قدم مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، ورقة بحثية بعنوان “دور وفاعلية الآليات الأممية المعنية بحقوق الإنسان والحريات العامة” من إعداد إيمان عنان، الباحثة في برنامج دراسات المجتمع وحقوق الإنسان.
قدمت الدراسة عرضًا لمجموعة الآليات الأممية المعنية بقضايا حقوق الإنسان والحريات العامة وتحاول سبر عمق فاعليتها في تحقيق الهدف من وجودها وهو “حماية حقوق الإنسان في مختلف دول العالم من كافة أشكال الانتهاك والتعدي وصون حرياته العامة مما يجعله قادرا علي التعبير عن أراءه وممارسة حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في بيئة خالية من الخوف والقهر”. والتساؤلات المتعلقة بمدى فاعلية هذه الآليات تساؤلات يصعب الاجابة عليها في ورقة بحثية موجزة وإن كان الاقتراب منها يمهد الطريق لمناقشة هذا الموضوع بمزيد من التفصيل ومزيد من العمق!
ولفتت إيمان إلى وجود إحدى عشر لجنة رقابية ذات صلاحيات واسعة في مجال حقوق الإنسان وهي؛
لجنة حقوق الإنسان: أنشأت هذه اللجنة في إطار العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وفقًا لأحكام المواد من 28 – 32 وذلك لمراقبة تطبيق أحكام العهد من قبل الدول الأطراف، وتملك اللجنة سلطة النظر في التقارير حول التدابير التي تم اعتمادها، والتقدم الذي تم إحرازه في مجال الالتزام بالحقوق التي يحميها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: وهي لجنة مكلفة بمراقبة تطبيق العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتألف من 18 عضواً ينتخبهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي من قائمة أسماء ترشحهم الدول الأطراف في الاتفاقية، ويعملون بصفة شخصية كخبراء في مجال حقوق الإنسان. وتجتمع اللجنة عادة مرتين في السنة في جنيف وتكون اجتماعاتها مفتوحة، وتقدم اللجنة تقريرًا سنويًا حول أنشطتها للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
لجنة القضاء على التمييز العنصري: تقوم هذه اللجنة والمؤلفة من 18خبيرا، بمراقبة تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وتجتمع اللجنة في جنيف مرتين في السنة لمدة ثلاثة أسابيع لكل دورة، وهي كواحدة من الأجهزة المسئولة عن مراقبة تطبيق الاتفاقات من جانب الدول الأطراف، وتقوم بدراسة التقارير، ونشر الإجراءات الوقائية، والمراجعة في حالة التقارير المتأخرة، وإصدار الآراء حول البلاغات الفردية، كما تقوم بمراجعة أية شكوى تقدمها دولة طرف ضد دولة طرف أخرى تدعي فيها بأن الأخيرة لا تطبق أحكام الاتفاقية.
لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة: أنشأت هذه اللجنة المؤلفة من 23 خبيرًا لمراقبة إنفاذ اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على کافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 في المجال الداخلي، وتجتمع مرتين في السنة ولمدة ثلاثة أسابيع لدراسة التقدم المحرز في تطبيق أحكام هذه الاتفاقية من خلال مراجعة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف.
لجنة مناهضة التعذيب: وقد شُكلت بموجب المادة السابعة من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1948، وتتكون من عشرة خبراء لمراقبة الاتفاقية ضد التعذيب، وتقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بترشيح أعضاء اللجنة بصفتهم الشخصية، وتجتمع اللجنة في جنيف مرتين في السنة، وتقوم بدراسة تقارير الدول الأطراف حول تطبيق الاتفاقية کما يجوز لها إجراء تحقيق في حال حصولها على معلومات وثيقة حول دلالات على ممارسة التعذيب بشکل منتظم في منطقة ما.
لجنة حقوق الطفل: أُنشأت هذه اللجنة إعمالا لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989، وتتكون من عشرة خبراء يعملون بصفة فردية، وتجتمع في جنيف ثلاثة مرات في السنة، وتقوم بدراسة التقدم الذي تحرزه الدول الأطراف في تلبية التزاماتها التي تنص عليها اتفاقية حقوق الطفل، كما تقدم كل سنتين تقريراً عن أنشطتها للجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقد أدخلت اللجنة المنظمات غير الحكومية کعامل أساسي في تعزيز ومراقبة حقوق الطفل.
اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين: تأسست هذه اللجنة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتتكون من هيئة خبراء مستقلين، مهمتها مراقبة الدول الأطراف بالالتزامات تجاه حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وكانت أولى دورات انعقادها في مارس 2004، وتنعقد اللجنة في جنيف عادة لدورتين اثنتين كل سنة.
