في إطار احتفال مصر بيوم السياحة العالمي التي تحتفل به منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة كاحتفالات دولية يوم 27 سبتمبر من كل عام، يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إنجازات ملموسة بميدان السياحة شهدتها مصر في الفترة الماضية، وشهد بها العالم أجمع بفضل توجيهات القيادة السياسية ويضع روشتة للنهوض بالسياحة والوصول بها إلى 40 مليون سائح.
وأضاف الدكتور ريحان، أن الدولة تبني مشروعات قومية كبرى كانت متوقفة منذ سنوات لنقص التمويل وعدم توافر إرادة سياسية لدفع العجلة إلى الأمام وعدم توافر مناخ سياحي متكامل خصب يساعد على النمو السياحي بالشكل اللائق بمصر التي تتوافر بها كل المقومات السياحية من السياحة التاريخية ممثلة في زيارة الآثار والسياحة الثقافية ممثلة في معارض الفنون الشعبية والتشكيلية ومفردات التراث المصري علاوة على ما تتمتع به من سياحة شاطئية تحتل المراكز الأولى بالعالم في سياحة الغوص، ممثلة في رأس محمد و دهب و جزيرة فرعون بطابا والسياحة العلاجية ممثلة في الحمامات الكبريتية بسيناء والواحات والعلاج بالأعشاب والرمال في سيناء والعلاج بالطمي المصري الأصيل بالوحات والسياحة البيئية، ممثلة في كم من المحميات الطبيعية المتميزة والمناظر الطبيعية المتفردة في الصحراء البيضاء وسيناء بجبالها وسهولها المتنوعة.
ونوه الدكتور ريحان، إلى أن مصر تعد البلد الأولى بالعالم في السياحة الروحية الممثلة في تلاقي وتعانق الأديان على أرضها في خمس مجمعات للأديان بالوادي المقدس طوى بسيناء ومصر القديمة ومنطقة حارة زويلة والإسكندرية والبهنسا وتسير خطط التنمية في كل محافظات مصر لتطوير محطات مسار العائلة المقدسة والمناطق حولها باعتبار مصر قبلة كل راغبي السياحة الروحية في العالم من كافة الديانات لاقتفاء أثر نبي الله موسى ورحلته ومناجاته لربه عز وجل عند شجرة العليقة المقدسة وتلقيه ألواح الشريعة من فوق جبل موسى واقتفاء أثر السيد المسيح والسيدة مريم العذراء فى الرحلة المقدسة من رفح إلى الدير المحرق بأسيوط والمعجزات في العديد من المواقع التي مروا بها وزيارة معالم مقامات آل البيت وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار الإسلامية عامة، حيث تنفرد مصر بوجود خمس مدن إسلامية كبرى متفردة، القاهرة التاريخية ومدينة رشيد ومدينة فوة ومدينة القصر ومدينة شالي بالوادي الجديد.
وقد أصدرت القيادة السياسية توجيهاتها بأكبر وأجرأ مشروعين عملاقين في مجال السياحة الروحية، وهما: مشروع التجلي الأعظم بالوادي المقدس طوى ومشروع القاهرة التاريخية علاوة على مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، علاوة على سياحة المؤتمرات في مدينة السلام بشرم الشيخ المدينة الخضراء التي تستقبل أكبر مؤتمر للمناخ في العالم نوفمبر القادم كوب 27 ، حيث يجتمع زعماء العالم من أجل مواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها ووضع روشتة علاج.
وعن مستقبل السياحة بمصر، أشار الدكتور ريحان إلى أن أقصى عدد سياح وصلت إليه مصر قبل 2011 كان 14 مليون وهذا لا يتناسب مع قدر مصر وقيمتها ومقوماتها السياحية المتنوعة والمأمول أن تصل مصر إلى 40 مليون سائح في الخمس سنوات القادمة قابلة للزيادة مع استمرار توافر المناخ السياحي، وسبل التنشيط والتنمية حيث تنتظر مصر استقبال الملايين للحج إلى مصر بناءً على دعوة بابا الفاتيكان فرنسيس بالحج إلى مصر بمسار العائلة المقدسة وإنجاز أكبر مشروع للسياحة الروحية في العالم مشروع التجلي الأعظم وافتتاح المتحف المصري الكبير وأعمال التطوير بمنطقة الهرم وتوالي الاكتشافات الأثرية التي أبهرت العالم.
ويطالب الدكتور ريحان في يوم السياحة العالمي بتعظيم الاستفادة من كل المقومات السياحية في مصر خاصة السياحة البيئية والعلاجية والتي تحقق أكبر دخل في العالم ولدى مصر كل مقومات السياحة، حيث تنتشر الحمامات الكبريتية في سيناء كحمام فرعون وحمام موسى وفي ربوع الوادي الجديد علاوة على طب الأعشاب والعلاج بالرمال ومناخ مصر الصحي للاستجمام، وكل هذا يحتاج إلى إقامة منتجعات سياحية كاملة على هذه الحمامات ووضعها على خارطة السياحة.
وفي السياحة البيئية، هناك الحاجة إلى تشريعات لكيفية استغلال المحميات الطبيعية بمصر وفتحها للسياحة مع الحفاظ عليها.
كما يطالب بالتوسع في بانوراما الرؤية البصرية بالمواقع السياحية فمهما كانت القيمة التاريخية للموقع لكن العنصر الجاذب للسياحة هو إبراز كل جماليات الموقع ولدينا العديد من طلبة الفنون الجميلة والفنون التطبيقية لديهم الاستعداد للمشاركة لصنع هذا الجمال، وكذلك مواجهة كل المظاهر السلبية التي تسبب مشاكل للسائحين مثل وجود الخاراتية وهم من يبيعون السلع في الطرقات عنوة للسائحين ويتحدثون معهم بشكل لائق كما يجب وضع تشريعات تجرّم كل هذه الأمور وكذلك تنظيم أعمال ركوب الجمال وغيرها.
كما يطالب الدكتور ريحان، بالتوسع في مشاريع التلفريك في المواقع السياحية خاصة المواقع الجبلية جنوب سيناء وتسهيل الوصول إلى المواقع المرتفعة، مثل جبل موسى وجبل سانت كاترين وجبل التجلي وجبل عباس، وفي فيران جبل سربال وجبل الطاحونة.
وكذلك الاهتمام بشكل كبير بالمنتجات التراثية بإنشاء كيان قوى لها وزارة أو مجلس أعلى مهمته تبنى الحرف الأثرية التراثية مثل النحاسين والخيامية وأعمال التطعيم على الخشب والتكفييت للمعادن والرسم على الزجاج والخزف وصناعة الفخار بأنواعه، حيث أوشكت هذه الحرف على الاندثار ولم يتبق غير معلمي الصنعة الكبار والقليل من أبنائهم.
ويجب أن يهتم هذا الكيان للحرف التراثية بإعادة إحيائها وإنشاء مدارس تدريب تؤهل الخريجين لحرفة تحقق دخلًا كبيرًا لهم وتفتح فرص إنشاء معارض لهذه الحرف داخلية وخارجية، وتخلق أسواقًا لبيع هذه المنتجات وتحتفظ بحقوق ملكية فكرية لهذه المنتجات بتشريعات لحمايتها ووضع علامة تجارية تميزها، حيث غزا السوق الصيني كل أبواب الحرف التراثية ولا يجد السائح منتج مصري صرف يتميز بجودته مع علامة تجارية مع تبنى كل أصحاب الحرف ومعلميها الكبار وإعطائهم الفرصة لتدريب أجيال مع اعتبار الحرف التراثية مصدر كبير للدخل القومي وفتح فرص عمل جديدة.
وكذلك التوسع في إنشاء مراكز معلومات سياحية في كل مكان، حيث تنتشر هذه المراكز في إسبانيا وشاهدها الدكتور ريحان بنفسه وتجول في معظم المواقع عن طريق هذه المراكز التي توفر للسائح كل المعلومات عن المواقع السياحية وكيفية الوصول إليها والخدمات المقدمة بها بأسعارها وتتوافر بها بروشورات مجانية عديدة لكل ما يلزم السائح، وبالتالي فإنه يشجع الأفراد العاديين على الزيارة وييسر للمجموعات سبل التحرك ويوفر لهم المعلومة عن كل شئ وتمتلئ ميادين أسبانيا بهذه المراكز المزدحمة بالسياح دائمًا للحصول على المعلومة .
كما يطالب الدكتور ريحان بتعزيز التعاون العربي في مجال السياحة و تنشيط السياحة البينية بين الدول العربية والاستفادة من الخبرات السياحية لدى مصر والبحث عن الأواصر التاريخية المشتركة، خاصة في سياحة الآثار والسياحة الروحية وتعزيزها والانطلاق عربيًا في مشاريع مشتركة وعمل اتفاقات سياحية لزيارة السائح عدة دول عربية في رحلة واحدة خاصة السعودية والأردن.
وكذلك تنشيط عمل المكاتب السياحية بالخارج ليكون لها دور فعّال للترويج وتكليف مؤهلين علميًا وتقافيًا ولغويًا لها وليس مجرد موظفين ومحاسبتهم على عدد السياح القادمين من الدولة التي يعملون بها ويقترح وجود مستشار سياحي بكل سفارة، خاصة في الدول السياحية مثل فرنسا وإسبانيا وباقي دول أوروبا تكون مهمته مستقلة تمامًا عن المستشار الثقافي الخاص بالبعثات التعليمية ويحدد له برنامج عمل يحاسب على تنفيذه وكذلك فتح أسواق جديدة للسياحة خاصة أسواق أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا ودراسة احتياجات هذه الدول والمقومات السياحية المناسبة لهم وتنميتها.
وأخيرًا، تعزيز مقومات سياحية جديدة غير مستغلة في مصر مثل السياحة النباتية حيث تتميز مصر بزراعات شهيرة تقام لها مهرجانات مثل مهرجان التمور بالوادي الجديد والزراعات العضوية، والتي يقوم بها مستثمرين في مشاريع بنويبع والوادي الجديد بشكل فردي دون تبني الدولة لها ووضعها على خارطة السياحة، وكذلك سياحة كبار السن ولها أهمية كبرى عالمية ولدينا كل المقومات الجاذبة لكبار السن من مواقع استجمام ومناظر رائعة وسياحة ترفيهية وشاطئية وصحراوية مع البيئات السيناوية والمطروحية والوادي الجديد وغيرها.
ويؤكد الدكتور ريحان أن تنفيذ مقترحاته من الممكن أن يصل بمصر إلى 40 مليون سائح على أن تكون الطاقة الفندقية كافية لاستيعاب هذا العدد، وهذا ما يجب أن نعمل عليه من الآن وعودة العمالة المدربة إلى مواقعها والاهتمام بالمرشدين السياحيين وتعويضهم عن فترات الكساد .