حالة من القلق تعيشها أسرنا المصرية بعدما كشفت شركة “ديزني” الشهيرة نيتها في تحويل وإنتاج نحو 50% من الشخصيات الكارتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكارتون الخاصة بـ “ديزني” إلى شخصيات مثلية الجنس بنهاية العام الجاري كمحاولة منها لدعم مجتمع المثليين والعابرين والمتحولين جنسيًا ومزدوجي الهوية الجنسية، و هو ما أثار حفيظة الأسر لما رأوه و استشعروه بأن هناك إيقاع سريع لاستهداف أطفال في عمر الزهور و محاولة التأثير عليهم بأفكار غربية، لاسيما، و هم في مرحلة حرجة من تشكل إدراكهم ونموهم البيولوجي.. و ما بين الخوف و الترقب تحركت مشاعر الآباء و الأمهات كي تخطو خطوات لحماية أبنائهم و درء الخطر عنهم، منهم من تلقى صدمة الخبر و بدأ في تداول و نشر فيديو “كيري بورك” رئيس المحتوى الترفيهي لشركة “ديزني” على مواقع التواصل الاجتماعي، و تحديدًا “الفيس بوك” لنشره على نطاق واسع لتحذير و توعية الأسر بأهمية مراقبة أي محتوى قبل مشاهدته للطفل و اتباع سياسة الانتقاء بين ما هو نافع و ما هو ضار و بين ما هو مناسب لعاداتنا و تقاليدنا و قيمنا أم دخيل على ثقافتنا و طبيعة مجتمعنا لتشهد انتقادات واسعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي وكبار الكتاب طالت منصة ديزني بالعربي، متهمين إياها بـ” المساعدة في نشر المثلية الجنسية من خلال بعض الأعمال المعروضة على المنصة “, و آخرون بدأوا بمناداة مقاطعة أي محتوى يصدر عن ” ديزني” , و منهم من يطالب شركات خاصة بصناعة الدراما والأنيمشين بمصر وإنتاج محتوى بديل يستوعب عقلية الطفل و يحتويه بما يراعي قيم و تقاليد وأخلاقيات المجتمع المصري بعيدًا عن تلك الأفكار الدخيلة إلى جانب تخصيص ميزانيات مللائمة لإنشاء قنوات تبث محتوى جيد يجذب أطفالنا بعيدًا عن هذا التوجه المقلق للقنوات العالمية كشركة “ديزني” التي أنتجت الكثير من الشخصيات المشهورة في كل بيت مثل ميكي ماوس، ودونالد دك ، وعلاء الدين وغيرها.
للوقوف على حقيقة الأمر، و هل الأسر محقة في تخوفها، و لأي مدى تخوف الآباء و الامهات يعد انقسام بين من يراه تحولًا خطيرًا يجب أن يصاحبه قلق مشروع وبين من يعتبره وصاية مرفوضة؟ و ما الأجدى لحماية أبنائنا اتباع سياسة المنع أم الانتقاء و المتابعة؟
تقول هالة ميخائيل ( طبيبة ) صدمت حينما علمت بخبر اتجاه “ديزني” و نيتها في إنتاج محتوى بميول مثلية الجنسية , و كأم تخوفت جدًا على أطفالي، و كل همي إزاي أحميهم، و عليه بدأت أتناقش مع الأمهات على جروبات “الفيس بوك” الخاصة بالتربية بأهمية أن يكون لنا دور في حمايتهم و أيضًا لمجتمعنا دور في مواجهة هذا التحول، و حقيقي سعدت جدًا حينما علمت بدراسة مصر منع عرض فيلم الرسوم المتحركة Light year المثير للجدل بعد منع عرضه في عدد من الدول العربية لاحتوائه على مشاهد مثلية رغم تناوله شخصية كرتونية شهيرة ارتبط بها الجمهور العربي والمصري في سلسلة الرسوم المتحركة ” TOY STORY “، حيث يتناول الفيلم قصة حارس الفضاء “باز يطير” الذي ظهر في سلسلة أفلام “ديزني” الشهيرة، وبسبب مشاهد لقبلة بين شخصين من مثلي الجنس ضمن أحداث الفيلم، تم رفض الفيلم في عدة دول رقابيا منها الكويت والبحرين والسعودية .. موقف مشرف من الدولة انتباهها في الحفاظ على قيم وأخلاقيات المجتمع و حماية أبنائها من أي أفكار غريبة.
تذكر رشا أبادير ( ربة منزل ): “أحاول مع زوجي تربية أبنائنا على الأخلاق و أن نغرس في نفوسهم من الصغر القيم الحلوة التي تربينا عليها من أهالينا، بينما الأيام أصبحت صعبة، وحقيقي لا نعرف نلاحق عليهم من أين إلى أين؟، أخاف أمنع عنهم الحاجة ويوصلوا لها من خلال أصحابهم، و هنا الكارثة أنهم يعرفوا حاجة غلط أو معلومة تكون ناقصة و مشوهة، حاسة أنه الأفضل نوعي و نربى أولادنا بشكل صحي يناسب العصر و يناسب سنهم، لذلك ينبغي ألا نستسلم أبدًا لمَّ نمر به ولمَّ نسمعه، لأنه تقع علينا مسؤولية كبيرة تجاه أبنائنا، و هي تنشئتهم بصورة سليمة و بشكل صحي يضمن سلامتهم و حمايتهم من أي خطر، ورأيي أن مشاركتنا في دورات تدريبية متخصصة في مجال التربية الجنسية للأطفال و لمن هم في مرحلة المراهقة , سيساعدنا كثيرَا في توعيتهم لأن تنشئتهم على الثقافة الجنسية ستحميهم من أي أفكار ممكن يتأثروا بها لو اهتمينا و اتناقشنا و تابعنا معهم مشاهدة فيلم أو مسلسل و كان لنا مساحة مشتركة من الحوار و رصيد كبير من الحب , هنا أكيد هننجح في أننا نمر بهم من أي خطر .
يحدثنا أمجد عزمي (مهندس): للأسف ما يحدث تحت اسم الحرية هو انتهاك للحرية، فنسبة المثلية الجنسية في العالم لا تتخطى الـ3% بحسب ما سمعت قبل ذلك ، فكيف نفرض على مجتمعات بأكملها ما لا يتناسب مع ثقافاتها وقيمها؟ الحقيقة اعتمدنا على مدى سنين على “ديزني ” في تسلية أبنائي لكن بعدما سمعت عن توجهاتها خلال الفترة القادمة بدأت أدعو أقاربي و أصدقائي و معارفي إلى مقاطعة منصة ” ديزني بلس ” و كل ما يصدر عنها لمحاولتهم فرض أفكارهم وثقافتهم على المجتمعات بالقوة الناعمة مستغلين أطفال لا حول لهم ولا قوة ما زالت عقولهم تتشكل .. و المشكلة أنني ممكن أتحكم في أولادي و ما يشاهدونه داخل المنزل و لكن الأمور خارج السيطرة خارج المنزل , لذا لابد من وقفة حاسمة لمنع تسلل تلك الثقافات إلى مجتمعنا لحماية أولادنا .
تحدثنا نرمين شكري (موظفة): “المشكلة أن التليفون في يد الأولاد على طول و من صغرهم , و للأسف منقدرش نحرمهم من أن يكون معهم تليفون لأنهم هيحسوا أنهم أقل من أصدقائهم و بالتالي المعادلة صعبة بالنسبة لنا في أننا عايزين أنهم يكونوا زي غيرهم و نحقق لهم كل متطلباتهم في المقابل خائفين عليهم من أنهم يتأثروا بأي أفكار مختلفة عن قيمنا و ما تربينا عليه، و للأسف يرفضوا أننا نشترك معهم في معرفة أي شىء عنهم من باب الخصوصية، وهذا أمر أمر مخيف و مش عارفين نعمل أيه و إزاي نحمي أولادنا من تغول التكنولوجيا و إن مفيش حاجة تؤثر على قيمنا و مبادئنا التي تحفظ أخلاقنا و عاداتنا و تقاليدنا .
تذكر هناء صبري ( مدرسة ) :”سياسة المنع و فرض الأمر في كثير من الأحيان مش هو الحل خاصة في عمر الشباب , لكن بالحوار والمناقشة أقدر أحميهم بشكل غير مباشر.. نحميهم لما نتكلم معهم بصراحة عن الجنس الآخر و يكون في حوار و ثقافة جنسية مشتركة دون خجل أو الهروب من الحديث بحجة الأخلاق، فمن حقهم يعرفوا و بدل ما يبحثوا أو يلجأوا لأصحاب و يعطوهم معلومات مشوهة أو أفكار خاطئة أفضل أننا نقرب منهم و نصارحهم و نشاركهم أفكارهم و نجاوب تساؤلاتهم بما يناسب عمرهم و مش عيب أننا نلجأ لمتخصصين و مسؤولين مشورة لمساعدتنا في الرد عليهم و كيفية مناقشتهم” .
تقول رجاء لطفي (ربة منزل) :”مش عارفين نحمي أولادنا إزاي و محتاجين يكون للمؤسسات التعليمية دور في مساعدتنا لنبذ تلك الأفكار من خلال مناهج تتضمن محتوى خاص بالثقافة الجنسية بما يساعدهم على حماية أنفسهم من أي خطر يمكن أن يتعرضوا له، وأيضًا للمؤسسات الدينية دور في إعداد ندوات للحديث مع الأبناء و الشباب و مناقشتهم فيما يقدم عبر المنصات و شاشات التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي و كيفية الانتقاء بين ما هو مفيد و ما هو ضار و دخيل على قيمنا و أصولنا بما يختلف كلية عن الصورة التي خلقنا الله عليها , و من ثم تكون لنا العين الواعية و المحللة لما يقدم و ما يقال اذا ما شاهدت محتوى جديد و لم أستسلم لأي أفكار تقدم لي، و إنما أشارك غيري في مناقشة ما شهدته داخل أسرتي أو خادم أو أي شخص أثق في رأيه لمساعدتي.
يذكر عادل سمير (أعمال حرة ): الخطورة بالأكثر في حالة تعرض طفل لحادث تحرش أو ما شابه ذلك، هنا ربما تلك الأفكار يمكنها أن تؤثر على ميوله , و عليه على الأسر التنبه لهذا الخطر لضمان سلامة أبنائها.
“السم في العسل”
تقول ياسمين عبد العزيز – مديرة مؤسسة مبادرة علم أم تعلم أمة أن ما أعلنت عنه شركة ” ديزني ” مؤخرًا بتحويل وإنتاج نحو 50% من الشخصيات الكارتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكرتون الخاصة بـ “ديزني” إلى شخصيات مثلية الجنس بنهاية العام الجاري كمحاولة منها لدعم مجتمع المثليين والعابرين والمتحولين جنسيا ومزدوجي الهوية الجنسية , كارثة بكل المقاييس بما يفرض علينا تقوية مناعة أطفالنا ضد هذا الخراب باختلاف طبيعة و خصوصية مجتمعنا المصري, فواهم من يستهين بعقلية الطفل ومدى إدراكه لما يشاهده ومدى تأثره به لتجده يقول “ليس من الطبيعي مجرد فيلم كرتون سيقنع طفل طبيعي بأن يكون مثلي، و من ثم يقلل من خطورة ما نحن مقدمون عليه بعد قرار “ديزني” في ظل ما تنتهجه بعض أسرنا المصرية بانشغالها عن طفلها بالساعات تاركة إياه أمام أفلام الكارتون أو إتاحة الموبايل للطفل من عمر ثلاث سنوات دون أدنى رقابة أو متابعة تحت مسمى المسؤولية و إنجاز المهام لنترك أبنائنا فريسة لمن يتحكم فيهم و يؤثر عليهم بأفكار و ثقافات جديدة و مختلفة.
تضيف عبد العزيز، أن الفطرة قريبة من أن تقرن الجمال بالخير والقبح بالشر، فتأتي أفلام الكرتون السيئة لتقلب المعايير و لتصور الأبطال الإيجابيين بصورة بشعة والأبطال السلبيين بصورة جميلة , و الطفل بفطرته يحب الخير ويكره القبح و يحب الصورة الجميلة و يكره الشر و لكن للأسف مع تصوير البطل الخير قبيح و مع افتعال البطل الشرير في صورة جميلة , ماذا يحدث هنا للطفل ؟ نجده للأسف يكره الخير من أجل قبحه و يحب الشر من أجل جماله .. و الأمثلة كثيرة فيما تقدمه الأفلام الكرتونية منها “إكس مان”، و التي ظهر خلالها الأبطال الخيرون بصورة قبيحة بشعة للغاية ولهم مظاهر مرعبة جدًا ولهم عين واحدة، بينما ظهر الشرير بصورة امرأة جميلة أيضًا فيلم “سبايدر مان” و “البوكيمون” ظهر الشريرون بصورة فتاة جميلة شعرها مصبوغ بلون أحمر وتصعد إلى السماء، وهذه ترويج لفكرة مغلوطة لأن السماء مكان للخير، فكيف يصعد الشر إلى السماء ؟ و غيرها من الأفكار العبثية المراد توصيلها للطفل البرىء في صورة جميلة و كأنه ” السم في العسل ” .
