الخطوة الوحيدة المتاحة لتحسين كرواتيا أدائها من روسيا ٢٠١٨ هي برفع الكأس في قطر، تضمّ تشكيلة الفريق كوكبة من اللاعبين أصحاب الشعبية بين الجماهير والمتألقين في قمة مشوارهم الكروي.
يعود مودريتش لقيادة الكتيبة الكرواتية في كأس العالم، ما من كلمة تعبّر عن المنتخب الكرواتي أفضل من “المرونة” بالنظر إلى قدرته على مواجهة التحديات والصمود أمام الخصوم والانتفاض بعد الانتكاسات.
ورغم تاريخها الحديث المضطرب، إلا أن البلاد شهدت ظهور جيل من المواهب الكروية غير المسبوقة، بحيث أنه لم يكن مفاجئاً أن تصبح قاب قوسين أو أدنى من رفع الكأس الغالية في النسخة الأخيرة من كأس العالم التي استضافتها روسيا عام ٢٠١٨.
وفي تلك المشاركة المشرّفة، قدّم ممثل منطقة البلقان أداءً تُرفع له القبعات، إذ تغلّب على الأرجنتين بثلاثية نظيفة ليتصدر ترتيب مجموعته، وتجاوز كل العقبات في أدوار خروج المغلوب، التي شملت إثبات علو الكعب أمام الدنمارك وروسيا بركلات الترجيح، وتجاوز إنجلترا في الوقت الإضافي في نصف النهائي.
مباراة كرواتيا وإنجلترا التي أقيمت على ملعب لوجنيكي في موسكو يوم الأربعاء ١١ يوليو ٢٠١٨، بعد أن كانت الجماهير الكرواتية شاهدة على نجاح فريقها بتجنب العاصفة تلو الأخرى وبلوغ النهائي أمام فرنسا، لم تصب نتيجة موقعة الحسم في مصلحتهم، لكن الآمال معقودة الآن على قدرة الفريق بأن يُكرر تلك التجربة في قطر ٢٠٢٢ دون إعادة لجرعة الخيبة في نهائي روسيا ٢٠١٨.
في حملة البحث عن اللقب العالمي الأول، تنصبّ جهود مدرب الفريق زلاتكو داليتش على خليط من المهارات والمواهب الصاعدة إلى جانب أحد أفضل لاعبي العالم وهو كابتن الفريق المخضرم لوكا مودريتش.
وبالإضافة إلى نجم خط وسط ريال مدريد، ستضطلع بأدوار داعمة ثلة من اللاعبين المتمرسين الذين يأتي في طليعتهم مارسيلو بروزوفيتش وإيفان بيريسيتش وماريو باساليتش وماتيو كوفاسيتش.
وقبيل انطلاق نهائيات كأس العالم في قطر، هناك خمسة من ألمع نجوم كرواتيا سيكونون تحت المجهر .
1- لوكا مودريتش، المركز لاعب خط وسط، العمر ٣٧ سنة:
إن كانت “المرونة” هي الوصف الأفضل لأداء المنتخب الكرواتي، فإن الوصف الأفضل الذي يُجسّد قائد الفريق ومساهمته الكروية هو “لا محدود”، إذ إنه يمثل خلطة مثالية للاعب خط وسط متكاملة متعدد المواهب يتمتع بقدرة مذهلة في السيطرة على الكرة ولا يقف شيء في وجهه عند محاولته الاستحواذ عليها، بالإضافة لكونه مشهور بتمريراته المتقنة وإتمام الهجمات بشكل مذهل، كل ذلك جعل منه لاعب كرة قدم يستحق مكانته بين أساطير كرة القدم على مر التاريخ.
ومن بين الجوائز الكثيرة التي نالها، نذكر جائزة The Best لأفضل لاعب في العالم سنة ٢٠١٨ التي كانت تكريماً لعظمة مواهبه الفردية وتواضع شخصيته.
وفي تصريح أدلى به إلى الفيفا بعد الجائزة، قال مودريتش: “التواجد هنا يجعلني أشعر بالفخر والشرف. كانت أمسية استثنائية بالنسبة لي، ولحظة فارقة في مسيرتي. التقدير الذي أحظى به من الجميع هو الأمر الأكثر أهمية لي. ولا جائزة تعادل ذلك. إنه أمر مميز حقاً، وأنا ممتن لكل أولئك الذي وقفوا خلفي وساندوني. منحتنا الجماهير الكرواتية دعماً رائعاً [في روسيا ٢٠١٨] منذ اليوم الأول وحتى عودتنا إلى البلاد. هذه الجائزة لهم”.
وبفضل شخصية مودريتش المتواضعة وشهامته خارج أرض الملعب، بالإضافة إلى ما يتمتع به من وعي وتأثير على كرة القدم، جعلت منه أحد أساطير خط الوسط في العصر الحديث.
وقبل قيادة المنتخب الكرواتي في نهائي كأس العالم في روسيا، قدّم مودريتش أداءً تُرفع له القبعات مع ريال مدريد في نيل الفريق لقب دوري أبطال أوروبا UEFA للسنة الثالثة على التوالي.
ولا يبدو أن العمر يؤثر على قدرات هذا اللاعب المغوار الذي لا يختلف اثنان بأن روحه القيادية ستكون مصدر إلهام لكرواتيا في قطر.
2- إيفان بيريشيتش، المركز لاعب خط وسط مهاجم، العمر ٣٣ سنة :
لا تكتمل قائمة النجوم الكرواتيين دون بيريشيتش الذي اضطلع بدور محوري في النسخة الأخيرة من كأس العالم كمهاجم يتحرك على مساحة واسعة من المستطيل الأخضر، إذ سجل اللاعب – الذي انتقل في الصيف من إنتر ميلان إلى توتنهام – هدف الفوز في آخر مباريات دور المجموعات أمام أيسلندا، واقتنص هدف التعادل وصنع هدف الفوز في لقاء نصف النهائي أمام إنجلترا، تلاه هز الشباك لتحييد هدف فرنسا الأول في موقعة النهائي.