وتختص هذه اللجان بالآتي:
-تلقي ودراسة التقارير والتي تساهم في تنمية الحوار بين الدول الأطراف في الاتفاقية، ويتضمن التقرير الحالة التي عليها الدولة الطرف فيما يتعلق بالالتزامات الدولية الملقاة على عاتقها بموجب اتفاقية ما من الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.
-التحقيق وتقصى الحقائق: ويُنظر إلى هذا الاختصاص باعتباره اختصاص ذي طبيعة خاصة، ومن ثم فهو مقصور على لجان محددة وهى: لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، ولجنة مناهضة التعذيب .
-تلقى شكاوي فردية: تقوم بهذه المهمة سبعة لجان رقابية هي: لجنة حقوق الإنسان، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، لجنة القضاء على التمييز العنصري، لجنة حقوق العمال المهاجرين، لجنة حالات الاختفاء القسري، و لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما أشارت الباحثة إلى المقررين الخواص، لافتة أنهم عبارة عن خبراء مستقلين وهم يقومون برصد انتهاكات حقوق الإنسان والإبلاغ عنها وتقديم المشورة إلى الأمم المتحدة بشأن حماية حقوق الإنسان.
وأفادت أن هناك 44 ولاية موضوعية للأفراد ومجموعات من الخبراء، و12 ولاية خاصة ببلدان محددة بما فيهم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، ويجب أن يكونوا مستقلين عن الأمم المتحدة، وتكون توصياتهم ليست تصريحات رسمية للأمم المتحدة، بل وجهات نظرهم الخاصة، ولا يحصلون على راتب من الأمم المتحدة على الرغم من أنهم يتلقون الدعم الفني واللوجستي من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في جنيف، ويسترشد أصحاب ولايات الأمم المتحدة بدليل الإجراءات الخاصة ومدونة قواعد السلوك الخاصة بأصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة.
وأضافت أن أصحاب الولايات الخاصة (المقرريين الخواص) يمتلكون عددًا من الأدوات المتاحة لكي يقوموا بدورهم في الرصد والإبلاغ وتقديم المشورة بشأن حقوق الإنسان، مثل:
-الاستماع وطلب تحركات للمتابعة: حيث يتلقى أصحاب ولايات الأمم المتحدة اتصالات من جهات فاعلة مختلفة، مثل منظمات المجتمع المدني بشأن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، ويرسل أصحاب الولايات خطاب ادعاء إلى الدولة المعنية، ويجوز له أن يطلب تحركات للمتابعة، ويطلب من الحكومات اتخاذ تدابير وقائية.
-يقومون بزيارات رسمية للبلد الهدف منها تقييم حالة حقوق الإنسان على المستويين الوطني والمحلي.
-يجب عليهم تقديم طلب للحكومة لزيارة البلد والموافقة عليه ويقومون بزيارات غير رسمية كذلك وتكون عادة بناء على دعوات من المؤسسات الأكاديمية والمنظمات الغير حكومية أو غيرها من المجموعات لحضور فعالية معينة.
-يصدرون التقارير، حيث تُقدَّم التقارير السنوية إلى مجلس حقوق الإنسان، وتعتبر هذه التقارير حاسمة لأنها تحلل التحديات والاتجاهات الحالية في مجال حقوق الإنسان،وتعد هذه التقارير مهمة لأنها تقدم توصيات لمجموعة واسعة من الجهات الفاعلة كالدول ومنظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة نفسها.
-توعية الجمهور عن طريق إصدار البيانات الصحفية والتصريحات، ويتم إصدارها على أساس منتظم من قبل أصحاب ولايات خاصة في الأمم المتحدة.
وقدمت الباحثة توصياتها بأهمية تقوية الصلة بين عمل الآليات والعمل المطلوب على المستوى الوطني عبر بناء شراكات مع منظومة الأمم المتحدة، والدول الأعضاء وشركاء آخرين، ودعم الآليات الوطنية القائمة لإعداد التقارير والمتابعة وذلك من أجل تعزيز تنفيذ توصيات جميع الآليات الدولية لحقوق الإنسان. والمزيد من مشاركة منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والجهات الفاعلة غير التقليدية، خاصة التي تعمل على القضايا المستجدة المتعلقة بحقوق الإنسان. والاستفادة من وسائل التواصل الحديثة لتسهيل تبادل المعلومات خلال جلسات عمل الآليات، والقيام بحملات تواصل هادفة لزيادة مشاركة الجهات الفاعلة غير المعتادة على المشاركة في عمل الآليات. والمزيد من لجوء صنّاع السياسات والمشرعون والمحاكم إلى أعمال الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان. وزيادة الدور التوعوي والتثقيفي والرقابي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. والاهتمام بقضايا حقوق الإنسان والحريات دون تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين.