يصلي شعب كنائس إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا برعاية نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” أسقف الإيبارشية، نهضات صوم السيدة العذراء مريم، في مختلف كنائس الإيبارشية.
وفي نهضة صوم السيدة العذراء، وعظ أبونا الحبيب والغالي “الراهب المنير” القمص موسي البراموسي، المشرف المسؤول عن ترينتي سنتر في فال دي بوا وكاهن كنيسة الملاك ميخائيل والقديس أبي سيفين مرقوريوس في لافال، قائلا: فرحت جدا وهناك تهافت من الشعب على نوال بركة من “أيقونة” السيدة العذراء مريم، ونحن هنا لا نقول “صورة”، ولكنها “أيقونة”، لأن الصورة عندما تدشن بالميرون، مثل أدوات المذبح، التدشين هنا يعطيها “الحياة”. فكل ما يدشن ويكرس داخل الكنيسة يصبح فيه حياة، ولذا نسمى الكنيسة “الأم”، التي لا نستطيع الحياة بدونها.
أضاف: البعض يفكر في عقله أن هنا سر عظيم ولغز محير، عندما يفكر في السيدة العذراء مريم، حيث أتي منها الخلاص بحلول الروح القدس عليها، فهي السيدة العذراء مريم، أم الرحمة، كما نقول “طوبى للرحماء”. والرحمة هنا مهم أن نفهم معناها وكيف ننفذها عمليا.
“الرحمة” هنا عكس “النعمة”. النعمة هي أن تأخذ شيء .. تستحقه. أما الرحمة فهي أنك لا تأخذ شيء أنت تستحقه، فمثلا كلنا كان محكوم علينا بالموت، لكن الله نزل ليفدينا وليعطينا الحياة الأبدية. “الرحمة” كلمة كثيرا لا نستطيع أن نطبقها أو ننفذها، مثل المغفرة والتسامح. خاصة وأن الكلام شيء والتنفيذ أمر مختلف تماما؟ فلماذا هذا؟
أوضح أبونا الحبيب والغالي “الراهب المنير” القمص موسي البراموسي: “طوبي للرحماء لأنهم يرحمون”، كثيرا لا نغفر لبعض، أو نسامح بعض، على الرغم من أننا في حاجة إلى هذا. ولماذا نأخذ دور الله وقت “الإدانة” فقط للأخرين. ولكننا لا نأخذ هذا الدور في الرحمة والمغفرة والتسامح؟ لماذا لا نكون رحماء مثل إلهنا مع الآخرين؟ كم شخص منا علي خصام مع آخرين، ولا يريد الرحمة والمغفرة، ولنتذكر مثل الدائن. إن تنفيذنا للرحمة والمغفرة سيزيد من قيمتنا لبعض، ولذا فمن المهم أن نغفر لبعضنا البعض.
و”العدل” هنا مهم، لأنه ليس معنى أنني أغفر لك، أنك تظلم الآخرين. إذ أن الصليب له جناحان هما “العدل” و”الرحمة”. ولذا مهم أن ننفذ القانون بالرحمة. وعلي كل طرف في حال الخصام أو الخلاف أن يقدم تنازلات للطرف الآخر.
وللرحمة أوجه كثيره، نسميها “أعمال الرحمة”، خاصة وأن كلمة الرحمة تأتي من كلمة “رحم”، والذي يستقبل الطفل الصغير ويعطيه كل متطلبات “العيش – الحياة” إلي أن يكتمل. ومهم أن يسأل كل واحد فينا: هل يستقبل ويعامل الآخرين من حوله بالرحمة لينموا؟ أم بالقسوة، فنجعلهم نافرين منا؟
لقد تعاملت السيد العذراء مريم بالرحمة مع الجميع، مع السيد المسيح له المجد، وكل منها حولها، بل وحتي مع صالبي ابنها، كانت تغفر لهم. ومن المهم أن نتشبه بالسيدة العذراء في التعامل بالرحمة مع الجميع.
أشار أبونا الحبيب والغالي “الراهب المنير” القمص موسي البراموسي إلي رسالة بولس الرسول في رسالته إلي أهل كولوسي: ” فالبسوا كمختاري الله القديسين أحشاء رأفات، ولطفا، وتواصعا، ووداعة، وطول أناة. محتملين بعضكم بعضا، ومسامحين بعضكم بعضا، إن كان لأحد على أحد شكوى، كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا”. مؤكدا أننا لو أصبحنا رحماء، سنكون قديسين، كما نقول في القداس الإلهي، القديسات للقديسين. ومن المهم أن يجعل كل منا لديه أحشاء رأفة ورحمة ولطف وخير، لكن بحكمة، بحيث لا تهربوا من أعمال الخير. ولذا مهم على كل منا طلب منه الخدمة في الكنيسة، ألا يتنصل من الخدمة بدعوى أن الطريقة لا تناسبه، لأننا نخدم الأطفال وشعب، ومهم أن نظهر أحشاء الرحمة في حياتنا وسلوكياتنا. من المهم أن نكون رحماء ولطفاء كل منا في بيته ومع أسرته ومع المحيطين من حوله. مشددًا على أهم التواضع دون أن تكون الذات هي التي تسير الإنسان، لأن التواضع وجه من أوجه الرحمة، ولذا من المهم أن نكون متضعين بعضنا لبعض. فالتواضع يساعدكم في التخلص من الذات والأنا، وسنكون لطفاء وودعاء ومتواضعين ومسامحين وأصحاب طول أناة مع بعضنا البعض. ثقوا في الله، واعطوه الوقت، لأن الله يعطينا كل شيء في ميعاده، ولنتذكر دائما .. حتى السيد المسيح جاء في ملء الزمان. ثقوا في الله واعطوا الوقت تحصلون علي ما تريدون.
واحتملوا بعضكم بعض .. تعلموا الاحتمال، واذهبوا لأباء اعترافكم، لأن هذا يساعدكم في احتمال أحمالكم .. منا أنه مهم أن الزوج والزوجة يغفران لبعضهما البعض .. مهم الاعتراف بالخطأ علي أن يكون هذا مغلفا بالعقل والرحمة من جانب الزوج والزوجة، حيث استلمها الزوج أمام المذبح المقدس. ربنا يعطيكم آباء وأمهات رحمة، كل سنة وأنتوا طيبين.