نظم مركز “بي لمباس” للدراسات القبطية بكنيسة السيدة العذراء مريم بمهمشة، برئاسة نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، اللقاء الشهري المعتاد، بحضور العديد من الباحثين والدكاترة والخدام والمهتمين بالتراث والفنون القبطية حيث استضاف المركز الدكتورة سامية صدقى الحاصلة على دكتوراه في الآثار والعمارة القبطية ومدرس مادة تاريخ الفن القبطى بمعهد الارشيدياكون حبيب جرجس بمهمشة وعضو اللجنة الثقافية وكورسات اعداد الخدام بأسقفية الشباب بالكاتدرائية بالعباسية والذي ألقت محاضرة هامة تحت عنوان” المواد والصناعات في الأديرة القبطية القديمة” وذلك بمقر نيافة الأنبا مارتيروس بكنيسة السيدة العذراء بمهمشة.
بدأ اللقاء بكلمة ألقاها الاستاذ اشرف موريس منسق اللقاءات قدم فيها الدكتورة سامية صدقي من خلال نبذة مختصرة ألقى فيها الضوء على تاريخها العلمي والمهني ثم رحب بالحضور الكريم، متمنيًا لهم الاستمتاع بالمحاضرة الهامة والتي تلقي فيها الدكتورة سامية صدقي الضوء على المواد والصناعات في الأديرة القبطية القديمة.
في البداية، قدمت الدكتورة سامية صدقي تمهيد مختصر عن الأديرة والرهبنة القبطية قالت في:
تفتخر الكنيسة القبطية بأنها الينبوع الروحي لكل رهبانيات العالم والمصدر الرئيسي الذي تفرعت منه كل أشكال الرهبنة الحالية.
وتقف الأديرة القبطية والمغاير والمنشوبيات في صحاري مصر شامخة وشاهدة على العظمة الروحية لأبائنا وأمهاتنا من الرهبان والراهبات. فما هي الرهبنة؟
الرهبنة نظام تعبدى يختص بأفراد او جماعات ارتضت بأختيارها العزلة عن العالم لاشتياقهم الدرجات العليا لحياة الكمال وصفها مار اسحق “الانحلال من الكل للارتباط بالواحد”
فهي بلا شك ليست هروب من العالم ولكنها الخروج خارج اهتمامات العالم.
ولم يذكر الكتاب المقدس كلمة الرهبنة صراحة ولكن قدم لنا بعض الاشخاص فى العهدين القديم والجديد الذين عاشوا حياة البتولية.
وعند ذكر الاديرة يتوقع كثيرون إلى أنها مكان للتعبد فقط لكن عندما نتعرف على الحياة داخل الدير يتضح لنا مدى قوة ونقاوة وجمال هذه الحياه ، ونجد أن الأديرة شاركت فى الحياة العامة وأثرت فيها سواء كانت روحية أو اقتصادية أو اجتماعية ، ولعبت الأديرة برهبانها وراهباتها دورا ملموسا فى تاريخ الكنيسة المصرية بل ونشرت الرهبنة فى العالم كله.
ثم استعرضت الدكتورة سامية صدقى فضل الرهبنة على الكنيسة
أولًا: من الناحية الروحية
من أوضح وأبرز معالم هذا الجانب حياة (القدوة والصلاة) وقد تخطت حياة القدوة هذه حدود الإقليم المصري فنجد أن الكثير من الغرب قد جاءوا إلى مصر وتتلمذوا على يد الآباء الرهبان، ثم نقلوا ذلك إلى الغرب،اما الصلاة فإنه بسبب صلواتهم حفظ الله المسيحية إلى اليوم في مصر، وساندها فى كافة المضايقات والاضطهادات.
ثانيًا: من الناحية الايمانية والعقيدية
لم يكن الآباء البطاركة والأساقفة هم وحدهم الذين يدافعون عن الإيمان، ولكن آباء البرية كان لهم دورًا بارزًا في ذلك،فالانبا انطونيوس لم يخرج من البرية إلا مرتين فقط مرة سنة 311 م. أثناء الاضطهاد ومرة أخرى سنة 338 م. لمساندة الأنبا أثناسيوس ضد الأريوسية.
