الاسرة تروى كيف عاش شنودة حياته معهما اربعة سنوات وكان يقول انا دكتور شنودة فاروق فوزى
الاب: أحنا لقينا الطفل جوه الكنيسة وقولنا ربنا عوضنا به وعوضه بنا الله يسامح اللى كان السبب
الام: كل يوم ح دار الايتام نفسى اشوفه ومش عارفه حتى لو هشتغل خدامه فى الدار
مشهد إنساني يكسر القلوب الطفل شنوده يودع والديه بيده من خلف نافذة الدار الحديدية
الام : شنوده حفظ حروف اللغة العربية بآيات الإنجيل وكان مواظبا بمدارس الاحد
مع منع التبني بمصر كيف يمكن إنقاذ مستقبل الطفل شنودة من الضياع
الطفل شنودة فاروق فوزى بولس ، أسم هز قلوب الجميع وسط حملات باعادته لأسرتها التى تبنته ، ودموع لا تنقطع وسط صرخات ” كونوا رحماء ” ، اتركوا الطفل يعيش فى حياة كريمة وآمنة مع أسرته التى احتضنته و انقذته من الضياع بعد هروب والدته التي تركته داخل الكنيسة خوفا من انكشاف امرها لحملها سفاحا ، ولخوفها عليه وضعته بالكنيسة حتى يتربى داخلها ولذا، كانت رحمة الله أن تعثر عليه أسرة فاروق فوزى بولس الذى يعيش بمنطقة الشرابية بالقاهرة والذى لم يرزق بنعمة الانجاب رغم زواجه منذ 29 عاما .
· تعويض الله
فاروق وزوجته أمال نظرت للطفل الذى لم يكمل أيام ، بانه تعويض الله لهم فالطفل اصبح دون عائلة ولذا فأصبحا هما عائلته ، وقاما بتعميده بكنيستهم ، ونظر الكاهن الذى تنيح منذ شهور أن وضع الطفل سيكون أفضل مع هذه العائلة التى قدمت له كل حب والاحتواء واصبح جزء من قلوبهما ،وكأنه ولد من رحم الزوجة ، ليعيش شنودة فى سعادة وفرح، فكان الزوج والزوجة يسرعان لتحقيق كل احتياجاته ورعايته والحرص على تربيته داخل الكنيسة وهم يشكرون الله فى كل لحظة لانه عوضهما بهذا الطفل ، الذى لم يفارقهما حتى فى نومه فهو لا ينام سوى فى حضنهما ،بل واحيانا يضع رأس والدته ” امال “فى حضنه طوال الوقت ، وهو ينطق باعظم كلمات يسمعها الانسان وهى بابا وماما .
التقينا فى أول ظهور للزوجين بعد أن قمنا بتفجير هذه القضية لنواصل رحلتنا حول مساعى عودة الطفل شنودة لوالديه لتكون أول قضية ولكنها تحمل العشرات من القضايا الاخرى مثيلها ، وهنا دخل الاب ” فاروق ” والدموع فى عينيه ، والهموم تغطى وجه ، وبجواره زوجته النحيفة التى ترتدى ثوب الالم والجروح كأنها تدمى من قلبها وهى فى صدمة لم تستوعبها حتى الان ، وتحمل صورة ابنها على هاتفها تنظر له طوال الوقت ، وهى تنطق بكلمات ممزوجة بالدموع عايزة شنودة حتى لو هروح اشتغل خادمة فى دار الايتام بس يكون قدامى .
· بداية القصة
جلست الام أمال تروى قصتها ” لم نرزق بالانجاب ونشكر الله دائما ، حتى جاء يوم اثناء تواجدنا بالكنيسة ، تم العثور على طفل مولود لا يتجاوز ايام ، واخذناه للكاهن ، وأخبرناه اننا سنتولى تربيته فهو تعويض من الله ، وسوف يكون حياتنا ، لأننا لا نعلم الإجراءات القانونية فبكل حسن نية قمنا باستخراج شهادة ميلاد له واعطيناه لقبنا ، حتى نستطيع تربيته والحاقه بالمدرسة ، وحتى لا يعايره أحد بعد ذلك انه بلا اب أو ام ، وعشنا افضل حياتنا معه ، كنا نتسابق لاحضار افضل الاشياء له ، لم نفارقه حتى فى سريره ، فدائما معا لحظة بلحظة ، قلوبنا تقفز من الفرحة عندما كنا نسمع كلمة ” ماما” .
وتابعت أمال : كنا دائما نذهب للكنيسة وتعلم الألحان ويفرح عندما يحضر القداس ، حتى انه حفظ الحروف العربية على أيات الانجيل مثل الالف ” أنا هو نور العالم ” وحرف الباء ” باركى يا نفسى الرب ” ، وكان يحفظ افلام القديسين على القنوات الدينية ، حتى انه كان يطلب منى ومن ابيه فاروق أن نقف ويقوم بتمثيل مشاهد للقديسين كما يشاهدها ونحن فى فرح كبير ، وعمره يتزايد يوما وراء الاخر ، وخططنا لالحاقه بافضل المدارس ، وايضا الحاقه للتدريب الرياضى على لعبة الكاراتية .
