الفقر والحرمان والجوع وتفاقم أزمة المناخ يحاصرون الشعب الأفغاني
ثلثا الأفغان بحاجة إلى المساعدة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة
العقوبات الأمريكية على إيران تساهم في الإضرار بالبيئة
يتضمن مفهوم جودة الحياة أو أحوال المعيشة (بالإنجليزية: Living Conditions) كل ما يتمتع به الفرد من مسكن وملبس ومأكل ومشرب. ويتحدد ذلك –عادة- بمستوى دخله والبيئة التي يعيش فيها، والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها.
وعلى هذا يمكن تعريف مفهوم «الأحوال المعيشية» بشكل أكثر تحديداً، بوصفها عملية مركبة ومتكاملة تتضمن توافر كافة الاحتياجات، والإمكانات المادية للفرد أو الأسرة، كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن، وكذلك الحاجات غير المادية (الاجتماعية)، كالتعليم والعلاج والنقل والمواصلات والبيئة النظيفة الخالية من التلوث، لذلك أي أضرار بأحد عناصرها هو أضرار بالحياة، وهو ما يشمل تأثيرات النزاعات المسلحة والحروب على حياة الناس.
وفي ظل محاولات الحفاظ على جودة حياة البشر، والظروف المعيشية التي تتردى يوما بعد يوم بسبب الأزمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة والصراعات السياسية، بحث مجلس الأمن الأسبوع الماضي، الأوضاع السياسية والإنسانية في أفغانستان، رصدت “وطني” تفاصيل جلسة مجلس الأمن، حيث استمع إلى إحاطتين، الأولى من ممثلة الأمين العام في البلاد والثانية من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وقال الأخير مارتن جريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ إنه يصعب إيجاد طرق جديدة لوصف الحرمان والمعاناة التي يواجهها الشعب الأفغاني:
“سبعة وتسعون % من الأفغان يعيشون في فقر، يحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. يواجه عشرون مليون شخص الجوع الحاد. نصف الناس بحاجة ماسة إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. و1.1 مليون فتاة مراهقة ما زلن محرومات من الذهاب إلى المدرسة. لا يزال ما يقرب من 7 ملايين مواطن أفغاني في البلدان المجاورة، بما في ذلك كلاجئين، وما زال أكثر من 3.4 مليون نازح داخليا بسبب الصراع يبحثون عن حلول”.
وفي خضم الصراع المستمر، والفقر المترسخ، والانهيار الاقتصادي، وعدم الاستقرار السياسي، تكافح أفغانستان أيضا مع أزمة مناخية متفاقمة. تلوح في الأفق موجة جفاف ثالثة على التوالي، مصحوبة بتهديدات بمزيد من النزوح والمزيد من الأمراض والوفيات، على حد تعبير المسؤول الأممي.
معاناة الشتاء
وأشار وكيل الأمين العام إلى قدوم فصل الشتاء، مما تسبب في انخفاض درجات الحرارة، مشيرًا إلى أن درجات الحرارة ستنخفض هذا الأسبوع إلى -10 درجة مئوية تحت الصفر في المناطق النائية من مقاطعة جور، والتي سجلت في وقت سابق من هذا العام ظروف ما قبل المجاعة.
وتتم تعبئة المجتمع الإنساني في أفغانستان بالكامل، في محاولة لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا. وقال جريفيثس إن أي تقدم تم إحرازه حتى الآن يرجع إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
أولًا، التوسع الهائل، بمساعدة استجابة سريعة وسخية من المانحين، مما مكننا من الوصول إلى حوالي 25 مليون شخص في جميع المحافظات الـ 34 بشكل من أشكال المساعدة على الأقل.
ثانيا، مرفق الأمم المتحدة النقدي الذي جلب 1.8 مليار دولار على الأقل هذا العام لدعم العمليات الإنسانية، وقد مكّن ذلك من ضخ أكثر من 55 مليون دولار أمريكي في الاقتصاد شهريًا، بما في ذلك دفع رواتب الموظفين الوطنيين؛ توظيف عشرات الآلاف من الموظفين في المنظمات الإنسانية الشريكة؛ وتوفير فرص عمل للعمال.
ثالثًا وأخيرًا، الاستثناء الإنساني الذي تبناه مجلس الأمن في ديسمبر 2021 في القرار 2615، والذي لعب دورًا تسهيليًا حاسمًا.