تراث الآباء الرهبان: أن الآباء الرهبان لهم تراث عظيم وغير محدود من جهة أقوالهم النافعة في كافة المجالات وكذلك فقد كان لهم كتابات في شتى العلوم الدينية واللاهوتية وقد تركوا لنا تراثًا عظيمًا من الكتب والمحفوظات.
ثالثا : من الناحية الرعوية
كانت البرية دائمًا هي السند للكنيسة والنبع الذي يمد الكنيسة بآبائها البطاركة والأساقفة، فقد كانت الكنيسة تختار راعيها من آباء البرية.
كما حددت الدكتورة سامية صدقى ثلاثة أنماط رئيسية للرهبنة والتى ظهرت فى القرنين الثالث والرابع ولا تزال قائمة فى كنيستنا الأرثوذكسية إلى الآن وهي كالآتي:
الأول: رهبنة التوحد أو العزلة الفردية
هذا النظام أسسه القديس الأنبا أنطونيوس وفيه يسكن الراهب منفردًا ويزور الآب عند طلب المشورة ولم يطالب الناسك بأكثر من التقشف والصلاة والعمل اليدوى وله أن ينظم لنفسه صلواته وملابسه وطعامه وعمله وهذا النظام تفرعت منه صور خاصة كالحبساء والسواح.
الثانى: الفردية المترابطة
مؤسسة القديس مكاريوس الكبير في منطقة برية شيهيت
ملامح هذا النظام
1- يعيش الراهب الحياة الفردية فى تناسق مع الجماعة
2- عاش البعض فى قلال منفردين، وبعضهم عاش جماعات، وكانوا يجتمعون مساء كل سبت فى الكنيسة يستمعون لتعليم الشيوخ، ويسبحون حتى الصبح ثم يحضرون القداس ويتناولون الطعام سويًا صباح الأحد.
الثالث : رهبنة الشركة(الرهبنة الديرية)
مؤسسها القديس الأنبا باخوميوس الكبير في صعيد مصر وملامح هذا النظام
1- يعيش الرهبان كجماعة داخل الدير في حياة شركة معا تحت قيادة آب.
2- يصلى الرهبان الصلوات المختلفة مجتمعين.
3- تجمع الرهبان شركة واحدة في الأكل والصلاة.
4- ينقسم الرهبان فى العمل إلى فرق حسب الصناعات والأعمال المختلفة.
كما ذكرت الدكتورة سامية صدقي أهم أسس الرهبنة القبطية وهى
البتولية اى يكون لدي الراهب عفة فى طباعه وكلامه من خلال الصلاة الدائمة
التجرد الفقر الاختيارى، ومن خلال تواجده داخل الدير لا يلجأ الى متع الحياة وما بها بل يكون فقيرا فى شهواته وانكار نفسه والصلاة دائما
الطاعة يكون مطيعا للآباء داخل الدير ولآيات الكتاب المقدس.
العمل اليدوي العمل اليدوي أمر اقتضته التعاليم الدينية، وحاجات المعيشة.
وعن التعاليم الدينية التى حتمت العمل اليدوى، قالت إنها ترجع إلى بداية الخليقة فقد غرس الله لآدم جنة عدن، ووضعه فيها ليعملها ويحفظها(تك 3 :23) وبعد السقوط أخرج الله آدم من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها(تك 3 :19)
وقال الله لأدم “بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود الى الأرض التى أخذت منها” لذلك فالإنسان مخلوق ليعمل بل العمل جزء لايتجزأ من طبيعة الإنسان.
وفى العصر الرسولى، حينما حدثت بدعة بين بعض التسالونيكيين(أهل مدينة تسالونيكي)، حيث اعتقد بعضهم أن نهاية العالم آتية، فاجتمعوا فى الكنائس، وتركوا أعمالهم، وتفرغوا للعبادة، فأنبرى لهم بولس الرسول ينقض بدعتهم، ونادى بقوله المشهور (أن من لا يعمل لا يأكل )، وشرح أهمية العمل في حياة العابد المسيحي فى قوله ” أنتم تعرفون كيف يجب أن يتمثل بنا لأننا لم نسلك بلا ترتيب، ولا أكلنا خبزاً مجاناً من أحد، بل كنا نشتغل بتعب، وكد ليلاً، ونهاراً، لكى لا نثقل على أحد منكم “(2 تس 3 :7 – 8)
وأكد بولس الرسول مرة آخرى أهمية العمل فى رسالته إلى أفسس فى قوله ” أنتم تعلمون أن حاجاتى، وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان ” حيث كان بولس الرسول يعمل فى صناعة الخيام ليكسب عيشه.