· الصدمة وطمع المال
هنا يقاطع الزوج وهو يصرخ ويضرب بيده على رأسه ” الفلوس عمت النفوس ” واقاربى طعنوني فى قلبى علشان ورثى ومن بنت اختى بالتحديد ، اللى راحت بلغت الشرطة ان الطفل مش ابنى ، ورحت النيابة وحققت فى الموضوع ورحنا الطب الشرعى ، وقلت لرئيس النيابة عايزة يعيش معى وانا معرفش القانون ان طلعت له شهادة ميلاد ، وظل الموضوع حتى شهر فبراير الماضى ، وتم إخلاء سبيلى لحسن النية فى الموضوع ولظروفنا الانسانية ، لكن كانت الصدمة انهم اخذوا شنوده ووضعه فى دار الأيتام .
ظل يبكى الاب وهو يتحدث ” لوطنى ” اضربوني بالنار بس هاتوا شنوده ” كانت أصعب لحظة وهم بياخدوا شنوده منى علشان موظفين التضامن قالوا مينفعش يفضل معى لان فاقد اهليته و أي فاقد الأهلية هو مسلم ، فأخذوا الطفل وغيروا بياناته واسمه الى يوسف ، وقلت لهم خلوها معى قالوا لى مينفعش يعيش طفل مسلم مع اب مسيحى ، ظليت أصرخ انا وزوجتى شغلونا خدامين عندكم بس نشوفه ، الا اخذوه بالقوة وشنودة ظل يصرخ وهو يقول بابا ، ورحت بعدين يومين الدار ، وطلبت اشوفه رفضوا و أنا واقف وامه معى خرج من بعيد شنوده يلوح بيده من خلف الشباك وقلبى بيتقطع وهذه اخر مرة اشاهد فيه ابنى .
وعادت الام وهى تنظر فى صورته ” شنودة نفسيته وحشه وعرفنا انه كان دائما يقول للاطفال هناك انه اسمه الدكتور شنودة فاروق فوزى ، وعلمت من أحد الموظفين أن نفسيته سيئة جدا ، لذا ذهبنا لوزارة التضامن الاجتماعى ، وطالبنا أن نكفله حتى جوه الدار لكن المهم نشوفه ، فكان الرد بالرفض لانهم يريدون أن ينسنا الطفل ، وانا بقول لكل الناس ” شنودة مسيحى وابونا اللى مات كان عارف ده ، وانا دقت على يده صليب منذ الصغر ولا أعلم إذا قاموا بمسحة ام لا ، ولكن إذا كنا غلطنا فى الاول علشان جهلنا بالقانون فبلاش الطفل يدفع الثمن ، حرام شنودة يتحط فى دار ايتام ويشوف أيام صعبة بعد ما كان فى حصننا ، ربنا كان رحوم واعطينا شنوده عوضا عن عدم انجابنا ، ليه البشر قلوبهم حجر ومفيش رحمة بهذا الطفل الملاك اللى مش قادرة اقعد فى بيتى من بعده ورحت قعدت فى مكان اخر ، مش قادرة اتصور البيت من غيره .
· مناشدة رحمة
وناشد الزوجة فى استغاثته من خلال ” وطنى ” الى المسئولين والرئيس عبد الفتاح السيسى ان يعيد له ابنه ، فالانسانية تغطى على القانون ، حتى وان قام بكفالته ، لكنه غير قادر على الحياة دونه ، طالبا الرحمة بالطفل ومستقبله ، وان لا تتركوا مستقبله يضيع بسبب صراع الديانة .
كما مسكت الزوجة بطرف الخيط وهى تعيد الذكريات مع طفلها وتروى لحظات فى بيتها من ضحكات ولعب مع طفلها الذى كان لا يفعل شىء الا وهى معه ، وانه لا يمكن أن يكون القانون قاسى فى إعدام طفل وقلب ام واب سكن فيهما هذا الطفل ، مشيرة هل الافضل له ان يسكن مع أب وأم يقدمون له كل مشاعر وحب ام ان يترك لمصير مجهول وهناك مئات الاطفال بالشوارع لا تجد من ينقذها وهل هذا يكون بسبب القانون ، كما ناشدت المجلس القومى للمرأة ومجلس حقوق الانسان لدعمهما لعودة ابنهم شنودة .
· دعم ومساندة
اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعى التى تساند الطفل شنودة ، وهى تطالب بإعادته لاسرته ، وتتساءل اى قانون يكون بهذه الطريقة أن يخطف طفلا من والديه، ليتم ايداعه فى دار ايتام ، يعانى فيها الكثيرون ، وكم من أزمات ومشكلات وجرائم وقعت فى حق اطفال بعدة ملاجىء للايتام ، وانه لا يمكن أن يتم تعذيب الطفل بحجة انه فاقد اهليته وبالتالى اعتباره مسلما ، و أكدوا أن القضية انسانية وليس لها علاقة بالاديان ، فالاديان وجدت لاجل الرحمة ، فاصنعوا رحمة بهذا الطفل البرىء ، ورحمة بزوج وزوجة يفضلان الموت على العيش دون طفل زرع وسكن فى قلبهما .
· الانسانية
الطفل شنودة فاروق هو نموذج لحالات متكررة تحتاج لاعادة فتح هذا الملف نحو تغير تشريعى يضمن وضع لاطفال حرموا من أسرهم لظروف متعددة ، ولاجل مستقبل أفضل لمجتمعنا حتى يكون مصير هؤلاء فى الشوارع أو استغلالهم بشكل غير مشروع ، فعلينا ننظر لرؤية انسانية جديدة لهؤلاء تمسح بوجود بيئة اسرية لاحتضانهم وسط قواعد واضحة ، بعيدا عن الحسابات أو صراعات تتداخل فيها عدة امور تقوم على التمييز .