وسلط جريفيثس الضوء على بعض التحديات التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني في عمليات الأمم المتحدة في أفغانستان، أولًا. بينما نحافظ على التواصل البناء مع سلطات الأمر الواقع، فإننا نواجه أيضًا تدخلات وقيود روتينية. احتجزت سلطات الأمر الواقع العاملين في المجال الإنساني، وحاولت التأثير أو السيطرة على الاستجابة الإنسانية، وقيدت حرية المرأة في الحركة والمشاركة في العمل الإنساني.
التحدي الثاني يتعلق باستمرار البنك في إجراءات خفض المخاطر. كان الاستثناء الإنساني شرطًا ضروريًا، ولكنه غير كافٍ للمصارف لإعادة بدء المعاملات الدولية بالكامل من أفغانستان وإليها، نظرًا لمجموعة العوامل غير المتعلقة بالعقوبات التي تأخذها في الاعتبار عند تحديد ما إذا كانت ستسهل المعاملات أم لا.
ثالثًا، نواجه تحديا ماليًا هائلًا مع دخولنا عام 2023. نحتاج إلى 4.6 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية للبلد بشكل مناسب. وأخيرًا، هناك قلة بشأن التقدم في استئناف مبادرات التنمية التي تمس الحاجة إليها والتي بدونها من المحتمل أن يتدهور الوضع الإنساني بشكل أكبر، مما يؤدي إلى المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الطارئة.
الأولوية للشعب الأفغاني خاصة النساء
واستمع مجلس الأمن كذلك إلى إحاطة من الناشطة الأفغانية محبوبة سراج، وهي واحدة من أبرز ناشطات حقوق المرأة في العالم، حيث قالت إن السياسات التي اتخذتها طالبان حرمت نصف القوى العاملة من الوظائف، مشيرة إلى أن النساء يبقين في المنازل اليوم.
ودعت المجلس إلى الاستمرار في توفير المساعدة المنقذة للأرواح للشعب الأفغاني، مؤكدة ضرورة أن تصل المساعدة إلى جميع الأفغان بما في ذلك النساء والأقليات والمجموعات الهشة الأخرى.
كما دعت الأسرة الدولية إلى التأكد من عدم تغيير المساعدة الإنسانية. ودعت أيضًا جماعة طالبان إلى إدراك حقيقة أن السياسات التي تتخذها هي التي تمنع الاقتصاد من العمل بشكل اعتيادي.
ودعت طالبان إلى العودة عن هذه السياسات الرجعية “إن أرادت للدولة أن تعود إلى الاستقرار الاقتصادي”. ورحبت الناشطة الأفغانية بانخراط المجتمع الدولي مع طالبان، معربة عن أملها في الاستمرار لكنها شددت على ضرورة إعطاء الأولوية لصالح الشعب الأفغاني.
طالبان تحظر الطالبات من التعليم الجامعي
وفي تطور، عاجل أفادت تقارير بأن طالبان أعلنت منع الطالبات من التعليم الجامعي. واستهل ناصر أحمد فائق، القائم بأعمال بعثة أفغانستان لدى الأمم المتحدة كلمته في جلسة مجلس الأمن بالقول: “يؤسفني أن أبدأ مداخلتي بأخبار مؤسفة للغاية عما أعلنت عنه طالبان للتو عن حظر النساء من ارتياد الجامعات في كافة أنحاء أفغانستان. كما لو أن الوضع لم يكن مترديا من قبل. ها هي تعلن عن قانون جديد ينتهك أبسط حقوق الإنسان لكل بني البشر”.وقال إنه وبعد 16 شهرا من استيلاء طالبان بالقوة على السلطة في أفغانستان، لا أمل في تغير إيجابي أو تقدم بالنسبة للوضع الإجمالي في البلاد. ويعزى ذلك بصورة أساسية إلى عجز طالبان عن معالجة الأزمة الحالية وكسر الجمود والانخراط البناء من أجل الاستجابة للدعوات الوطنية والدولية من أجل نظام حوكمة عادل ومسؤول وشامل، على حد تعبير المسؤول الأفغاني.
