انطلقت فعاليات مؤتمر “الحفاظ المستدام للمناطق التراثية” بأوبرا جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بمدينة 6 أكتوبر والذي نظمه معهد أكتوبر العالي للهندسة والتكنولوجيا بالتعاون مع جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وجامعة العمارة والعمران بوخارست.
ورصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار ورئيس مجلس إدارة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية تقريرًا عن فعاليات المؤتمر.
حيث أشار الدكتور محمد مصطفى الهمشري عميد معهد أكتوبر العالي للهندسة والتكنولوجيا ورئيس المؤتمر إلى أن خارطة العالم الجديدة توجب على المعماري العربي أن يبتكر حلولًا جديدة مبتكرة ووضع استراتيجيات للتنمية المستدامة وحسن إدارة المواقع التاريخية والعناية بالتراث المعماري العمرانى لمواجهة متطلبات المدينة وتنشيط وتنمية السياحة في مصر.
وأوضح الدكتور عبد المحسن برادة الرئيس الشرفى للمؤتمر ورئيس اللجنة العلمية والعميد الأسبق لكلية التخطيط الإقليمى والعمراني بجامعة القاهرة، أن المناطق التراثية ذات ملامح تاريخية معنية بمجموعة مترادفات من طرق وعمارة وتخطيط عمراني وأنشطة حرفية وبنية تحتية والتنمية تستوجب تطوير كل هذه الأنشطة.
وأضاف بأن هناك ضغوطات على المواقع التراثية من الأنشطة الحياتية اليومية وكذلك مشروعات الدولة المتزايدة لمجابهة حاجات السكان والذي يجب أن يؤخذ فى الحسبان في التخطيط والتنمية.
ونوه إلى اتساح المفهوم السياحي من مناطق معينة إلى مسارات تربط المواقع التراثية وقد اعتمد اليونسكو مسار مسيحي في إسبانيا ومسار بوذي في اليابان.
وأردف أن قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 وتعديلاته هو قانون لحماية الآثار من السرقة أي حماية أمنية ولا علاقة له بالحفاظ المعماري والحفاظ المستدام والخاص بإعادة المناطق التراثية إلى أصلها ورونقها وحمايتها من التدهور باستمرارية الحفاظ على ما تم إنجازه والحفاظ على التراث هو حفاظ على الهوية.
وتحدّث المهندس عادل الجندي مدير عام الإدارة الاستراتيجية بوزارة السياحة والآثار عن مشروع مسار العائلة المقدسة وما تم به من تطوير حتى الآن، مشيرًا إلى أن الجامعات والمعاهد تعد شريكًا وطنيًا في التنمية السياحية.
وأوضح أن مصر بكل مقوماتها السياحية فإن أقصى عدد وصلت إليه 14.8 مليون سائح قياسًا بدول أخرى أقل في المقومات ويدخلها 50 مليون سائح ويوجد سببين رئيسيين لذلك، الأول المجتمع السياحى والثانى الخدمات السياحية والتي تزيد من مدة إقامة السائح ومدى إنفاقه وعبقرية المكان التي تحدّث عنها جمال حمدان.
ونوه المهندس عادل الجندي، إلى مسار العائلة المقدسة وأهميته، حيث يبلغ طوله 3500كم ذهابًا وإيابًا من شرق مصر إلى شمالها ثم غربها ثم جنوبها حتى دير المحرَق وأن المسار هو تأكيد على حماية مصر للسيد المسيح والسيدة العذراء بل حماية المسيحية من أن تؤد فى مهدها ولولا رحلة العائلة المقدسة إلى مصر لانتهت المسيحية قبل أن تولد وهذه هى الرسالة التى نصدرها للعالم عن أهمية الرحلة وأن كتالوج الفاتيكان هو المقصد الرئيسى لرحلات الحج المسيحي في العالم وأن هناك مليون ونصف سائح أثيوبي يحجون إلى دير المحرّق سنويًا.
كما أوضح أن أهمية الرحلة تكمن في رسالة سلام بأن مصر بلد حوار الأديان ونشر السلام، وهي البلد التي احتفظت بهويتها رغم الاستعمار الفرنسى والإنجليزي وتتضمن الرحلة 25 قطب تنموي محتمل يشمل العديد من السياحات منها سياحة آثارية وثقافية وسياحة مدن وسياحة ريفية وسياحة صحراوية.