وما من شكّ في أن ربان سفينة الكروات داليتش سيعتمد بشكل كبير على المهارات الهجومية لبيريشيتش الذي تشير كافة التوقعات إلى أنه سيتصدر تشكيلة المنتخب، بالإضافة لكونه هو الآخر يتمتع بمهارات قيادية تجعله قادراً على إلهام الفريق منذ صافرة البداية في أية مباراة، تماماً كما كان عليه الأمر في النسخة الأحدث من كأس الأمم الأوروبية UEFA عندما اقتنص هدفين في دور المجموعات، وكذلك في تصفيات قطر ٢٠٢٢ إذ ساهم بثلاثة أهداف.
وبالنسبة إلى بيريشيتش، فإنه ما من حافز أكبر من ارتداء قميص المنتخب الكرواتي، إذ سبق وصرح للفيفا قائلاً: “يعني ذلك الكثير بالنسبة لي. بدأتُ لعب كرة القدم عندما كنتُ في السادسة من عمري، ولطالما راودني حلم اللعب مع المنتخب وكبار الأندية، وهو ما تحقق فعلا. بذلتُ كل ما في وسعي لأصبح اللاعب الذي أنا عليه الآن، دائماً ما أقدّم أفضل ما لدي عندما أرتدي قميص المنتخب”.
ويمثل هذا التفاني للدفاع عن ألوان العلم الكرواتي والتعطش لتقديم أفضل أداء في العرس الكروي العالمي سببين إضافيين لمراقبة بيريشيتش عن كثب في قطر.
3- مارسيلو بروزوفيتش، المركز لاعب خط وسط، العمر ٢٩ سنة:
سيبلغ مارسيلو بروزوفيتش الثلاثين من العمر في ١٦ نوفمبر، أي قبل أيام معدودة من انطلاق منافسات كأس العالم قطر ٢٠٢٢ وهو حالياً في قمة مسيرته الكروية، وبوسع صانع الألعاب هذا الاستفادة من ترسانته من المهارات وخبرته العريضة قبل فوات الأوان.
ولهذا فإن نجم خط وسط الإنتر مرشح بقوة ليكون أحد أهم أوراق داليتش في قطر ٢٠٢٢، يتمتع بروزوفيتش بذكاء حاد على أرض الملعب، وقادر على توفير التوازن للفريق سواء على مستوى الدفاع أو الهجوم، وقد حقق في السنوات الأخيرة إنجازات كبيرة، ولا سيما تألقه في الدوري الإيطالي، إذ أصبح أحد العناصر دائمة الحضور في مركزه الهام بتشكيلة النادي، لا على المستوى المحلي فحسب، بل كذلك في العالم. يُذكر أن المدرب السابق في صفوف الإنتر، أنتونيو كونتي، لعب دوراً رئيسياً في تطوير مهارات اللاعب المولود في زغرب، وها هو بروزوفيتش يحصد ثمار مثابرته في عالم المستديرة الساحرة.
4- ماتيو كوفاتشيتش، المركز لاعب خط وسط، العمر ٢٨ سنة:
لا يختلف كثيرون على أن بروزوفيتش ومودريتش وكوفاتشيتش سيشكلون خط الوسط الأقوى ربما في قطر ٢٠٢٢، ولا تنحصر قوة ذلك الثلاثي على وسط الميدان، بل تشمل عمق التشكيلة الكرواتية من خلال ماتيو كوفاتشيتش صاحب مهارات المناورة الاستثنائية والقادر على تحويل الكرات الضائعة إلى فرص سانحة.
ويُشهد له أنه كان أحد العناصر الأساسية في المشوار المشرف للبلاد الذي انتهى في المباراة النهائية لروسيا ٢٠١٨، وما من شكّ بأن ما اكتسبه من خبرة دولية مؤخراً ستجعل حضوره في العرس الكروي العالمي أكثر خطورة.
عقب النسخة الماضية من البطولة، انتقل كوفاتشيتش من ريال مدريد إلى تشيلسي، حيث استمر بصقل مهاراته ولياقته، بالنظر إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز يحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد موهبة فطرية.
وبفضل الفترة التي أمضاها في إنجلترا، نجح النجم الكرواتي في تعزيز عوامل قوته بشكل كبير.
5- ماريو باساليتش، المركز لاعب خط وسط مهاجم، العمر ٢٧ سنة:
من مركزه المفضل كصانع ألعاب متقدم أو لاعب خط وسط أساسي غير متمركز في موقع محدد، بدلاً من رأس حربة للفريق، يتحصّل ماريو باساليتش على حصته من أهداف حاسمة، وما من شكّ في أنه سيعزز القوة التنافسية للمنتخب الكرواتي بفضل قدرته على اقتحام مناطق هجرها مدافعو الفريق الخصم.
يُشهد لباساليتش هزّ الشباك ١٣ مرة في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، وهي غلة تُرفع لها القبعات بالنظر إلى أنها أتت مع فريق يؤمن مدربه جيان بييرو غاسبيريني بتبديل المراكز بين اللاعبين.
ومنذ انطلاق الموسم الحالي، واجه ابن مدينة ماينتس الألمانية صعوبة في التألق والظهور بشكل مستمر مع الفريق، لكن المؤكد أنه سيحصل على حرية أكبر في صفوف المنتخب الكرواتي لمحاولة تعزيز غلته من الأهداف الدولية والتي تقف عند ٧ حاليا.