برعاية نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس -أسقف الرعاية والعمران-، أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، تواصل كنائس الإيبارشية في مختلف المدن نهضة صوم السيدة العذراء مريم، أمس الموافق 17 أغسطس، صلى عشية ونهضة صوم السيدة العذراء مريم أبونا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر، القلب النابض للكنيسة كاهن كنيسة مار مرقس مونتريال، صلاة عشية والنهضة وألقى العظة للكلمة الروحية في كنيسة الملاك ميخائيل والقديس أبي سيفين مرقوريوس في لافال، وسط حضور عدد كبير من شعب الكنيسة.
قال أبونا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر: في هذه الأيام المباركة لصوم السيدة العذراء مريم وتذكار رئيس الملائكة ميخائيل، ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها الكنائس في مصر، إلا أننا من المهم أن نعيش الفرح الأبدي، فالسيدة العذراء مريم في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية خصصوا لها كتابات عديدة، وكنيستنا كنيسة تعظم وتمجد السيدة العذراء، لكن لا نعبدها. فكما قال القديس يعقوب السروجي: حواء حملت في كلمة الحية، فأثمرت السقوط والخطية، بينما السيدة العذراء حملت كلمة الحياة، فأثمرت خلاص وحياة البشرية.
– “والدة الإله” لقب أرثوذكسي للسيدة العذراء .. الحوار مع السمائيين
أضاف أبونا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر، القلب النابض للكنيسة كاهن كنيسة مار مرقس مونتريال: أهم سمات السيدة العذراء مريم، الاتضاع، الذي كان مفتاح الخلاص، بدءًا من قبول السيدة العذراء من حوار الصلح، الذي تم بين العذراء والسمائيين ممثلين في الملاك جبرائيل.
وللاتضاع وجهين، بشري وسمائي. ومن المهم أن نقبل نعمة الله، والسيدة العذراء تلاقي عندها الاتضاع، حيث كانت تمثل البستان، الذي حصل فيه الحوار والمصالحة والدخول في المراحم الإلهية مرة أخرى. لقد تطلع الآب من السماء، ولم يجد من يناظرك، لتكون السيدة العذراء إناء خلاص البشرية، ولذا نلقبها “والدة الإله”، وهو لقب أرثوذكسي خالص، ودافعنا عنه منذ قرون ووقفت الكنيسة بصورة قوية، وأخرجنا الآيات من الكتاب المقدس المدللة على هذه الحقيقة، فعندما قالت إليصابات للسيدة العذراء: ” من أين لي هذا أن تأتي إلي أم ربي؟ … فها منذ وقع صوت سلامك في أذني، ارتكض الجنين ابتهاجا في بطني …”.
وقال القديس يعقوب السروجي: عتيق الأيام والعظيم داخل البطن جنينا بينما هو غير محدود، وبذلك صارت مريم أعظم من السموات. مضيفًا أن الاتضاع هو بيت اللاهوت، واينما وجد سكن الله فيه.
أضاف أبونا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر: أن الله انتقي السيدة العذراء، وكان هذا علامة على الوصية والحب، إذ أن قضية الإنسان، القضية العظمى، الأولى والأخيرة، هي قضية الخطية: العبد هو عبد للخطية، فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا. من هنا يتضح لنا أن السيدة العذراء مريم كان اتضاعها في صمتها، وهذا ما تحدث عنه القديس يعقوب السروجي عندما أكن أن الاتضاع في سكون القلب.
– فوضى السوشيال ميديا .. من المهم أن نترك فرصة للقلب ليشعر بوجود الله
وتحدث أبونا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر، القلب النابض للكنيسة كاهن كنيسة مار مرقس مونتريال: في هذه الأيام نجد أن السوشيال ميديا “وسائل التواصل الاجتماعي”، أحدث ضوضاء وانتقادات ومناقشات ليس محلها الفضاء الإلكتروني، لأننا لم نكن نناقشها حتى في منازلنا إذ أن هذا ليس المكان المناسب لها، فيما يتعلق بالقضايا الدينية والروحية وانتقادات وأدان الآباء الكهنة والكنيسة والأمور التي تخص الإيمان والعقيدة، إذ يتم هذا بصورة تغلف بالفوضى بعيدًا عن روح الحكمة، ثم يأتي هذا الإنسان ليطلب الصلاة من أجله، رغم إدانته للآخرين. يا أحبائي من المهم أن نترك فرصة للقلب ليشعر بوجود الله.
والسيد المسيح أكمل الناموس بالطاعة، كما فعلت السيدة العذارء، حيث كانت الطاعة حتى الموت، والطاعة هنا مختلف عن الخضوع الذي يتطلب المناقشة والإقناع طوعا أو غير طوعًا، في حين أن الطاعة لا تتطلب كل هذا. وحول السيد المسيح الضعف إلى قوة ننتصر بها على الضعف، خاصة لكل من يقولون فينا كل شر كاذبين.
وأعطى مثالًا على ذلك بالحرب التي كانت بين الملك حزقيًا (الذي كان يتسم بالتواضع، فكان يلجأ إلى الرب، ويطلب مشورته من خلال شفاعة وصلاة أشعيا النبي) وسنحاريب، وكيف كانت الطاعة سببا في انتصار حزقيًا، حيث أن ملاك الرب قتل الآلاف والآلاف من جيش سنحاريب، لأنه تكلم بالشر والرياء والاتهام، في حين أن شعب الله لم ينطق بكلمة، ولهذا تدخل ملاك الرب وضرب جيش سنحاريب.
-الروح القدس ساكن فيكم .. ومن المهم أن نتزين به في وقت الضيقات .. وكل وقت
أكد أبونا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر، القلب النابض للكنيسة كاهن كنيسة مار مرقس مونتريال خلال عظته في نهضة صوم السيدة العذراء مريم في كنيسة الملاك ميخائيل والقديس أبي سيفين في لافال: من المهم في وقت الضيقات أن نتزين بالروح القدس، والجمال الداخلي، لأن الجمال الخارجي لا دخل لنا فيه، وهو زائل. ولنتذكر كلنا عظمة وصية الله لنا، لأن جمال الروح الداخلي يكون بإرادتنا الحرة، والوصية أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.
ولذا فمن المهم لكل واحد منا أن يحيا في السيد المسيح، ويحب الحياة في السيد المسيح، ويزيل أي عوائق تعيق تدفق أنهار نعمة الروح القدس، ويقلل من الارتباط بالأشياء المادية والذاتية، من خلال مجموعة من التدريبات، يتبعها بإرشاد مع أب الاعتراف، ليعمل فينا الروح القدس، الذي لا يعرفه ولا يدركه العالم، وأما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث وساكن فيكم. ولذا قالوا قديما عين بعين وسن بسن، أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر بالشر، من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر، من سخرك ميلًا واحدًا فاذهب معه اثنين. وقبل أن تحدث الموعظة علي الجبل، كانت السيدة العذراء في اتضاعها وحياتها تمثل الموعظة على الجبل، ولهذا نساء كثيرات نلن مكانة، لكن السيدة العذراء هي الأعظم بين النساء، ولهذا نعظمها ونطوبها في كل حين. بركة صوم السيدة العذراء “أم الإله” تكن معكم جميعا في هذه الأيام المباركة.