وأن تطوير مسار العائلة المقدسة ارتبط بتطوير مطارات وموانيء وسكك حديد وبنية أساسية موضحًا أن 60% من سكان العالم يمارسون الشعائر الدينية حسب تقرير اليونسكو وقد تم الاستعانة بخبرات منظمة السياحة العالمية ورؤى سفراء الدول الأجنبية والاستفادة من تجربة طريق حج كومبوستيلا بإسبانيا المسجل تراث عالمي.
وعرض أعمال التطوير فى مسار العائلة المقدسة في الفرما والدلتا ووادي النطرون، والمعادي والمطرية وجبل الطير بسمالوط وهناك مشروع للصوت والضوء بالليزر بحيث يراه الزائرون من خلال المراكب النيلية.
وأوضح الدكتور أشرف حيدر رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، أنه عاشق للتراث منذ نعومة أظافره رغم أنه طبيب جرّاح لوجود مكتبة ضخمة في منزلهم ساعدته على الدخول في أعماق التاريخ والحضارة المصرية. كما حرص على زيارة المناطق الأثرية.
وأشار إلى وجود مركز للحفاظ على التراث بالجامعة وكلية للآثار والسياحة ومجلة علمية في مجال التراث علاوة على وجود بعثة تنقيب عن الآثار بالكلية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار وضمن خطة الجامعة بالمحافظة على الاستدامة طالب باستدامة هذا المؤتمر سنويًا.
وفي ورقتها البحثية القيمة بعنوان “الرمزية فى الحفاظ على التراث”، أشارت الدكتورة سهير حواس أستاذ العمارة والتخطيط بجامعة القاهرة والحاصلة على جائزة الدولة التقديرية في مجال العمارة والفنون وعضو مجلس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وصاحبة موسوعة القاهرة الخديوية إلى أن العمارة بلا وظيفة تفقد جزء من أهميتها موضحة أن الذاكرة الجماعية للمجتمع هى الجذور الضاربة في الأرض هي الذكريات المشتركة حيث تواصلت الحضارات على أرض مصر حيث تميزت مصر بالعمق الزمني وتجسّدت هوية البشر وهوية المكان ونشأت لغات مجتمعية جديدة مثل لغة الفنون والبناء والجسد والملابس والحلى والرقص والطهي والاحتفالات.
ونوهت إلى أن الهدف من كتابة التاريخ هو تقوية الذاكرة الجمعية وتأكيد الهوية وتقوية الانتماء ونكتب التاريخ عن طريق التوثيق بالصورة والتماثيل والنحت والمبانى التاريخية والقيم الرمزية وتفعيل معلومات التراث غير الملموس ولكن المدرك وان المناطق ذات القيمة التراثية هى حافظة التاريخ والذكريات فهي تحافظ على النسيج العمراني.
وأوضحت أن رؤية مصر 20 – 30 تعتمد على دراسة منظومة المدن في مصر ودورها وعلاقتها بالأخرى خاصة المدن المتميزة بمناطق تراثية وأن استراتيجية الإسكان في مصر هي أول استراتيجية عربية تراعي حقوق الإنسان والاستدامة والهوية الثقافية والعنصر الإنسانى وطالبت باستغلال المقومات البشرية في المجتمع والاستفادة منها وأن نعطيهم الآليات للتفكير.
وعرضت صورًا من مراسم دفن الملكة إليزابيث الثانية وكيف حرصت إنجلترا على إظهار جمال ورقي إنجلترا نظافة الشوارع وجمال الميادين ولون المنازل حتى الأسطح نظيفة وراقية لا يوجد خطأ واحد في إظهار الجمال والرقى وتمنت أن تكون القاهرة بهذا الجمال كما كانت القاهرة الخديوية باريس الشرق وضربت مثلًا بشوارع قديمة بالقاهرة كانت آية في الجمال مثل شارع الجبلاية وشارع شبرا.
وختمت قائلة :”من يدرك الرمزية في حفظ التراث هو كاتب تاريخ البلاد، استمع إلى الحجر متكلمًا يحكى لنا تاريخ بناة الحضارات”.