كان السيد المسيح يردد هذه الكلمات عندما يطلب من أي شخص أن يتبعه أو يطبق تعاليمه:إذا أردت أن…, إذ كانت تعبر عن احترامه لإرادة كل إنسان يتقابل معه في تقرير مصيره. فالإرادة الصالحة والمستقيمة والهادفة هي سر النجاح في الحياة, وبها تحلي عظماء العالم من مختلف الفئات علي مر العصور, والذي يخلو منها, لن يحقق أي نجاح, وبمقدار قوة الإرادة يرقي الإنسان ويسمو في طريق الازدهار, جميعنا الآن بحاجة إلي هذه الإرادة في عالم مشحون بأزمات الحياة لكي نعبرها ونتغلب عليها بسلام وآمان, حتي لا تدهسنا عجلة الزمان. يحكي أن مواطنا أمريكيا تعود علي شرب الخمر حتي السكر وكان يعود إلي منزله كل ليلة وهو في هذه الحالة المهينة, وفي إحدي الليالي حدث ما لم يتوقعه أفراد أسرته, وهو أنه رجع المنزل هذه المرة دون أن يسكر حتي أنه كان في كامل وعيه, وعندما دخل عليهم ورأوه, بدأوا في الهروب من وجهه يمينا ويسارا والرعب يتملكهم بسبب وجوده, لأنهم كانوا متوقعين رد فعله العنيف كالعادة, كل هذا جعله يعود إلي ذاته ضاربا بيده علي رأسه ووجنتيه قائلا:هذه هي مكانتي عند عائلتي واحترامها لي؟ ومنذ تلك اللحظة أقسم ألا يعود مرة أخري إلي هذه العادة المشينة, ثم عزم عزما صادقا وبإرادة التحدي أن يتجند في الجيش ليتبع النظام الصارم, وأخذ يتدرج في الترقيات حتي أصبح القائد الأعلي للجيوش في حرب الاستقلال الأمريكي, إلي أن تم انتخابه رئيسا للولايات المتحدة اعترافا بجميله(1868-1878), وكان اسمه الجنرال يوليسيس جرانت, نتعلم من هذا الدرس الواقعي أن الإنسان يكفيه أن يكون لديه الإرادة القوية مع عزة النفس حتي يسمو في تصرفاته اليومية ويكسب احترام أسرته وأصدقائه والمجتمع وذاته. والإرادة القوية هي أهم عنصر في تكوين شخصية الإنسان, وهذا لا يتعارض مع الحوار الصادق ومناقشة الأمور وحلولها قبل أن يصمم علي عمل ما أو يقوم بتحقيق إرادته, كل هذا يحتاج إلي الصبر والمثابرة والهدوء والشجاعة والثبات, ونجد أمثلة عديدة في الكتاب المقدس للذين تركوا جياتهم الماضية بكا ما فيها من خطايا وسلبيات وتبعوا السيد المسيح. والإنسان بإرادته يشق طريقه إلي النجاح,لأن الإرادة تحتاج إلي التفكير, ثم القرار, ويعقبهما العمل بكل دقة وثبات دون تردد أو تراخ.ومن يحدد أهدافه ويعقد العزم علي تحقيقها لايعير أهمية لما يحاكي له, أو يقال عنه من سلبيات وإيجابيات, كما أنه لايتأثر بمغريات الحياة, لأن الإرادة القوية لا تعرف المستحيل, وكما يتغني أمير الشعراء:وإذا الشعب يوما أراد الحياة…فلابد أن يستجيب القدر كم من السلبيات والعادات السيئة في معترك حياتنا, نحن بحاجة إلي عزيمة وإرادة صالحة للتخلص منها؟في هذا الصدد نجد داود النبي ينير أذهاننا وأفكارنا عندما يحثنا قائلا:انتظر الرب .تقوي وليشجع قلبك, وانتظر الرب دائما(مز26:14) نستطيع أن نكتشف الطرق والأساليب التي تساعد علي تحقيق إرادتنا فهي تتلخص في:
*التعود علي القيام بالواجبات اليومية بكل صدق وأمانة وإتقان وإخلاص.
*أن نتحلي بالصبر مهما واجهنا من صعوبات ومشقات أو شدائد, ونسعي لمجابهتها بشجاعة.
*أن نتبع طريق الخير والحق والعدل وعدم الحيد عنه مهما كلفنا الأمر.
*أن ننفذ ونطبق في الحال دون تردد وبكل شجاعة وإصدار مانراه صوابا وخيرا. وكما يقول المثل المأثور:إذا صمم إنسان علي النجاح ,فلا شيء في الدنيا محال, فالإرادة الصالحة والهادفة تنسف الصعاب وتدفع الإنسان إلي النمو والازدهار فلا شيء يصعب عليها وما من مستحيل يعوقها لكنها تتقوي بالعمل والتدريب, فمن يريد مستقبلا باسما مزدهرا, وعيشا هنيئا, ونجاحا في كل ما يباشر, عليه أن يلجأ يوميا إلي ما يقوي فيه الإرادة. مما لاشك فيه أن شباب اليوم بحاجة إلي قوة الإرادة هذه تنبع من الطاعة لكل من هو أكبر منهم بكل وعي وحب, في حين أن الشخص الذي يسرع وراء الحرية والاستقلال بذاته قبل أن يصل إلي مرحلة النضوج, لن يصبح رجلا كما يتوقع ويتمني, لأن الطفل كالنبتة التي تربط إلي وتد, مما لاشك فيه يضايقها هذا الرباط لأنه يكبل حريتها, ولكنه يساعدها علي النمو مستقيمة لتصبح يانعة. ونختم بكلمات الكاتب إرناسا لنويدجر,لا شئ يستحيل فهمه, ولا شئ نفهمه يستحيل تنفيذه, ولا شيء ننفذه يستحيل نجاحه.