التوازن هو السمة المميزة لهذا العالم, انظر حولك لكل ما يدور في الكون تجد أن الكون بأسره والكوكب الذي نعيش عليه وفصول السنة الأربعة, والماء والهواء والنار والتربة, وتعاقب الليل والنهار, كل ذلك يمضي في توازن تام, إلا نحن بنو الإنسان, في عصرنا هذا نحن في أشد الحاجة لأن نحيا حياة متوازنة, أن نستعيد التوازن في شتي مجالات الحياة, أن التوازن الذي نقصده ليس أنك تتبني استراتيجيات أو سلوكيات جديدة لحياتك, وإنما أن تتبني طرق تفكير جديدة تجعلك توازن بين رغباتك وبين سلوكياتك اليومية, فبإمكانك أن تستخدم هذه المبادئ الخمسة كل يوم حتي تستعيد توازنك كاملا, وتبدأ في الاستمتاع بالعيش حسب الفطرة التي خلقت عليها.
- الموازنة بين الحلم والحقيقة:
إن الرغبة في تحقيق الحلم, وإنجاز الحلم, هما عالمان مختلفان, احرص دائما علي التحرك من عالم الرغبة إلي عالم الإنجاز, من الرائع جدا أن يكون لديك حلما, وأن تستمتع باستخدامك لملكة الخيال التي بداخلك, فإن أعظم الإنجازات التي نراها حولنا لم تكن في بدايتها سوي أحلاما وخيالات في ذهن أصحابها, ثم حولوها إلي واقع من خلال خطة وعمل وجهد ثم إنجاز, احرص علي أن توازن بين أحلامك وسلوكياتك اليومية, أن عالم الواقع له حدود, أما عالم الخيال فلا حدود له, ومن عالم الخيال الذي لاحدود له تنبثق بذور الواقع التي تنمو وتثمر في البيئة المتوازنة داخلك.
- الموازنة بين الأفكار والتصرفات:
أنت السبب في كل ما يحيط بك الآن!! تصرفاتك ما هي إلا نتيجة, أما السبب المسبب لها فهي أفكارك النابعة من داخلك.. من صنعك, ولأن أفكارك من صنعك, فإن كل ما أنت عليه الآن من صنعك, ابدأ اليوم في تحمل المسئولية كاملة لحياتك, وازن ما بين أفكارك وتصرفاتك, لكي تغير ما أنت عليه الآن غير من أفكارك, هناك قانون خطير جدا في التنمية البشرية, ساهم في تغيير حياة الملايين من البشر حول العالم, هو قانون الجذب, ويقول: أيما كان ما تفكر فيه, فسوف ينجذب إليك. اجعل تصرفاتك تتوازن مع أفكارك. إن بغض الناس لك علي تصرف نابع من أفكارك خير من حبهم لك علي تصرفات تتصنع فيها ما ليس لك, إن أكثر ما يهدد بناء الإنسان النفسي وسلامه الداخلي هو أن تتناقض سلوكياته مع مظاهر وجهه ومبادئه المعلنة, احرص دائما أن يكون الخارج يساوي الداخل, عندما تريد أن تغير الخارج ابدأ أولا بتغيير الداخل, ابدأ بالأفكار, وعندئذ سيتبعها تغير السلوكيات بصورة تلقائية.
-الموازنة بين ما تتمناه وما تركز عليه:
وفي هذه النقطة بالذات يخبرنا علماء التنمية البشرية عن قانون يسمي قانون التركيز, وباستخدامك له ستحدث ثورة في حياتك وتتغير تماما, القانون يقول: ركز علي ما تريد وليس علي ما لا تريد. إن أعجب وأغرب مبدأ يسير عليه غالبية البشر إهدار طاقة الحياة في تحقيق ما نبغض وعدم الحفاظ عليها لتحقيق ما نحب, فإننا عندما نضيع طاقاتنا في البحث عن ما لا نحب لا يتبقي لنا طاقة لتحقيق ما نحب, الشيء الذي تركز فيه يكبر ويتسع وينتشر من نفس النوع, قانون التركيز سبب آلاما شديدة للعالم كله ومثال علي ذكل منذ أعلنت أمريكا التركيز علي الإرهاب زادت مشاعر الغضب والكراهية ضد أمريكا مما أسفر عن زيادة نسبة الإرهاب بطريقة مأساوية, نحن يمكننا القضاء علي الإرهاب العالمي, لا من خلال معاداة الإرهاب, ولكن من خلال العمل علي نشر السلام, كانت الأم تريزا تقول دائما: أنا لن اشترك أبدا في مظاهرة تناهض الحروب, لكن إذا كانت هناك مظاهرة تدعو للسلام فأدعوني لها, تريد السلام ركز علي طرق إيجاده وليس علي مواجهة الحروب, وفي وقتنا هذا أيضا كلما ازداد تركيز وسائل الإعلام علي الأزمة الاقتصادية تكون النتيجة هي زيادة تضخم الأزمة الاقتصادية, وفي حياتنا العامة تجد دائما أن الممنوع مرغوب, تعرف لماذا؟ لأنك بتركز فيه!!, إذا كنت تريد الغني ركز علي الغني وليس علي الفقر. إن لم يكن عقلك الباطني مبرمجا علي الغني وعلي النجاح فإن كل ما تعرفه وتتعلمه وتعمله لن يفيدك في الحصول علي ما تريد, من الطبيعي أنك إذا كنت تريد النور ستتجنب أماكن الظلام, كذلك إذا كنت تريد الغني فلتتجنب أماكن الفقر, الأغنياء لهم عالمهم الخاص, استراتيجيات تفكير وسلوكيات, إذا تعلمتها وطبقتها ستحصل علي نفس ما حصلوا عليه.
- الموازنة بين بث مشاعر الحب وافتقارنا لها:
إن الحب والعاطفة شرطان أساسيان لاستمرار الجنس البشري علي الأرض, لأنهما منبع الهدوء النفسي والخارجي, وازن بين الحب الذي بداخلك والحب الذي تهبه للآخرين, احرص علي أن تملأ خزانك الداخلي عن آخره بالحب حتي تستطيع أن تفيض علي الآخرين والحب هو ما يتبقي بعد أن ينفذ رصيد الناس من المشاعر الإنسانية الأخري, يقول فيكتور هوجو: الحب هو أن تحب كل شيء حتي يصير الكون كله في عينيك كمخلوق واحد, كان أحد الأطباء في أمريكا يوصي مرضاه وكل من يمر بضائقة بقوله: عليك بتبادل مشاعر الحب مع الآخرين, فإن الحب شفاء.
- الموازنة بين الروح والمادة:
الحقيقة التي لا يعلمها كثير من الناس هو أن جوهر كل فرد قائم في الأصل علي الروح, لا علي المادة, فالإنسان ليس كائن جسدي يعيش تجربة روحية, بل هو كائن روحي يعيش تجربة جسدية, إن بداخل كل إنسان شخصيتين موكلتين به طوال حياته, فواحدة تحثه علي حب الذات وكثرة الكلام وتلبية الشهوات والحياة بعشوائية, والأخري روحانية خفية كامنة لا تزال تأمره بالخير والتحلي بالحكمة والعيش حياة متوازنة, لكنه للأسف قلما يستمع لها أو يلبي نداءها.