوطنات فيها, ومن يقاوم ذلك من الفلسطينيين يتم قتله.
*** هذه شهادة صارخة من قس أمريكي تكشف الستار عن واحدة من أسوأ المؤامرات التي شهدها, ويشهد استمرار فصولها الكارثية, عصرنا الحديث… وأري أن نعيها جيدا ونضعها نصب أعيننا ونحن نتابع تردي الأوضاع في الأراضي المحتلة في ظل تمادي التواطؤ الأمريكي الأوروبي والمماطلة والتسويف, حتي بات الانفجار الفلسطيني نتيجة بركان الغضب لا مفر منه.