“فنزويلا تزدهر من جديد” هي أول كلمة جاءت في تقرير أعدته إليان بطرس، الباحثة بقسم العلاقات الدولية بمركز جسور للدراسات الاستراتيجية، والمتخصصة في الشئون اللاتينية، لافتة إلى أن فنزويلا تعمل منذ عام 2021 على أن ترسخ السلام والاستقرار وبدأت الدولة في طرح مزيد من الحلول الاقتصادية التي ظهرت في طرحها عدد من القوانين الجديدة التي تسرع من عملية الانتعاش الاقتصادي وتجذب مزيد من المستثمرين وتأمن لهم أجواء عمل مناسبة وتوفر كافة الضمانات لهم.
يركز التقرير على قانون جديد أصدرته الحكومة الفنزويلية لمكافحة الحصار الأمريكي عليها. وهو يعد ثاني قانون في هذا الإطار. وكان القانون الأول، وهو قانون مكافحة الحصار، قد هدف إلى إنشاء إطار تنظيمي خاص ومؤقت يوفر للسلطة العامة الفنزويلية أدوات قانونية لمواجهة الحصار الناتج عن التدابير وتخفيفها بطريقة فعالة ومن ثم حماية الشعب الفنزويلي وتخفيف الآثار والتعويض عن الأضرار الناجمة عن الحصار عن طريق توليد الموارد اللازمة وتعزيز الاقتصاد القائم على الإنتاج.
أما القانون الجديد، فتشير إليان بطرس إلى أنه يتيح فرص استثمارية هائلة في مناطق حرة وهو ما سوف يحفز الاستثمارات الأجنبية للدخول في السوق الفنزويلي خاصة وأن الدولة اختارت هذه المناطق الخمس بعناية؛ تلك المناطق هي؛ منطقة باراجوانا الاقتصادية الخاصة في ولاية فالكون، ومنطقة كابيلو الاقتصادية الخاصة في مورون بولاية كارابوبو، والمنطقة الاقتصادية الخاصة لا جويرا، بولاية لا جويرا، المنطقة الاقتصادية الخاصة مارجريتا في ولاية إسبارتا الجديدة، المنطقة الاقتصادية الخاصة بجزيرة لا تورتوجا.
ولفتت الباحثة إلى أن تلك المناطق الخمس هي من أفضل وأغنى المناطق الفنزويلية سواء سياحيًا أو اقتصاديًا إلى جانب غناها بالنفط والألماس والذهب وغيرها من الثروات التي تملكها فنزويلا، مشددة على ضرورة استغلال فنزويلا لمواردها الضخمة بخلاف النفط للارتقاء بالمواطن الفنزويلي وظروفه الاجتماعية خاصة وأنها دولة تستحق أن تكون في المقدمة ولديها ما يميزها وما يدفعها للأمام، لذا سوف نتحدث اليوم عن القانون الجديد الذي أصدرته الدولة لمزيد من الفرص الاستثمارية سواء للاستثمار المحلي أو الأجنبي.
ووفقًا للتقرير فستتضمن تلك المنطقة عدد من الأنشطة هي؛ الصناعة: وتشمل قطاعات إنتاج السلع، والتصنيع، والأعمال التجارية الزراعية الاستراتيجية، والتصدير وإعادة التصدير، والملاحة الجوية، والطاقة في جميع فئاتها؛ والصناعات التكنولوجية: وتشمل تركيب المجمعات التكنولوجية لتطوير وإنتاج أنظمة وأجزاء ومكونات وقطع للاتصالات السلكية واللاسلكية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والتطبيقات وأنظمة الكمبيوتر، وإعادة تدوير النفايات الصلبة والتكنولوجية، وأنشطة البحث والتطوير العلمي في مجال الفضاء الخارجي، وتطوير العلوم والتكنولوجيا العسكرية؛ الخدمات المالية: وتشمل تركيب الخدمات المصرفية والمالية في ظل نظام الضرائب التفضيلية؛ الخدمات غير المالية: وتشمل تركيب وإنتاج القطاعات اللوجستية لتوفير وتصدير الخدمات السياحية والفندقية والترويجية والترفيهية؛ إنتاج الأغذية الزراعية الأولية: ويشمل أنشطة الإنتاج الأولية في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية لأغراض التصدير وتحقيق السيادة الغذائية للبلد.
ويختص قانون الاستثمار الجديد بإنشاء وتنظيم وإدارة وتشغيل المناطق الاقتصادية الخاصة ويتم إنشاء هيئة رقابة وطنية لهذه المناطق الاقتصادية الخاصة تقوم بالأشراف والتفتيش على هذه المناطق، في محاولة لتطبيق هذا القانون بما يتناسب مع هدف الدولة فيما يتعلق بتنشيط الاقتصاد الفنزويلي وإعادة بناء بعض القطاعات وهو ما يخلق حالة من الرواج في فرص العمل لدى المواطن الفنزويلي وما يعود بالنفع على القطاعين المحلي والأجنبي.