تلقي “عبدالعزيز”، الضوء على نقطة في غاية الأهمية و هي وقوع بعض الأسر في فخ إنشاء صفحات لأبنائهم على “فيس بوك”، و هم في سن صغير , و هو أمر في غاية الخطورة أن نلقى بأبنائنا في أحضان مواقع التواصل الاجتماعي و السماح لهم بالانشغال عنا، و من ثم الانشغال عنهم ليقعوا ضحايا لكل ما يقدم عبر المواقع الإلكترونية و الصفحات بكافة أنواعها وما يقدم من خلالها، وإذا كنا نتحدث عن الأخلاق والحفاظ على ما تبقى من القيم و المبادىء و استعادة ما فقد لابد من الإدراك جيدا بأن يتم إرجاء هذه الخطوة لمرحلة تسمح لها بالتعامل مع التكنولوجيا و عن وعي للتمييز بين الصح و الخطأ.
كما يفترض متابعة ما يعرض في وسائل الإعلام مع توطيد العلاقات مع المدرسة و المدرسين و متابعة الاصدقاء المرافقين للابن أو الابنة و ملاحظة أي تغييرات في السلوكيات من عدمها، فنحن أمام ثلاثة أضلاع من اختيار ما يعرضه الإعلام وإقامة علاقات مع المدرسة بالزيارات الدورية ومراقبة الصحبة بجانب التوجيه الأسري لضمان التوازن , فإذا اختل التوازن في أحد الأضلاع الثلاثة ضاع و تهاوى .
سلاح ذو حدين
تقول هالة عبد القادر – رئيسة المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة لعل المسألة لم تكن بالأمر الهين خاصة و نحن في العطلة الصيفية بما يصعب على كثير من الأسر شغل أوقات فراغ أبنائها بشكل سليم و ليكن الاشتراك في ممارسة رياضة ما أو اشتراكه في كورسات متخصصة لاكتشاف مواهبه و توسيع مداركه إلى جانب اتاحة الفرصة أمامه لتفريغ طاقاته بما يعود بالنفع عليه , ليكون الحل الأسهل هو تشغيل الأفلام الكرتونية يوميًا التي تجذب انتباهم، نظرًا لما تتضمنه من مؤثرات بصرية وسمعية تبهرهم وتأخذهم إلى عالم الخيال , و هنا الإشكالية الأكبر حيث احتواء بعض الأفلام الكرتونية على عنف وعادات سيئة تتسبب في حدوث مشكلات نفسية وسلوكية للأطفال ربما ينمي لديه ميوله العدوانية بما يلزم الأسر التعرف على الآثار الإيجابية والسلبية لأفلام الكرتون على الأطفال .. فمن المعروف أن مشاهدة الأطفال لأفلام الكرتون سلاح ذو حدين لما لها من إيجابيات وسلبيات، و من ثم على الأسرة متابعة المحتوى الذي يعرض لمعرفة تأثيره على أطفالهم و معرفة ما إذا كان محتواه يناسب مرحلتهم العمرية من عدمه .
و بسؤالها هل الأسر محقة في تخوفها و لأي مدى قلقها مشروع ؟ أوضحت “عبد القادر”، أن التخوف أمر طبيعي، و جاء كنتاج طبيعي لأسباب الخلل في أفلام الكرتون و الذي يرجع إلى أمرين , أولها أن هذه الأفلام صنعت لغير بلادنا وفي غير بيئتنا ولثقافة غير ثقافتنا وفىيمجتمعات تختلف عن مجتمعاتنا , صنعها اليابانيون و الأمريكان و الأوروبيون , وأكبَر مراسم الكرتون كانت في اليابان ومن قبلها كانت في شركات “تيرنر، وورنر” في أمريكا، وشركة ” والت ديزني” خلال الفترة الأخيرة .. و بالتالي هذه الشركات جميعها غير عربية ، و من ثم أفلام الكرتون تحاكي ثقافة أصحابها، فهي أنتجت لحاجات الإنسان الغربي و لحاجات الطفل الغربي و لحاجات البيئة الغربية و لحاجات الثقافة الغربية , ولا يخفى أن بيننا وبينهم خلافا ثقافيا و مورثات و عادات و تقاليد مختلفة بما يصعب انعكاس هذه الثقافة أو انتقالها إلينا بدافع العلمانية , فحالة التعري المنتشرة في الغرب لا تجد لها أصولاً في منطقتنا مهما انفتحت المنطقة العربية فلن تصل إلى حالة التعري التي في الغرب، وستبقى محصورة في وسط معين لا يمكن أن تتجاوزه ، أما في الغرب فهي بلا حدود .