وعندما ذهب القديس أنطونيوس إلى الصحراء أرسل الله إليه ملاكاً يعلمه ضفرالخوص، ليحارب الملل، ويأكل من عمل يديه، وظل هكذا إلى يوم نياحته فكان يقوم بعمل السلال من أغصان النخيل لبيعها، وزراعة النباتات ليأكل من عمل يديه وبذلك يكون القديس أنطونيوس أول من وضع أساس العمل اليدوى للرهبان، وحذا حذوه فى هذا رهبان وادى النطرون، وذلك حسب المبادئ المسيحية التي حتمت العمل لسد مطالب الحياة.
وإيضاً نجد )القديس هور) يؤكد أنه منذ دخوله (صحراء نتريا)، وبنائه قلايته التي عاش فيها طيلة حياته، لم يأكل خبز الكسل أو الخبز الذي لم يأت من عمل يديه (الهبات من الزائرين) فالقديس (مكاريوس الكبير) علم تلاميذه طريقة ضفر السعف، والليف لعمل الحبال، وعندما ازداد عدد الرهبان فى كل جماعه، دعت الحاجة إلى الخضر، والفاكهة للغذاء فقام الرهبان بزراعة الأراضي حول صوامعهم، أو في الحديقة التي تتوسط قلالى الرهبان.
(القديس آمون) وتلاميذه الرهبان كسبوا عيشهم من استخراج النطرون وبيعه للقوافل، وإذ انصرف آمون ورهبانه بعيداً عن الفضوليين، وابتعدوا عن الأماكن التي يستخرج منها النطرون أشتغل هو ورهبانه فى عمل الحصروالسلال، وهذا العمل يحتاج إلى مجهود كبير، وصبر طويل لأن قطع أغصان النخيل وأليافه عملية صعبة ثم نقعها فى المياه مدة ليسهل العمل بها، ويلاحظ أن شيوخ الرهبان قاموا بتعليم الرهبان الشباب طريقة العمل اليدوي.
وفى (نتريا) عمل الرهبان فى أفران الخبز، والمطعم وخدمة الرهبان فى مائدة الدير، وتخصص بعضهم فى بناء الصوامع الكبيرة التي استقبلت، وفود الرهبان الجدد، حيث قاموا بجمع سعف، وجريد النخل، والاخشاب، والأحجار اللازمة للبناء، ولم يستثنى أحد من العمل اليدوي إلا الشيوخ، والعجائز، فنجد (الأنبا شنودة)، وهو رئيس الدير عندما انفرد فى جوف الصحراء بعيداً عن الدير، لفترة فى الصلوات، والتأملات لم يهمل العمل اليدوى بل أخذه معه.
وأوضحت أهمية العمل اليدوي فى قول أحد آباء وادى النطرون ينصح أحد الرهبان قائلاً ” أهتم بعمل يديك، مارسه أن أمكنك ليلاً، ونهاراً لكى لا تثقل على أحد، حتى يكون لك ما تعطى المسكين حسب ما أمر به الرسول، ولكى تصرع شيطان الملل، وهو منكب على البطالة”.
أما فى أديرة الصعيد حدث تطور للعمل اليدوي على أيدى القديس (باخوميوس)، والقديس (شنوده)، فلم يقتصر العمل على ضفر الخوص، وصناعة السلال، والحبال، وإنما عمل الرهبان فى نسخ الكتب المقدسة، ورعي الماشية، والري، والزراعة، والحصاد، وأعمال المخازن، مما يوضح أن الأديرة اعتمدت على نفسها فى مواردها، بل وفتح فى الدير فصول لتعليم أطفال القرى القريبة القراءة، والكتابة، والألحان، واللغة القبطية، والكتب المقدسة.
وأيضاً التعهد الذي يتلوه المتقدم للرهبنة، وقت تكريسه وبعد قضاء فترة الاختبار داخل الدير يؤكد على أهمية العمل اليدوى فيقول “التزم بعمل اليدين الذى يوكل إلى، وأحب الكل وأخدم الجميع”.
وعن الرهبنة النسائية أضافت الدكتورة سامية صدقى
بدأت أولا فى البيوت مثل بنات فيلبس المبشر”وكان له أربع بنات عذارى كن يتنبأن” أع 21 : 9 وظهرت بعد ذلك بيوت تعيش فيها العذارى وأودع فيها الأنبا أنطونيوس اخته .
أول من أسس أديرة للعذارى الأنبا باخوميوس أب الشركة أسس دير لأخته وبلغ عدد راهباته 400 راهبة ثم أنشأ ثلاثة اديرة فى أخميم.
يذكر المقريزى فى القرن الخامس عشر أنه وجد فى القاهرة سبعة أديرة للراهبات.
وحددت الدكتورة سامية صدقى عشر مصادر لتأريخ الرهبنة والأديرة القبطية وهى
كتاب “حياة أنطونيوس” بقلم البابا أثناسيوس الرسولى
بالاديوس المؤرخ والأسقف القرن 4 الميلادي
القديس إيرونيموس ( القديس جيروم ) القرن 4 الميلادي
يوحنا كاسيان القرن 4- 5 الميلادي
القديس روفينوس القرن 4- 5 الميلادي
المؤرخ سوزومين القرن 5 الميلادي
المؤرخ الأسقف يوحنا النيقيوسي القرن 7 الميلادى
– الأنبا ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين القرن 10 الميلادي
الشيخ المؤتمن ابو المكارم بن بركات القرن 12 – 13 الميلادي
القس المؤتمن شمس الرئاسة أبو البركات بن كبر القرن 14 الميلادي
مؤرخون من القرن 18 – 19
أميلينو “جغرافية مصر فى العصر القبطى”- الفريد بتلر – إيفلين هوايت
القمص عبد المسيح صليب المسعودي البراموسي “تحفة السائلين فى ذكر أديرة رهبان المصريين” – الأمير عمر طوسون “وادى النطرون ورهبانه وأديرته” – د ايريس المصرى – كامل صالح نخله – يعقوب نخلة روفيله.
وعن أهم الصناعات التي كانت قائمة داخل الأديرة قالت الدكتورة سامية صدقى
قوانين الرهبنة تؤكد ضرورة العمل اليدوي للراهب إعتماداً على الكتاب المقدس الذي يقول من لا يريد أن لا يعمل لا يأكل إيضاً فالراهب يجب أن يعمل ليأكل من عمل يديه، ويستطيع مساعدة المحتاجين.
كان يوجد مهن خاصة بكل منطقة حسب البيئة المحيطة فآباء نتريا كانوا مختصين بغزل الكتان، ونسجة، نظراً لقرب نتريا من حقول الكتان بمنطقة البحيرة، وذلك بخلاف رهبان وادى النطرون الذين اختصوا بعمل السلال، والمقاطف، وحبال الليف من النخيل، والحصير من البردى، فقد كانت الموارد الطبيعية المحلية فى شيهيت تكفى احتياجات الآباء الرهبان، فنسمع قول الأخوة للقديس يوحنا القصير(نشكر الله يا أبانا أنها أمطرت كثيرًا هذه السنة، وقد أرتوى النخيل، وأخرج خوصاً كثيراً فسوف يجد الإخوة ما يكفي عمل أيديهم).
وعندما ذهب الشاب باخوميوس إلى الأنبا بلامون طالباً الرهبنة إجابه قائلاً (نسك الرهبانية فيه خشونه، وتقشف نعمل من العشاء إلى الصباح شغلاً كثيراً بأيدينا إما حبالاً، أوخوصاً، أوليفاً لكى نقاتل النوم، ومن أجل حاجة جسدنا، وإطعام المساكين).
