اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الغرب بـأنه “يقوض الثقة في المؤسسات الدولية” ويشجع الاتجاهات السلبية بما في ذلك داخل الأمم المتحدة.
جاء ذلك خلال كلمته في الأسبوع رفيع المستوى، للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابع والسعبين المنعقدة حالياً بالمدينة الأمريكية نيويورك، وقال إن الولايات المتحدة تحاول تحويل العالم كله إلى “فنائها الخلفي”، ومع شركائها، تعاقب المعارضين من وجهة نظرها العالمية، من خلال ما أسماه “عقوبات غير قانونية أحادية الجانب” تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، وتؤذي المواطنين الفقراء في البلدان الفقيرة، تستهدف الأدوية واللقاحات والواردات الغذائية.
وتابع “لافروف”: “اليوم يتم البت في مسألة مستقبل النظام العالمي – وهذا واضح لأي مراقب غير متحيز. السؤال هو: هل نحتاج لنظام عالمي على رأسه قطب واحد يستعبد الآخرين ليمتثلوا إلى قواعده وقواعد استبداده؟ أم نريد نظاما عالميا عادلا وديمقراطيا دون الابتزاز ودون بث الخوف في النفوس من الاستعمار الجديد؟، نحن اخترنا الخيار الثاني، اخترناه مع من يشاركنا هذا الرأي”.
وأعلن “لافروف”، قائلاً: “روسيا تتسأل: من هي الدولة التي تدخلت فيها الولايات المتحدة بالقوة وتحسنت أوضاعُها؟ وقال وزير الخارجية الروسي إن ما بدأ يختفي وأصبح من الماضي هو النظام أحادي القطب الذي يعمل على حساب استغلال موارد آسيا وأمريكيا اللاتينية وأفريقيا، إذ يشهد العالم تشكيل دول ذات سيادة، ومستعدة للدفاع عن المصالح الوطنية، ما يؤدي إلى إقامة نظام متساوٍ متعدد الأقطاب ومتعدد الدعائم، على حد تعبيره.
ولكن واشنطن تريد أن تحرف مسار التاريخ، قال لافروف مستذكرا الحرب الباردة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة نصبت نفسها في ذلك الحين كممثل لله على وجه لأرض دون أن تترتب عليها واجبات بل لها حق العمل بلا حسيب، أينما شاءت، بحق من تشاء، خاصة إن لم تكن الأطراف قد أعجبها ذلك.
وقال إن دولا كثيرة تأثرت بفعل ذلك، متسائلًا: هل منعنا تعليم اللغة الإنجليزية أو لغة أي من الدول الغربية في هذه الدول؟ هل منعنا الإعلام الغربي؟ هل أعلنا أن عرق الأنجلوساكسون أنه عرق دون البشر؟ هل استخدمت أسلحة فتاكة بحقهم؟وسأل المجتمعين في قاعة الجمعية العامة عن نتيجة تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، قائلا: “هل تحسنت حقوق الإنسان؟ هل تحسنت سيادة القانون؟ هل تحسنت الأوضع الاقتصادية والاجتماعية؟ هل تحسنت حياة سكان هذه الدول؟”وطلب منهم تسمية “دولة واحدة تدخلت فيها الولايات المتحدة بالقوة وأدت إلى تحسن حياة من يعيشوا فيها.”وقال إن هناك سعي إلى إعادة نظام القطب الواحد في هذا النموذج -نموذج نظام مبني على أساس القواعد فيه الغرب يستحدث خطوط تماس في كل مكان. إما أن تكون معنا أو أنك ضدنا- ما من خيار ثالث، ما من تنازلات أو حلول وسط.
وقال “لافروف”: إن العملية التي بدأت في فبراير كانت تم تنفيذها لحماية الروس الذين يعيشون في منطقتي دونيتسك ولوهانسك بأوكرانيا، والقضاء على التهديدات للأمن الروسي، الذي نتجت عن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو العسكري بقيادة الولايات المتحدة باستمرار في الإقليم، منذ ما وصفه بـ “الانقلاب الدموي” من قبل “نظام كييف” الحالي، في عام 2014.
وقال “أنا مقتنع بأن أي دولة ذات سيادة وتحترم نفسها ستفعل الشيء نفسه، دولة تتفهم مسؤوليتها تجاه شعبها.” وتابع:” في مواجهة “عجز الدول الغربية عن التفاوض وحرب الحكومة الأوكرانية ضد شعبها في الشرق، لم يكن أمام روسيا خيار سوى شن عملية عسكرية خاصة” وقال وزير الخارجية الروسي إن الأزمات المحيطة بالحرب تتزايد، والوضع الدولي يتدهور بسرعة، ولكن بدلاً من إجراء حوار صادق والبحث عن حل وسطي، يتم توجيه الاتهامات لروسيا.
وأشار إلى ما اسماه “حملة عنيفة من قبل الغرب ضد المعترضين”، مع رؤية الناتو لروسيا على أنها مجرد تهديد لهيمنته على المنطقة وخارجها.، إن رهاب روسيا وصل إلى أبعاد غير مسبوقة، في ظل عدم إخفاء القوى الغربية لطموحها لهزيمة روسيا عسكريا، ومحاولة “تدمير روسيا وتقطيع أوصالها … ما يريدون القيام به هو إزالة كيان جيوسياسي من الخريطة العالمية، والذي أصبح مستقلا تماما”.
وحذر دولا خارج أوروبا وأمريكا الشمالية، من أن التحالف الغربي، في محاولة لفرض إرادته، يسعى إلى توسيع نفوذه وهيمنته في آسيا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، وأنهى كلمته باقتباس من صاحب النفوذ الكبير والشخصية الكاريزمية، الأمين العام الثاني للأمم المتحدة، داغ همرشولد، قائلا: إن الأمم المتحدة لم تنشأ لقيادة الجنس البشري إلى الجنة ولكن لإنقاذ البشرية من الجحيم”.