· الخديوى عباس حلمى الثانى يمنحه لقب الباشوية بعدما انبهر بصوره
سطع نجمه فى سماء فن التصوير وأصبح رائدا له، رياض شحاتة، أول صحفى مصور فى مصر، لم يسبقه أي مصري فى هذا المجال، إنما تنسب التجارب السابقة له لأجانب، أتقن التصوير الفوتوغرافى بحرفية عالية، و ذاع صيته فى الصحف المصرية، حازت صوره على إعجاب الخديوي عباس حلمي الثاني فأنعم عليه لقب الباشوية، وشغل منصب المصور الشخصي للملك فاروق، و انفرد بتصوير المناسبات الملكية، من أشهر صوره النادرة صورة تجمع البابا كيرلس الخامس بتلميذه حبيب جرجس، قام بتأليف أول كتاب عن التصوير الشمسى الذى يعد مرجعا علميا وعمليا في دراسة هذا الفن ، …
بدأ فن التصوير الشمسي في مصر متزامنا مع بداية اختراع آلة التصوير واستخدمها في فرنسا عام 1839، وكانت أول صورة تلتقط في مصر لمحمد علي باشا يوم 7 نوفمبر عام 1839 في الإسكندرية بواسطة المصور فردريك جوبيل فيسكه ،
وكانت حضارة مصر سر اجتذابها للمصورين الأجانب ، وكان أحد أهداف المصورين الذين أتوا الى مصر هو الذهاب الى الأماكن المقدسة الوارد ذكرها في التوراة ، ومن هؤلاء المصور الإنجليزي فرنسيس فريث ، الذى قام برحلة بين القاهرة والقدس بهدف تزيين التوراة بالصور .
ومنذ منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر استقر عدد من المصورين الأجانب في مصر أقدمهم الفرنسي مونيه ..وكان الوالي عباس باشا الأول مهتم بالتنقيب عن الآثار لذا أتقن مونيه التصوير الشمسى ورحل الى الأقصر حيث أمضى بها عقدين من الزمان جنى خلالها أموالا من بيع الصور الفوتوغرافية لمدينة الأقصر .
ومنذ سبعينيات القرن التاسع عشر نزح المصورون من رعايا الدولة العثمانية من الأروام والأرمن والشوام واليهود من الاستانة الى القاهرة و عملوا جنبا الى جنب مع الجنسيات الأجنبية في إنتاج الصور وتسويقها ..
ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر ، نزح المصورون الأرمن من الاستانة الى القاهرة ، وبرزت بينهم ثلاثة أسماء شهيرة هم : عبد الله إخوان وليكيجيان وصباح حيث تم اعتمادهم ضمن مصورى البلاط العثمانى ، ووجه إليهم الخديو توفيق الدعوة الى مصر وقد استأجروا محلا بجوار قصر نوبار باشا فى منطقة باب الحديد ، وكانت بورتريهات السلاطين والقادة العثمانيين أبرز ما تفنن فيه الإخوة عبد الله فأصبحوا قبله كل السائحين الأوروبيين..
ولم تبدأ المحاولات المصرية في مجال الفوتوغرافية إلا بعد مرور 70 عاما على دخول التصوير الشمسى في مصر بسبب اللغط الذي أثير حول شرعية وحرمه التصوير الشمسي
وكانت الصحافة أكثر المجالات التي استفادت من الصور حتى أن بعض الصحف وضعت كلمه مصور او مصورة في عنوانها الرئيسي بهدف توظيف تلك التقنية الحديثة في الإثارة والإبهار مثل اللطائف المصورة النيل المصور والمصور وما هذا فإن المصور الصحفي لم يكن قد ظهر كوظيفة أساسية داخل الصحف حتى الربع الأول من القرن العشرين اذ ناشدت الصحافة المصورين الذهاب الى مقارها ، ولجأ بعضها الى رصد جوائز ومكافآت مالية ..
ومع قيام الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914 وترحيل السلطات البريطانية المصورين الألمان والنمسا أخذ المصريون يقتحمون سوق التصوير الشمسي رويدا رويدا حتى أنهم شكلوا نسبة 33% من المصورين بنهاية الربع الأول من القرن العشرين..