ولكى نتعرف على أهم الصناعات التي كانت قائمة داخل الأديرة وخارجها لابد من دراسة عدة محاور هي:
1- سير القديسين
السير بكل ما تحتويه من أسلوب حياة وتعاليم وتلمذة
مرة زار أحد الإخوة الأب سلوانس في جبل سيناء، فلما رأى الأخوة منكبين على العمل قال للشيخ: “لا تعملوا للطعام البائد أيها الأب، لأن مريم اختارت لها الحظ الصالح”. فقال الشيخ لتلميذه: “اعط الأخ انجيلاً وادخله في قلاية فارغة” ففعل. فلما حانت ساعة الأكل بقى الأخ منتظراً على الباب مترقباً وصول من يسأله المجيء إلى المائدة. فلما لم يدعه أحد، نهض وجاء إلى الشيخ وقال له: “أما أكل الأخوة اليوم يا ابانا؟” أجابه: نعم. فقال له: ولماذا لم تدعني للأكل معهم؟ فأجابه الشيخ “ذلك لأنك روحاني، لست في حاجة إلى طعام، وأما نحن فجسديون نحتاج إلى طعام ولذلك نمارس الأعمال. أما أنت فقد اخترت النصيب الصالح: تقرأ النهار كله، ولا تحتاج إلى أن تأكل طعاماً”. فلما سمع الأخ هذا الكلام خر ساجداً وقال: “اغفر لي يا أبانا” فأجابه الشيخ: “لا شك أن مريم تحتاج إلى مرثا. لأن مريم بمرثا مدحت توضح لنا سير آبائنا الرهبان القديسين أهمية العمل اليدوي وحسبوه أحد الفضائل للأسباب الآتية:
1- لأنه يخفف عن الأخ الثقل والملل.
2- لكي يعد قوته ويعطي ايضاً منه صدقة لآخرين لئلا يجد مجالاً للخروج من قلايته بسبب العوز فيسبب له دالة وخلطة مع العلمانيين.
3- لكي يمنع عن نفسه الشرور التي تتولد من البطالة.
2-المسوحات الأثرية
يوجد مثال لتلك المسوحات الأثرية والجيوفيزيائية (دراسة الخصائص الفيزيائية لطبقات تحت سطح الأرض ومعرفة البنية الجيولوجية) وبقايا النباتات الأثرية (أشكال من البذور والفحم والقش وتحليلها)
فى موقع دير القديس يوحنا القصير بوادى النطرون. استخدام تحليل البقايا النباتية من أجل الآتي:
ا- معرفة الأنشطة المتعلقة بإنتاج، وتجهيز، واستهلاك المواد الغذائية.
ب- تتبع الأنشطة الزراعية التي أنتجت هذه النباتات، والمحاصيل.
ج- التعرف على الأنشطة الاقتصادية للرهبان من تجارة وبيع وشراء احتياجاتهم الغذائية من طعام، ومواد نباتية مستخدمة في الأغراض الطبية، وأعلاف الماشية.
وعرفت الدكتورة سامية صدقى “الأب الأقنوم”
حيث كان لكل دير آب روحى يدبر شؤون الرهبان روحياً، وتحت إشرافه آب مدبر للحاجات الجسدية يسمى(الأقنوم)، وكان معه عدد من الرهبان يعملون تحت رعايته، فكانوا يجمعون من الرهبان عمل إيديهم، وبيعه وشراء لوازم الآباء، وهذا العمل يسمى بالقبطية (الداجونية)، وباليونانية (إيكونومية)، وندعوه اليوم(ربيته)، ونسمع من يوحنا كاسيان أنه تحت رئاسة بافنوتيوس فى شيهيت يوجد (أقنوم) يدعى يوحنا، وكان الأقنوم مسئولاً عن عمل اليدين للرهبان المتوحدين، يستلمه منهم كل أسبوع، ويسجله عنده ويرسله للبيع على قوافل الجمال، ويقوم بشراء احتياجات الآباء، ويوزعها عليهم، كما كان مسئولاً عن المرضى يعتنى بحاجاتهم، ويمرضهم بيديه، وكان مركزه الكنيسة الكبيرة (التى داخل الدير) كما نسمع عن ذلك فى أثناء مرض القديس الأنبا موسى الأسود، وعناية الآب الأقنوم به مدة ثلاث سنوات.
