أصدر مركز جسور للدراسات الاستراتيجية ورقة تقدير موقف فيما يتعلق بزيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، بقلم الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم دراسات العلاقات الدولية والجيوبوليتيك بمركز جسور للدراسات الاستراتيجية.
أشار الدكتور جهاد في تقريره، إلى أن رحلة بيلوسي تأتي في مرحلة متدنية من العلاقات الأمريكية الصينية، وعلى الرغم من تحذيرات إدارة بايدن من التوقف في تايوان. لم تكن تايوان محطة مدرجة في برنامج زيارة بيلوسي إلى آسيا، لكن التوقف نوقش لأسابيع في الفترة التي سبقت رحلتها. أثار التوقف المحتمل تحذيرات من الصين لإدارة بايدن، والتي أكدت على مخاطر زيارة الجزيرة الديمقراطية المتمتعة بالحكم الذاتي.
ويستعرض التقرير مختلف وجهات النظر الخاصة بالإدارة الامريكية أو الحكومة الصينية حول هذه الزيارة وتداعيتها، ويلقى الضوء على أن بيلوسي لطالما كانت من الصقور ضد الصين في الكونجرس. لقد التقت سابقًا بمعارضين مؤيدين للديمقراطية والدالاي لاما – الزعيم الروحي للتبت المنفى، والذي لا يزال شوكة في خاصرة الحكومة الصينية. كما ساعدت في عرض لافتة باللونين الأبيض والأسود في ميدان تيانانمين ببكين بعد عامين من مذبحة عام 1989، وفي السنوات الأخيرة أعربت عن دعمها للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ.
ويوضح الدكتور عودة، التشابه بين الحرب البيلوبونيسية وما يطرح على الساحة الدولية الآن. وهي حرب يونانية قديمة نشبت بين الحلف الديلي بقيادة أثينا ضد الاتحاد البيلوبونيزي بقيادة أسبرطة.
وكان طرح “فخ ثيوسيديديس” قد أثار جدلًا ساخنًا منذ عام 2013، عندما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ لمجموعة من الضيوف الغربيين: “يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لتجنب فخ ثيوسيديدس”. في وقت لاحق، أوضح البروفيسور جراهام أليسون هذا المفهوم في مقالاته ومحادثاته وكتابه الشهير ” Destined for War: Can America and China Escape Thucydides ‘Trap”.
وقال عودة: “على الرغم من أن الحرب البيلوبونيسية حدثت قبل 2400 عام، إلا أن السيناريو لا يزال يحدث في الوقت الحاضر على الساحة الدولية، وما قاله ثيوسيديديس عن الحرب البيلوبونيسية لا يزال يحدث في السياسة العالمية بين الدول، فهو –ثيوسيديديس- أوضح أن الحرب كانت حتمية لنمو القوة الأثينية ومطلبها النهم للتوسع، والخوف الذي اشعله هذا في أسبرطة.”
وأشار الباحث، إلى أن السياسة الدولية عندما تصبح الدولة قوية وتبدأ في تحدي الدول القوية الأخرى قد يتسبب في حرب مباشرة بين الدول وتسمى بالحرب الوقائية، لبدء حرب لمنع القوة الصاعدة من مهاجمتك والحفاظ على مصالحك وأمنك القومي. في هذه الحالة، كان خوف أسبرطة من صعود أثينا هو السبب في شن أسبرطة حربًا ضد أثينا. إن النظرية الواقعية هي النظرية الأكثر هيمنة في العلاقات الدولية تماثل يشرحه ثيوسيديدس في الحرب البيلوبونيسية بين أثينا وأسبرطة.
ويرد الكاتب على التساؤل “هذا يبدو وكأنه فخ ثيوسيديدس المحتوم، لكن ما هو الحل؟” قائلًا: “من المتصور أن الحرب التجارية هي مجرد علامة تتبع نزاعات عسكرية أكثر شراسة. بصفتهما حتمية تاريخية، يعتقد كل من البروفيسور غراهام أليسون والبروفيسور جوناثان هولسلاج أن التحول الاستراتيجي للقوى الهيكلية بين الصين والولايات المتحدة محكوم عليه بالصراع الذي ظهر بالفعل مما يؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد الجيوبلوتيكي العالمي. في الوقت الحالي، لا تتمتع الصين بالقوة الكافية للتنافس مع الولايات المتحدة بشكل عام و” يمكن أن يظل ميزان القوى في صالح أمريكا لفترة طويلة في المستقبل..” عندئذ يكون من المبرر أن ترغب الولايات المتحدة في كبح نمو الصين الآن. ومع ذلك، فإنني أزعم أن الواقع أكثر تعقيدًا إلا هناك بالفعل طريقة ما لتجنب هذا الفخ “المحتوم”؟!