تحدثت الأسبوع الماضي عن محاولات اختطاف وتسييس قمة المناخ في شرم الشيخ والقفز علي أجندتها بالزج بملف حقوق الإنسان في مصر سعيا وراء الضغط علي النظام المصري ـ أمام دول العالم ـ للإفراج عن سجناء وصفوهم بالسياسيين أو بسجناء الرأي, بينما هم مدانون من جانب القضاء المصري… وأشرت بمزيد من مشاعر التقدير والاحترام للحنكة والحكمة التي تحلي بها النظام المصري في التعامل مع مؤامرة 11/11 بعدما ثبت ضلوع المخابرات الأمريكية وراءها, وأن جماعة الإخوان المسلمين وأقطابها خارج مصر ليست سوي مخلب قط وواجهة بائسة لتلك المؤامرة, فكان أن أحجمت مصر عن الانزلاق نحو الصراخ والعراك مع أمريكا واستقبلت بكل هدوء وثقة رئيسها جو بايدن في زيارته التي كان محددا لها نفس تاريخ 11/11, بعد أن تراجع عن فصول المؤامرة واستبدلها بالإشادة بمصر ودورها وثقلها في المنطقة وعلي المسرح العالمي.
اليوم أجدني مدفوعا بكل الاعتزاز والفخر لتسجيل وتوثيق كلمة الرئيس السيسي التي أدلي بها في جلسة محاكاة مجلس حقوق الإنسان بمنتدي الشباب العالمي الذي عقد في يناير الماضي بشرم الشيخ, لأنها تمثل صفعة قاسية علي وجوه جميع الكيانات التي لا هم لها سوي محاولة الإيقاع بمصر وإحراجها بالتشدق بملف حقوق الإنسان المصري, بينما هي مغيبة عن ضلوعها في أسوأ الموبقات وفي ازدواج المعايير وفي الكيل بمكيالين… الأمر الذي بات مفضوحا في كافة معايير السياسة الدولية… وهذه هي كلمة الرئيس السيسي, أنقلها بلغتها العامية الصادرة من العقل والقلب معا:
** إنتوا بتصرخوا من عشرة آلاف وعشرين ألف لاجئ ورفضتم تستقبلوهم وشحنتوهم لبلادهم وسبتوهم يواجهوا مصيرهم المجهول.. بينما إحنا دولة علي أدها في الإمكانيات, ومع ذلك استقبلنا أكثر من 6 مليون بني آدم من جميع أرجاء العالم ولم نمنع أي إنسان طلب القدوم إلينا, وما حطيناهمش في معسكرات بل حتي رفضنا نسميهم لاجئين وخليناهم عاشوا معانا.. الناس دول موجودين في مجتمعنا بيشتغلوا وبياكلوا ويشربوا ويتعلموا ويتعالجوا واندمجوا وسط شعبنا وحصلوا علي كافة حقوق المصريين من علاج وتعليم ورعاية صحية وسكن.. ما اتكلمناش ولا اشتكينا ولا رفضنا دخولهم بلدنا ولا سيبناهم يواجهوا المخاطر ولا دفعناهم للموت والغرق في المتوسط عشان يجولكم في أوروبا.. عملنا ده من غير مانتكلم وبتواضع.
ياتري هما ملايين اللاجئين إللي مرميين علي حدود الدول وداخلها في مخيمات بقالهم عشر سنين دول مالهمش حق في الحياة؟.. مالهمش حقوق إنسان؟.. وياتري أخدتوا بالكم من نتايج إللي حصل ده ونتايج الإقامة في معسكرات لاجئين لمدة عشر سنين؟.. يعني الطفل والطفلة إللي كان عندهم 7 أو 8 سنين بقوا شباب دلوقتي, ياتري دول مصيرهم إيه وحقوقهم إيه؟.. إنتم في الغرب دول مستقرة وعددكم مازادش من أكثر من 50 سنة, وليكم نظامكم السياسي إللي مقتنعين بيه وارتضيتوه لنفسكم, بس المشكلة إنكم عايزين تفرضوه علينا وعلي العالم دون دراية بظروف كل بلد أو حال كل مجتمع مختلف عنكم, مع إن التنوع والاختلاف ده سنة كونية وماينفعش نخلي العالم كله يتكلم لغة واحدة أو يفكر بطريقة واحدة..! أنا مش بقول كده للترويج لحاجة أو للدفاع عن حاجة, ده واقع الدنيا كلها عايشاه وموجودة فيه, وحقوق الإنسان لا تقتصر علي جانب واحد من مناحي الحياة.
إللي بتعملوه ده اسمه استعلاء, والاستعلاء ده مش بس بالقوة والقدرة لكنه كمان استعلاء بالممارسة ومحاولة فرض النموذج ونمط الحياة والحكم, ورغم كده عندما جاءت الجائحة اكتشفتم القصور في نظامكم الصحي إللي عجز عن المواجهة.
هي الصراعات والحروب إللي حصلت في منطقتنا ودمرت كل الدول إللي حوالينا ولم ينج من شرها غير مصر وتسببت في تشريد وتهجير كل تلك الملايين من البشر حول العالم, كل الكوارث دي مين كان سببها؟.. مين إللي هدم الدول دي وتآمر عليها وضرب ودمر وخرب بلاد كانت آمنة ومستقرة تحتوي شعوبها علي أرضها؟.. من إللي انتهك حقوق الإنسان في الدول والمجتمعات دي؟.. وبعدين جايين تحاسبونا إحنا علي حقوق الإنسان؟.. عن أي حقوق بتتكلموا وأي إنسان تقصدوا؟.. هو مفيش حقوق إنسان غير حقه في التعبير وحقه في الديموقراطية؟.. طيب ما أنتم شايفين القيادات إللي بتتناحر مع بعض حول العالم عشان السلطة, حد فكر في حق شعوبهم في حياة آمنة مستقرة بعيدا عن صراعات التكالب علي السلطة؟!!
*** قبل أن أطوي هذا الملف عدت إلي حديث الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالإعلام الألماني والدولي أثناء مشاركته في قمة الدول السبع في ألمانيا في يوليو الماضي والذي تناول فيه ذات القضية ملف حقوق الإنسان المصري, لأني حرصت علي تسجيل كلمة السيسي الآتية في ختام رده علي أسئلة الإعلام:
** يهمني أوضح أن هذا الأمر إحنا مش مهتمين بيه عشان إنتم بتسألوا عنه.. مهم قوي إنكم تعرفوا كده.. إحنا مهتمين بيه عشان إحنا بنحترم شعوبنا وبنحبها وده مش كلام مجرد, إحنا بنحترم شعوبنا زي ما إنتم بتحترموا شعوبكم. . دي مسئوليتنا الأخلاقية والتاريخية والإنسانية تجاه شعوبنا.