3-النصوص الوثائقية (الإيصالات والعقود)
توجد أدلة وثائقية تعود للقرن السابع الميلادى تبرز سمات الأنشطة الزراعية فى طيبة الغربية والمشاركة الواسعة للأديرة المحلية حيث ساعد الرهبان فى الحصاد والعمليات الأخرى المرتبطة بالزراعة. وتوضح أن الأديرة هى ملاك الأراضى الرئيسيه فى المنطقة، وقد تم توثيق ذلك من خلال مجموعة من النصوص باللغة القبطية مثل
1- عقود البذر والحصاد
2- وثائق القروض على الشعير والزيت وتكون مستحقة بعد الحصاد
3- الرسائل والحسابات المتعلقة بالمنتجات الزراعية
4- الضرائب المفروضة على الأرض
5- عقود أصحاب الممتلكات لبيع الأراضى الزراعية
6- فى الرسائل النصية إشارات إلى المحاصيل ومواد خام للحرف اليدوية.
7- فى حفريات وادى سرجة تم العثور على نص لأقدم تقويم قبطي وهو يرجع للقرنين السادس والسابع الميلادي.
8- مخطوطة يرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر تم العثور عليها فى ادفو وهي الآن فى المتحف القبطي.
هبة توسانة ابنة بسنت ..
توسانة هى سيدة قبطية تقية عاشت فى بلدة جنوب الفيوم، خلال القرن العاشر الميلادى فى زمن حكم الأخشيديين، وقد عرفناها بعد العثور على عقد الهبة الذي وهبت بموجبه أرضًا بمرافقها ومبانيها وحديقتها لديري الملاك غبريال بجبل النقلون ودير شلا المجاور له.
4-الآبار والسواقى والطواحين والمعاصر والأفران
توفر منطقة طيبة الغربية العديد من الأدلة الأثرية على النشاط الزراعى داخل الأديرة فنجد فى دير ابيفانيوس الكثير من بقايا الأدوات الزراعية التي كان يستخدمها الرهبان فى الزراعة مثل (عوارض خشنة، ومراوح لتذرية الحبوب”فصل البذور عن التبن والقشور” وأدوات تتعلق بمعالجة الحبوب، والنول والمنسوجات، والسلال وموادها الخام، بقايا الآلات الرى مثل عجلات الساقية والآواني الفخار التي تعلق فيها”القادوس” وقطع من ذراع الشادوف، بقايا مجموعة من الحبوب والفواكه والخضروات المعروفة من الأدلة النصية. وفي (نتريا) عمل الرهبان فى أفران الخبز، والمطعم وخدمة الرهبان فى مائدة الدير.
فى القرن التاسع زار برية شيهيت الانبا يوساب الأول البابا رقم 52 وامتلأت نفسه عزاء، لأنه وجد الأديرة منتعشة مزدهرة، وعندما وقف على نشاط القس شنودة أبي رهبان هذه البريه، الذي زرع الحدائق، واشترك فى بناء الصوامع للرهبان، وتربية المواشى، وزرع كروما وبني مطاحن للقمح ومعاصر للزيت، وايضا تحيط بشمال الكنيسة الكبرى مزرعه مزدهرة بأنواع مختلفة من الأشجار
وكتب بالليديوس أن نتريا كانت مجهزة بسبعة أفران، ومخابز يتوفر فيها العجين والخبيز، وكانت موزعة باعتبار مخبز لكل عشرة أديرة، ومخبزين للمتوحدين لعمل الخبز لهم. وكل دير كان له حديقة خضروات وفاكهة ومطبخ عام، وهذه الملحقات من مطبخ ومخبز وبيت الضيافة وحديقة ملاصقة للكنيسة.
وايضا فى حفائر الدير الأبيض تم العثور على آبار المياه وحجرة الساقية وأحواض التخزين وشبكة مياه كبيرة فى أنحاء الدير.
وقامت الدكتورة سامية صدقى بإلقاء الضوء على أهم الصناعات الديرية وهى
1-صناعة السلال
تعتبر صناعة السلال من أقدم وأبسط الصناعات التي عرفها الانسان، ولا يحتاج إلى استعمال اى نوع من الآلات بل يستطيع الراهب أن يصلي ويتلو المزامير أثناء العمل.وقد تم اكتشاف عدد تسعة سلال مختلفة الاحجام فى مقبرة مسيحية فى النقلون(الفيوم) ترجع الى القرنين 12-13 الميلادى وايضا تم العثور على بقايا سلال مستديرة فى حفائر دير ابيفانيوس وفى آثار دير اتريبس عثر على أجزاء كثيرة من سلال خوص النخيل ولكن للأسف بحالة غير جيدة.