وشددت روزا أوتونباييفا، ممثلة الأمين العام الخاصة في أفغانستان ورئيسة بعثة يوناما على ضرورة أن يظل تركيز البعثة على الشعب الأفغاني وتزويده بالمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وإعطاء صوت لمطالبة بالحقوق والحريات الأساسية.، وقالت إنها قامت بزيارة أكبر عدد ممكن من أجزاء أفغانستان في الأشهر الثلاثة الأولى لها بصفتها الممثلة الخاصة للأمين العام، مشيرة إلى أن أكثر ما أدهشها هو البؤس الذي يعاني منه العديد من الأفغان الذين يعيشون في فقر مدقع وحالة من عدم اليقين بشأن المستقبل.
وقالت إن الكثيرين أخبروها بأنهم يصارعون في سبيل البقاء على قيد الحياة. وأوضحت أن طالبان لا تزال تسيطر بشكل أساسي على البلاد، لكنها غير قادرة على التصدي بشكل مُرضٍ للجماعات الإرهابية داخل أفغانستان، أعربت عن بالغ قلقها إزاء النشاط الأخير لتنظيم “داعش خراسان” على وجه الخصوص والهجمات على سفارتي روسيا وباكستان وكذلك على فندق يستضيف العديد من المواطنين الصينيين. ولا تزال الخسائر في صفوف المدنيين جراء هذه الهجمات كبيرة.
وقالت المسؤولة الأممية، إنه لا توجد معارضة سياسية واضحة للعيان لطالبان داخل أفغانستان، مشيرة إلى أن طالبان ترفض الحاجة إلى أي نوع من الحوار بين الأفغان وتزعم أن حكومتها ممثلة بما فيه الكفاية. وتواصل بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان الضغط على جميع المستويات من أجل تشاور وتمثيل أوسع.
وأشارت إلى أن البعثة تواصل التفاعل مع العديد من شخصيات المجتمع المدني والشخصيات السياسية غير التابعة لطالبان في أفغانستان، مشددة على أن السبيل الوحيد للمضي قدما لأفغانستان هو من خلال نظام حكم أكثر تعددية، حيث يرى جميع الأفغان، وخاصة النساء والأقليات، أنفسهم ممثلين ولهم صوت حقيقي في صنع القرار.
وحذرت روزا أوتونباييفا من أن وسائل الإعلام والمجتمع المدني، لا يزالان يتعرضان للقمع والتخويف من قبل مؤسسات الأمن، وفي بعض الأحيان من خلال الإجراءات القمعية.
وقالت إن قمع الأصوات المعارضة أمر مؤسف للغاية بالنظر إلى القسوة المتزايدة لسياسات طالبان الاجتماعية.:”لقد رأينا عددا كبيرا من المراسيم التي تضر بالنساء بشكل خاص، تم منع النساء اعتبارا من 9 نوفمبر من زيارة معظم الحدائق العامة والحمامات وصالات الألعاب الرياضية، يتم الآن تقييد مساحتهن الاجتماعية بقدر ما يتم تقييد مساحتهن السياسية، سيعني منع التعليم الثانوي أنه لن يكون هناك فتيات في الجامعة خلال عامين”.
وقالت ممثلة الأمين العام إن الأمم المتحدة تواصل الحوار مع طالبان فيما يتعلق بالمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، وانتهاكات محددة للقانون الدولي لحقوق الإنسان. “نحن لا نتفق مع طالبان في عدد من القضايا، لكن التركيز ينصب، ويجب أن ينصب، على الحفاظ على الحوار على أمل مستقبل أفضل لأفغانستان، حيث الجميع – النساء والرجال والفتيات والفتيان – يمكن أن يعيشوا حياة كريمة ومساواة”.
سلطات الأمر الواقع
طالما بقيت الفتيات مستبعدات من المدرسة واستمرت سلطات الأمر الواقع في تجاهل مخاوف المجتمع الدولي الأخرى المعلنة، فإننا لا نزال في طريق مسدود، وفقًا للمسؤولة الأممية التي أشارت إلى أن بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان تجري مراجعة داخلية لتقييم ما كان وما لم يكن فعالًا في تنفيذ ولايتنا.:” بشكل عام نعتقد أن التعامل مع سلطات الأمر الواقع يجب أن يستمر بشكل ما. كما سمعتم بأنفسكم بالأمس من العاملات في المجال الإنساني، يرغب الأفغان في استمرار مشاركة المجتمع الدولي ويعتقدون أنه لا يمكن أن يحدث التغيير الإيجابي إلا من خلال زيادة التفاعل مع سلطات الأمر الواقع”.. كل ما سبق يضرب أهداف التنمية المستدامة في مقتل. والتي تنص على ضمان تمكين النساء.