تضيف “عبد القادر”، أن المسألة ترجع إلى أن تركيبنا الاجتماعي يختلف عن الغرب تماما ، فنحن لدينا نوع من الانضباط الأخلاقي و هنا لا أقول إن الغرب ليس لديه أخلاق فبالطبع لديه أخلاقا وقيما وإنما له منظومته الأخلاقية التي تصدر عن رؤيته وتصوره ، تماما كما أن لنا منظومة أخلاقية تصدر عن منظورنا ومفهومنا الذي يضبط سلوك الإنسان وعلاقته مع الإنسان، وعلاقة الإنسان مع الله ، والإنسان مع الكون، والإنسان مع الحياة .
الأمر الثاني في أسباب الخلل يكمن في أن الكثير من المؤسسات التي اهتمت بدوبلاج الكارتون وتعريبه ، لم تعرب الأخلاق إذ يأتي الفيلم كما هو في بيئته وتقوم الاستوديوهات في المنطقة العربية بعملية الدبلجة فقط إضافة صوت عربي بدل الصوت الغربي دون التدخل في المحتوى بما يناسب قيمنا و هويتنا و ثقافتنا و عاداتنا و تقاليدنا , و بالتالي تكون مهمتهم تعريب الصوت و ليس تعريب الأخلاق أو الفكرة لتغزونا الأفكار و الثقافات من كل مكان .. و عليه الخلل جاء من ناحيتين : المنشأ بداية ثم عملية الدبلجة والتعريب التي تعد قاصرة.. غير دقيقة و مشوهة فى الغالب لذلك نجد ما نجده من التناقضات بشكل عام.
تشير “عبد القادر”، إلى أنه ربما يمثل التمرد على القيم جزء من الثقافة الغربية، فكل جيل ينبغي أن يتمرد على قيم الأجيال السابقة حتى تتصارع البشرية وتسير في الاتجاه الصحيح حسب ما يتصورون وهكذا يرون الحياة، وقد انعكست هذه الفلسفة على صناعة الكرتون، فتجد في كل أفلام الكرتون تقريبًا إشارة إلى التمرد على القيم السائدة لأن الفضيلة الأولى في الغرب هي الحرية، أما في بلادنا يُعد “العدل” هو الفضيلة الأولى و بناء على ذلك لابد عندهم من التمرد على القيم لأن الحرية تقتضي أن يتخلص الناس من كل قيد، وهذا الأمر لا يناسب بيئتنا، فنحن نقوم بتنشئة أجيالنا على الفضائل و الإحساس بالغير و مراعاة مشاعر الآخرين واحترام الآخر وقبوله، ثم تأتي الذاتية و التفكير في ذاتي, و الإشكالية أن أفلام الكرتون وغيرها من أعمال ” الميديا ” جاءت وفَتحت لنا خروقا واسعة في التربية نتيجة ما تحمله من فيروسات الغزو الثقافي والفكري والاجتماعي.