وهذا العمل يحتاج إلى مجهود كبير، وصبر طويل لأن قطع أغصان النخيل، وأليافه عملية صعبة ثم نقعها فى المياه مدة ليسهل العمل بها(
2-صناعة الحصير
كانت صناعة الحصير من اقدم الصناعات، ولاتزال حتى الان من اهم الصناعات الصغيرة والتى لا تحتاج لأدوات خاصة، وقد عثر على حصائر فى مقبرة مسيحية فى النقلون ترجع إلى القرنين 12-13 الميلادى وقد عثر أيضا فى دير ابيفانيوس بطيبة على بقايا نوعين من الحصير وهما الحصير العادى والحصير المستدير .وفى دير اتريبس وجد بالموقع أجزاء من الحصير مصنوعة من الحلفا المحزومة بعضها ببعض بواسطة الحبال المصنوعة من ليف النخيل وأحيانا من الحلفا.
3-صناعة الحبال
تتلخص صناعة الحبال فى فتل الألياف ، وصنعت الحبال من الكتان والياف الحلفا وليف النخيل الذي كان مستخدما بصفة عامة. وفي دير اتريبس تم العثور على أجزاء كثيرة أثناء الكشف عن هذا الموقع، مما يؤكد قيام هذه الصناعة داخل الدير بصوره واسعه وذلك لاستخدام الحبال فى كثير من الأعمال مثل ربط القواديس فى الساقية لرفع المياه من البئر.
4-صناعة النبيذ
النبيذ هو العصير المخمر للعنب الطازج،كان للنبيذ استخدامات عديدة وهامة بالنسبة للأقتصاد الرهبانى لذلك اهتم الرهبان بتصنيعه داخل الدير فزرعوا الكروم وبنوا المعاصر داخل الدير.
فأستخدم فى الطقوس الدينية (سر الأفخارستيا). وكعلاج لبعض الأمراض. وأيضا كمدفوعات عينية بدلا من الأجور النقدية. فتوجد وثيقة من دير أنبا توماس بوادى سرجة تنص على انه تم دفع جزء من رواتب النجار وتاجر الملح من النبيذ بدل النقود وايضا مدفوعات ثمن الأعلاف الممنوحة للجمال التى تنقل شحنة من النبيذ إلى الدير.
وايضا تم سرد عدد 122 جرة نبيذ فى نقش محفور فى جدار بدير الأنبا إرميا بسقارة لإستخدامة فى الليتورجيا،وتم العثور على الوصفات الطبية التي تتطلب استخدام النبيذ على حائط فى دير الأنبا توماس بوادى سرجة.
وقد عثر على الأمفورات المستخدمة فى تخزين ونقل النبيذ فى كثير من المواقع الأثرية التى كان بها تجمعات رهبانية مثل دير الأنبا أرميا بسقارة ودير أنبا توماس بوادى سرجة ودير القديس ابيفانيوس وفى النقلون وجدت بقايا الأمفورات الخاصة بالنبيذ.
5-صناعة الزيوت
الزيوت من أهم الخامات التي من الضروري تواجدها داخل أي مجتمع رهبانى
استخدمت الزيوت للأكل والطهو مثل زيت بذرة الكتان وزيت السمسم وزيت الزيتون.
كما استخدمت الزيوت كوقود للمسارج مثل زيت الخروع،كما استخدمت الزيوت ايضا لتدهين المسيحيين كجزء هام من طقوس الكنيسة، حيث دخلت فى تصنيع زيت الميرون المقدس كما استخدمت فى بعض الأدويه الطبيه.
وكانت معاصر الزيوت داخل الأديرة من الأحجار يجرها ثور أو حمار مثل معصرة دير القديس الانبا انطونيوس.
6-أعمال الزراعة
تؤكد النصوص المعروفة من منطقة طيبة الغربية كيف لعبت الأديرة دوراً هاماً فى الزراعة، والوثائق التي عثر عليها فى موقع مدينة جيم وخاصة الأوستراكا القبطية من التنقيب فى مدينة هابو والتى تظهر طرق التفاعل للأديرة القبطية مع المنطقة المحيطة، فكان دير فيبامون يستأجر رجال جيمى لعمليات البذر وهذا يوضح أن الأراضى الزراعية التى يمتلكها الدير مساحتها كبيرة وعدد الرهبان لا يكفى كل العمليات الزراعية لذلك كانت بلدة جيم، والمجتمعات المجاورة المصدر الوحيد للعمالة الزراعية داخل الأديرة وهذا يتضح إيضاً من نصوص القروض، والضمانات، والحصص فى المحاصيل الزراعية بين سكان جيم، ورهبان الدير حيث كانت بعض الأديرة تعطي العمالة الزراعية حصة من المحصول بعد الحصاد كأجر للعمل فى مزارع الدير..