الحظر على زراعة الأفيون
وأشارت الممثلة الخاصة إلى الأدلة على أن طالبان تنفذ حظرها على زراعة الأفيون والمخدرات الأخرى، والذي تم الإعلان عنه في أبريل من خلال تدمير الحقول التي كانت مزروعة قبل وبعد إعلان الحظر.
“لن نتمكن من التحقق من التنفيذ الفعلي لهذا الحظر حتى أوائل العام المقبل، لكن القصد من ورائه جدير بالثناء. ومع ذلك، سيكون للحظر تأثير سلبي على دخل المزارعين الأفراد، حيث تم وضع القليل من برامج سبل العيش البديلة”.
العقوبات الأمريكية على إيران تساهم في تردي جودة الحياة
في ذات الإطار وضمانًا لجودة حياة الملايين من المضارين بسبب النزاعات، أعلن الخبراء المختصون التابعون للأمم المتحدة احتجاجهم على العقوبات المفروضة على ايران، وقال خبراء أمميون في مجال حقوق الإنسان إن العقوبات الأمريكية تساهم في إضرار البيئية في إيران وتمنع جميع الناس في البلاد، بمن فيهم المهاجرون واللاجئون الأفغان، من التمتع الكامل بحقوقهم في الصحة والحياة.في بيان لهم قال الخبراء إن تلوث الهواء يمثل مصدر قلق خاص في إيران، حيث تفيد التقارير بأنه يتسبب في مستويات عالية من أمراض الجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض التي تؤدي إلى 4000 حالة وفاة مبكرة سنوياً في طهران وحدها، لتصل إلى 40 ألف حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء البلاد.
وقال الخبراء: “ليس من المستغرب أن تكون طهران واحدة من أكثر مدن العالم تلوثا. تجبر العقوبات الأمريكية الناس على إطالة أمد استخدام المركبات القديمة التي تحرق الوقود بشكل أقل كفاءة، بينما تجعل من المستحيل على إيران الحصول على المعدات والتكنولوجيا لتقليل انبعاثات المركبات.” كما اشاروا الى ان الجهود الأمريكية لفرض عقوباتها من خلال التهديد بمعاقبة الشركات الأجنبية التي تعمل في إيران دفعت شركات تصنيع السيارات الأجنبية إلى مغادرة البلاد، مما أجبر إيران على الاعتماد على محركات محلية الصنع ومعدات أخرى لا تستخدم أحدث التقنيات.
في مراسلة إلى الولايات المتحدة، قال الخبراء إن العقوبات تسببت أيضاً في تخلي شركات الطاقة الأجنبية عن مشاريع لبناء محطات طاقة شمسية كبيرة في إيران لتوليد الكهرباء على نطاق لا يمكن للكيانات الإيرانية القيام به.وأكدوا مجدداً أن العقوبات تمنع العلماء الإيرانيين من المشاركة في مشاريع بحثية بيئية مشتركة في الخارج، بل وتمنع الإيرانيين من الوصول إلى قواعد البيانات والدورات التدريبية على الإنترنت حول القضايا البيئية والاستدامة. وقالوا: “إن آثار العقوبات على الحق في التعليم والحق في الاستفادة من التقدم العلمي تعيق أيضاً التقدم في تحسين بيئة إيران.”
وأشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة صوتت لصالح قرار في الجمعية العامة يعترف بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة في يوليو، ووافقت على التعاون مع منظمة الصحة العالمية في الأنشطة المرتبطة بالبيئة والصحة هذا العام.، وعليه، أكدوا أن العقوبات على إيران “تتعارض مع ما يبدو أنه موقف أمريكي واضح من هذه المسألة،” وأضافوا: “حان الوقت لتخفيف أو رفع العقوبات التي تعيق قدرة إيران على تحسين البيئة وتقليل الآثار السيئة على الصحة والحياة، حتى يتمكن الإيرانيون من الوصول إلى حقهم في بيئة نظيفة، والحق في الصحة والحياة، والحقوق الأخرى المرتبطة بالظروف البيئية المواتية.”