روشتة العلاج
يقدم الدكتور سمير عبد الفتاح – أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة عين شمس، نصائح للأسر لحماية أبنائها من غزو الثقافات المختلفة و ما نحن مقدمون عليه جراء الأفلام الكرتونية خلال الفترة القادمة، أولها تيقظ الأهالي و متابعة باهتمام كل ما يقدم للطفل لمشاهدته لمعرفة ما إذا كان محتوى يليق بمبادىء و قيم و عادات و تقاليد مجتمعنا التي تربينا عليه من عدمه , و هل من منفعة وراء مشاهدته بدلًا من تضييع الوقت دون جدوى مع الاهتمام بالجلوس مع الطفل ومشاركتهم ما يشاهدونه دون تركه بالساعات بمفرده امام شاشة صغيرة , و ذلك من باب التقارب معهم و مشاركتهم أوقاتهم الحلوة و الحديث معا فيما يشاهدونه و ليكن التأكيد على المفاهيم الإيجابية المقدمة عبر الفيلم أو توضيح له أمر غير لائق أو سلوك سلبي غير محبب للطفل و مناقشته فيما يدور في ذهنه , و عليه هنا يتم قياس المضمون و تقييمه ما إذا كان يعاد مشاهدته ثانية و تكراره أم منعه بطريقة غير مباشرة و استبداله بفيلم كرتوني آخر جذاب ذو رسالة واضحة و محتوى هادف غير قابل للتأويل أو يكون الغرض من ورائه نقل ثقافات وأفكار تختلف عن طبيعتنا .. فسياسة المنع غير عملية لاتباعها و تطبيقها طول الوقت فإذا كانت قابلة للتطبيق مع السن الصغير , كيف يكون الحال في مرحلة المراهقة و الشباب؟ بالتأكيد هذه المرحلة سيصبح لديها حب للاطلاع و الاستكشاف لأن ” الممنوع مرغوب ” و هي قاعدة معروفة و بالتالي الحل في المتابعة و الحوار و التأكيد على المفاهيم و القيم الأصيلة المناسبة لعاداتنا و تقاليدنا لرفض كل ما هو مختلف و دخيل , و تنشئة الطفل على كيفية التمييز بين الصح و الخطأ و سياسة الانتقاء و إلا أقبل كل ما يقدم لي دون تقييمه ما كان يناسبني و يناسب مبادىء و معتقدي من عدمه .. و على الأسر ألا تسمح بمشاهدة طفلها أي رسوم متحركة لا يمكنه فهم محتواها .
ويؤكد الدكتور عبد الفتاح من المهم للغاية متابعة الأهل لسلوك الطفل , هل من تغييرات نفسية أو سلوكية بدأت تتضح في الطفل بعد مشاهدته للفيلم الكرتوني؟ فأحيانا قد نجد ميل الطفل للعدوانية أو ترديده ألفاظ غير لائقة .. كل هذه عوامل أساسية يجب على الأسرة اتخاذها في المقام الأول لحماية أبنائها من أي خطر.
كما يمكن للأسرة الواعية , مشاهدة الفيلم أولا قبل تقديمه للطفل و تقييم أيهما أرجح آثاره الإيجابية أم السلبية؟ و عليه تقرر ما إذا كانت تقبل مشاهدة طفلها للفيلم الكرتونى أم ترفض , ويمكنها فى تقييمها القياس بمعيار مدى تنمية الحس الجمالي من خلال الألوان الزاهية المنتقاة لملابس الشخصيات ومفردات الصورة الخارجية من أشجار ومنازل المدينة وشوارعها أو مفرداتها الداخلية من أثاث منزلي، أيضًا تنمية الحس الجمالي عن طريق الكلمة بالأغاني و الأناشيد والكلمات اللائقة لتصبح لديه أذنًا سماعية إلى جانب اكساب المهارات و الفضائل و حبه للاطلاع , والبعد بقدر الإمكان عن كل ما هو خيالي و غير واقعي و ميل للعنف و الضرب و الإيذاء .
يشدد الدكتور عبد الفتاح، على اهتمام الأسر بتخصيص ساعة واحدة فقط لمشاهدة الكرتون من باب عدم إعطاء الفرصة للطفل الانعزال عن أفراد أسرته و التقوقع حول ذاته و إنما إتاحة مساحة كافية للعب معا و قراءة قصة هادفة بصور ملونة للتقارب و التفاعل بشكل مباشر مع الطفل , فمساحة الحوار هذه ستخلق مساحة للحوار فيما بعد في مراحل عمرية أكثر، لاسيما في مرحلة المراهقة و الشباب بوجود رصيد من التفاهم و الحب .
ويضيف يجب تطوير صناعة الكرتون و أن يكون لدينا محتوى مصري خالص يعزز هويتنا وإنتاج جديد يخاطب الأطفال بأفكار جذابة و يعلمهم ويعرفهم خصوصيتنا الثقافية والوطنية لأننا لا نستطيع منع المنتجات الدولية الأخرى عن الطفل المصري بعدما أصبح العالم بأسره ” بلد واحد ” . أيضًا توسيع دائرة إعلام الطفل من نشر كتب ومطبوعات وقصص ألوان وتسالي، والقصص المصورة والدراما و غيرها . كما يفترض من الهيئة الوطنية للإعلام أن تلزم القنوات التابعة لها بعدد ساعات معينة تخصص للأطفال .