ومن النصوص الأدبية القبطية الأكثر صلة بنظرية الزراعة فى مصر ما بعد الفتح الإسلامي نصوص معروفة باسم “تقويمات المزارعين” وهو يوضح تقويمات الأرصاد الجوية، وأهميتها ومدى ارتباطها بالعمليات الزراعية، وهذا لتقويم هو بعينه التقويم المصرى القديم.
ويوجد مجلد مخطوط فى فيينا وهي عبارة عن بعض القصاصات من التقويم القبطي الذي سار عليه المزارعين الأقباط، ويتعلق بالأحداث الفلكية، ونجاح، وفشل المحاصيل الزراعية فى ظل ظروف معينة ويوضح الأوقات المناسبة لزراعة أصناف مختلفة، وكيف يتم الحفاظ على مياه الرى.
7- مهنة نسخ الكتب المقدسة
1- يذكر الأمير عمر طوسون فى كتابة عن وادى النطرون أنه بدير أبي مقار جماعة من النساخ يجيدون رسم الحروف القبطية على أشكال طيور جميلة جذابة المنظر.
2- فى دير الأنبا أنطونيوس كان يوجد نساخ واشهرهم الراهب بطرس الذي يروي أنه كان بالدير مائة راهب يقومون بنساخه الكتب القديمة واختص كل عشرة منهم بنوع خاص من الكتب المقدسة وكان لهم رئيس يشرف على أعمالهم.
3- عثر على مدونة على صفحات احدى المخطوطات القبطية الخاصة بالبصخة مما يؤيد دراية الرهبان التامة بفن نسخ الكتب مثل البابا كيرلس الخامس (القمص يوحنا الناسخ).
وعن صناعة مواد الكتابة قالت الدكتورة سامية صدقي
المواد التي استخدمها الرهبان لنسخ الكتب حيث كان داخل الدير مهنة نسخ الكتب المقدسة وبيعها والنسخ يتم على عدة مراحل بداية كتابة الكلمات المراد نسخها ثم تزيين صفحات الكتاب الداخلية واخيرا تجليد الكتاب . والمواد المستخدمة هي:
1-أرضيات الكتابة أوراق البردى.والرقوق من جلود الحيوانات والأوستراكا قطع من الحجر والشقف قطع من الفخار.
2-الأحبار توجد عدد من المحابر فى المتحف القبطى.
3- الأقلام من السمار والبوص وكان رهبان دير أيبفانيوس بطيبة يستعملون فى القرن السادس الميلادى أقلاما مشقوقة مصنوعة من البوص
ذكر الباحثون أن رهبان «دير أبيفانيوس» بالأقصر كانوا يستعملون ف القرنين 6-7م اقلاما مشقوقة من البوص، ايضا فى اديرة الصعيد تم العثور مجموعة مختلفة من الأقلام المستخدمة فى الكتابة ذات أطوال مختلفة وهى من البوص.
8- صناعة الفخار
صناعة الفخار من أقدم الفنون المصرية والأسرة الفرعونية الأولى هي أول من استخدم العجلة لصنع الجرار الكبيرة فى أوقات متفرقة لكن تم تعميمها فى مصر فى عهد الأسرة الرابعة وتوجد صورة لعجلة الفخار وطريقة استعمالها على جدار مقبرة من عهد الأسرة الخامسة بسقارة.
ويقصد بصناعة الفخار ماصنع من الطين يشكل وهو رطب ثم يقسى بحرقة.
والطين المصري الذي يستخدم فى صنع الفخار نوعان الأول في وادي النيل والدلتا والثاني في بعض جهات الوجه القبلي أهمها محافظة قنا وتشمل عملية صنع الإناء الفخاري على أربع خطوات أساسية هي
عجن الطين – تشكيل الإناء – تجفيف الإناء – حرقة .