وهو يهدف –بحسب التقرير- إلى تنشيط الاقتصاد الوطني والأجنبي وتعزيز إحلال الواردات ونقل التكنولوجيا والمساهمة في الابتكارات التي تخدم سلاسل الإنتاج وتصل إلى الأسواق الدولية وتغيير وجهة الاقتصاد الفنزويلي من اقتصاد ريعي نفطي إلى اقتصاد إنتاجي يعمل في مختلف المجالات عن طريق تنويع وتطوير الصادرات باستخدام المزايا النسبية والتنافسية وخلف فرص جديدة ومصادر عمل أكثر استدامة فيما يتعلق بالإنتاج عن طريق عدد من النقاط أهمها: تطوير نموذج إنتاج وطني جديد، تعزيز النشاط الاقتصادي للمنتج الوطني والأجنبي في الأراضي الوطنية وتعزيز التنمية الصناعية للأمة إلى جانب المساهمة في تنويع اقتصاد الدولة.
يوفر هذا القانون مجموعة من المميزات التفاوضية فيما يتعلق بالضريبة الجمركية والإطار القانوني لها وذلك عن طريق إمكانية استرداد الضريبة التي تحددها السلطة التنفيذية الوطنية على النحو الذي تحدده التشريعات الخاصة بالمسائل الجمركية “لن ينطبق هذا الاسترداد على السلع الاستهلاكية النهائية، أو تلك التي تحل محل الإنتاج الوطني أو تلك التي تؤثر على أهداف استراتيجية إحلال الواردات” وهي ملاحظة غاية في الأهمية فالهدف الأساسي هو تحفيز الإنتاج وتنشيط الاقتصاد وليس إحلال سلع اجنبية محل السلع الوطنية المحلية.
وبالحديث عن أنظمة الصرف سوف تمنح هذه المناطق الاقتصادية بتحويل العملات البنكية والمشفرة بشكل مجاني وسيتم العمل على تعزيز العملة المحلية واستخدام البوليفار مقابل الدولار حتى لا يتم دولاره الاقتصاد الفنزويلي، ويسمح القانون بإمكانية البيع الإلزامي للعملات الأجنبية للمستثمرين المعتمدين. وفى هذا الشأن سينظم النشاط الاقتصادي الذي يتم في المناطق الاقتصادية الخاصة، دون المساس بضمان الوحدة النقدية لجمهورية فنزويلا البوليفارية بسعر الصرف الحر، وكذلك خطط التمويل التي تقدمها المؤسسات المصرفية المتخصصة للتنمية، والاقتصاد الحقيقي والمنتج، وفقًا للوائح الصادرة عن البنك المركزي الفنزويلي ووزارة السلطة الشعبية المختصة بشؤون الاقتصاد والتمويل والتجارة الخارجية.
حرص القانون على تقديم حوافز اقتصادية وضريبية لضمات التسلسل الإنتاجي والضمان القانوني لتحقيق أهداف القانون من تنظيم وتشغيل وإدارة المناطق الاقتصادية الخاصة في فنزويلا والتي تحدد جغرافيا وفق النظام الاجتماعي والاقتصادي الغير تقليدي حسب لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
وبالتالي فإن الكيانات القانونية والسلع والخدمات والأنشطة التي تشكل المناطق الاقتصادية الخاصة، تتولى تنظيمًا خاصًا للضمانات والحوافز والحماية الاقتصادية والمالية والضريبية والقانونية والتجارية، فضلاً عن واجب الالتزام والامتثال للمبادئ التوجيهية والتخطيط والسياسات والقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وقرار إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة، بما في ذلك تلك المتعلقة بمسائل السيادة والاستقلال وتقرير المصير والأمن والدفاع والتنمية الشاملة للأمة، وتصدر عن السلطة التنفيذية الوطنية.
وفى النهاية –والحديث مازال لتقرير مركز جسور- تعهدت الدولة بتسهيل الإجراءات للمستثمرين تيسيرًا عليهم ولضمان سرعة تدفق الاستثمارات داخل الاقتصاد الفنزويلي، حتى يشعر المواطن في فنزويلا أن هناك تقدم ملموس وحتى يعي المستثمر أن هناك جدية من قبل الدولة في تأمين تلك الاستثمارات وأن المستقبل آتي إلى فنزويلا، وأن إمكانياتها تعطيها الأفضلية في تحقيق تقدم واعد، ولكن لابد وأن يكون هناك معاهدات دولية تحمي المستثمرين الأجانب في حال ظهر نزاعات لتفادي تضييق الولايات المتحدة على تلك المناطق واستثماراتها وهو ما سيخلق حالة من الأمان بالنسبة للمستثمرين ويجذب لها المزيد من النشاط والرواج الاقتصادي، وهو ما سوف نتطرق له في سلسلة التقارير الذي يعمل مركز جسور على إعدادها لدراسة كيفية التعاون بين مصر وفنزويلا فيما يتعلق بتبادل الخبرات الاستثمارية والمناطق الاقتصادية الحرة وضرورة الاتجاه نحو هذه المنطقة والعمل على توفير كافة الإمكانيات التي تخدم التعاون بين البلدين وتعزز من اقتصادات الدولتين في مواجهة الظروف الاقتصادية الذي يعاني منها العالم.