لم يخبرنا الكتاب المقدس عن تفاصيل حياتها بدقة إلا أننا نستطيع إستنتاج أن حياة العذراء مريم كانت تسبحة دائمة سواء فى عبادتها أو حتى فى صمتها. لقد كانت تسبحتها التى ترنمت بها “تعظم نفسى الرب و تبتهج روحى بالله مخلصى” (لو٤٦:١) دليلاً دامغاً على أن هذا الفكر المرتب المتسلسل و هذه المشاعر الروحية الحساسة الرقيقة و هذه الكلمات المصطبغة بوحى العهد القديم، كل هذا ينم عن نفس جذورها عميقة متأصلة فى التسبيح فكانت النتيجة التلقائية سكيب النعمة و الامتلاء و هذا هو سر القوة.
كثيراً ما تأخذنا الحماسة لكى ننجز أعظم الأعمال فى حياتنا سواء على مستوى الخدمة الكنسية أو فى أمورنا الشخصية و ننسى أنه “إن لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون. إن لم يحفظ الرب المدينة فباطلاً يسهر الحارس” (مز١:١٢٧)
للشاروبيم ستة أجنحة بإثنين يغطون وجوههم و بإثنين يغطون أرجلهم و خدمة الأربعة اجنحة هذه تشير الى خشوع العبادة و التسبيح و إثنين فقط من الستة يطيرون بهما و هى تشير إلى العمل و الإجتهاد، فإن كنا نحتاج إلى الجهاد و بذل الطاقة فبالأولى كثيرا نحتاج إلى حياة الخشوع و الامتلاء.
إن الله يعدنا بنعم غنية و بركة لا توسع و طاقة لا حصر لها و لكن ليس معنى هذا أن نتواكل، و فى نفس الوقت لا نعتمد على ذواتنا و نعمل بمعزل عن الله، فمهما تكن اهدافنا سامية لن نحرز نجاحاً ما لم نحيا بما قاله نحميا “إله السماء يعطينا النجاح و نحن عبيده نقوم و نبنى” (نح٢٠:٢).