تعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه الأيام بعيد النيروز- عيد الشهداء 1739ش- فكم قاسي أجدادنا الأقباط من الاضطهادات ما لم تمر به كنيسة أخري في العالم أثناء حكم الإمبراطورية الرومانية, ولتلك الاضطهادات أسباب عديدة:
منها زيادة انتشار المسيحية شيئا فشيئا عن الديانة الوثنية واستقامة سيرة المسيحيين الأوائل مما كان يثير حسد وحقد الآخرين. وأيضا كانت الإمبراطورية الرومانية تعتبر الدين المسيحي غير شرعي ومن ثم قامت باضطهادات أتباعه.
أما أشهر وأشد الاضطهادات التي وقعت علي الأجداد منذ القرن الأول حتي أوائل القرن الرابع فكانت:
اضطهاد الإمبراطور نيرون (سنة64م) وكان سببه أن نيرون بعدما أحرق روما اتهم المسيحيين بذلك, فكانت سنوات حكمة الأربع وبالا علي المسيحيين في أرجاء الإمبراطورية ومنها مصر.
وقد تفننوا في تعذيب المسيحيين فطرحوهم للسلاب لتنهش أجسادهم وصلبوا البعض وألبسوا البعض الآخر ثيابا مطلية بالقار وجعلوهم مشاعل يستضاء بهم ليلا. وكان نيرون نفسه يسير علي ضوء هذه المشاعل البشرية.
اضطهاد الإمبراطور تراجان (سنة106م) وأمر هذا الإمبراطور الولاة في أرجاء الإمبراطورية بمنع الاجتماعات السرية. ولما كان المسيحيون جرت عادتهم أن يجتمعوا للصلاة في الخفاء هربا من الاضطهادات فقد وقعوا بذلك تحت طائلة القصاص فسامهم الولاة الذل والعذاب الأليم.
من أشهر ما سجله كتاب تاريخ الأمة القبطية-الحلقة الثانية-خلاصة تاريخ المسيحية في مصر-تأليف لجنة التاريخ القبطي- إصدار1932-أن أحد الولاة كتب إلي الإمبراطور رسالة قال فيها:
إن قوما من المسيحيين تعودوا أن يجتمعوا سرا قبل الفجر وترنموا بنشيد أو مزمور للمسيح إلههم ثم يتحالفون ويتعاهدون علي الامتناع عن السرقة والزنا وفعل المنكر ونكث العهود, وبعد أن يأكلوا طعاما يسيرا ينصرفون.
ويقصد بذلك خدمة القداس والتناول من الأسرار الإلهية.
اضطهاد ديسبوس(سنة249 إلي 251م) وفي هذا الاضطهاد نفي أسقف الإسكندرية الأنبا ديونسيوس ولجأ جمع غفير من الأقباط إلي الصحاري.
اضطهاد دقلديانوس(سنة303م) وأمر هذا الطاغية بهدم الكنائس وإحراق الكتب وبالقبض علي الأساقفة والرعاة والزج بهم في غياهب السجون وقهر المسيحيين علي إنكار إيمانهم وقد استشهد في هذا الاضطهاد أعداد هائلة من الأقباط قدرت بـ800 ألف قبطي.
وبالنظر لكثرة الدماء الغالية والأرواح العزيزة التي بذلوها جعل الأقباط تقويمهم من سنة284م وهي السنة التي ارتقي فيها دقلديانوس عرش المملكة واعتبرها السنة الأولي للشهداء.
وكان أول توت يوافق 11 سبتمبر بحساب التقويم الغريغوري.
الملاحظة اللافتة أن غلاف كتابتاريخ الأمة القبطية تصدرته بأعلاه عبارة قررت وزارة المعارف العمومية استعمال هذا الكتاب بمدارسها.