رياض شحاتة وإتقانه التصوير
رياض شحاتة أول مصور مصري سافر الي الخارج لدراسة التصوير الفوتوغرافي فى فرانكفورت بألمانيا ، كما سافر كل انحاء العالم لكي يلتقط الصور النادرة ، دخل سوق التصوير الشمسى عام 1907 ، داوم الاتصال بأوروبا للوقوف على آخر المخترعات فى فنه الجميل ، تعلم صناعة الحفر والتصوير على الزنك والنحاس وكتابة الكليشيهات واليفط وقد استحضر من أوربا جميع العدد والآلات الحديثة اللازمة .. وكان استوديو التصوير الخاص به يقع في ميدان الأوبرا بوسط البلد. وبعد وفاته في عام 1942 ظل الاستوديو مفتوحا لأداء نفس المهمة.
الباشوية تكريما له
وبعد خمس سنوات تجلى إنتاج شحاتة الذى لقبته الصحافة المعاصرة بالمصور المصرى فى فعاليات المعرض الزراعى الصناعى عام 1912 ومن بين كل المعروضات لم يلتف نظر الخديو عباس حلمى الثانى إلا الصور التى عرضها رياض شحاتة ، وقف الخديوى يتأمل الصور بضع دقائق فأبدى إعجابه الشديد بها و بعث فى نفس شحاتة التشجيع على الهمة والنشاط والإقدام الى المزيد من إتقان عمله وقد شاركه فى الرأى والإعجاب عمه الأمير حسين كامل ، وأنعم عليه الخديوى عباس حلمى الثانى لقب الباشوية تقديرا لفنه عام 1912 ، ودعت الصحافة المصريين أن يقتدوا بأميرهم ويقدروا هذا الوطنى قدره”
مؤلفاته
ومن أهم انجازات رياض شحاتة تأليفه أول كتاب مرجعي عن التصوير الشمسى الحديث الذى يقع فى 200 صفحة و قد نشرته دار المعارف عام 1910..
المصور الشخصي للملك فاروق
يعد رياض شحاتة المصور الشخصي للملك فاروق ، والمسئول عن تصوير العائلة الملكية فيذكر مثلا قيامه بإعداد ألبوم من الصور الفوتوغرافية بمناسبة مولد الأميرة فوزية ابنة الملك فاروق ، كما اختص بتصوير حفلات التتويج والزواج والمناسبات الخاصة الملكية مثل الزفاف الشهير للأميرة فوزية والشاه محمد رضا بهلوي، أيضا تصويره للملك فاروق والملكة ناريمان فى جلسة تصوير رسمية بمناسبة مولد ولى العهد الجديد أحمد فؤاد الثانى.
صورة نادرة للبابا كيرلس الخامس
انفرد رياض شحاتة بتصوير البابا كيرلس الخامس في حفل أقيم بمناسبة اليوبيل الذهبي لرسامته في مقر البطريركية المرقسية بكلوت بك في وسط القاهرة مع تلميذه حبيب جرجس وتعد هذه الصورة هي أشهر الصور التي تم التقاطها للبابا كيرلس الخامس
أبنائه يكملون المسيرة
ورث شحاتة لأبنائه فن التصوير ليكملون مسيرته ، فقد احترفت ابنته “دولت” فن التصوير النسائي وأصبحت واحدة من رواده ، فلقد كانت العادات والتقاليد وقتها تمنع تصوير النساء ،
وعندما أعلنت صفية زغلول وهدى شعراوي ثورتهن علي النقاب عام 1922 التقطت دولت شحاتة مجموعة من الصور لهذا الحدث ونشرتها في صحيفة دي كير الفرنسية ليذيع صيتها فى هذا الفن ..
كما ورث رياض شحاتة مهنة التصوير لأبنه ” شيرين” حيث أصبح هو المصور الرسمي للملك فاروق بعد وفاة والده عام 1942 واستمر في هذا المنصب حتى قيام ثورة يوليو 1952 ، بعد ذلك صار له أستوديو محل تصوير في شارع شبرا..