بالرغم من ممارستي للرياضة في المنزل طوال فترة الحظر السابقة، إلا أن وزني قد زاد نتيجة عدم ممارسة تمارين الكارديو، فضلًا عن عدم ممارستي لتمارين بمستويات عالية نظرًا لقيامي بالتمارين داخل المنزل، لذا راودتني مؤخرًا أفكار عن شراء دراجة هوائية.
ولمن لا يعرف؛ فتمارين الكارديو أو التمارين الهوائية أو القلبية، هي تمارين رياضية تتطلّب ضخّ الدم من القلب لتوصيل الأكسجين إلى العضلات التي تمارس جهدًا حركيًا، وبذلك فهي تحفز معدّل ضربات القلب، والتنفس طوال فترة التمرين، كما أنَّها توفر كميّةً كبيرةً من الأكسجين الذي يُستخدم لحرق الدهون والكربوهيدرات كوقودٍ للجسم.
وتتعدد فوائد تمارين الكارديو، فهي تساعد على تقليل الوزن، زيادة اللياقة البدنية والقوة والقدرة على التحمل، تجنب الأمراض الفيروسية مثل الزكام والأنفلونزا، تقليل المخاطر الصحية كالسكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، السيطرة على الأمراض المزمنة، تقوية القلب وتحسين أدائه، الحرص على عدم انسداد الشرايين، حيث تعزز التمارين الهوائية البروتين الدهني مرتفع الكثافة (الكوليسترول المفيد) وتقلل من البروتين الدهني منخفض الكثافة (الكوليسترول الضار) وقد يؤدي ذلك إلى تراكم أقل للويحات الموجودة في الشرايين، تحسين الحالة المزاجية.
كان والدي –رحمه الله- قد أهداني عند حصولي على الشهادة الابتدائية دراجة هوائية وتعلمت عبرها ركوب الدراجات وقيادتها، لذا كنت على علم مسبق بتلك الرياضة الجميلة.
وعندما زادت أسعار المحروقات أصبح للأمر بعدًا اقتصاديًا، فنويت شراء دراجة هوائية ذات سرعات متعددة لأتمكن من التحرر من وسائل المواصلات.
حاول البعض أن يثنوني عن تلك الفكرة طارحين فكرة بديلة أن اشتري دراجة بخارية لتكون أكثر فاعلية عند اقتطاع مسافات كبيرة، لكن ارتفاع سعر المحروقات جعلني أرفض تلك الفكرة البديلة واتمسك بفكرتي الأصلية وهو شراء دراجة هوائية. وقد ترسخ في ذهني الأهداف النهائية من شراءها وهي؛ تقليل الوزن، وتحسين حالة القلب، تقليل المخاطر الصحية وتحسين الحالة النفسية خاصة في وجود توترات وتقلبات سياسية واقتصادية عالمية، زيادة اللياقة البدنية، وتقليل الاعتماد على المواصلات التي تعمل بالمحروقات.
عند شرائي الدراجة، اشتريت ذلك النوع الذي يمكن طيه، حتى استطيع تخزينها في أي مكان أو حتى حملها في حال عدم وجود مكان آمن لـ”ركنها”.
وفي نفس اليوم قمت بالتجول بها في الشوارع الداخلية لحي شبرا وكانت التجربة لطيفة ولم تحتوي على أي سلبيات.
بعد ذلك اشتريت درع شفاف للوجه face shield كبديل للكمامة اتقاءً لفيروس كورونا المستجد.
وفي أول تجربة لاقتطاع مسافة طويلة كان يوم شديد القيظ، وكان الدرع الشفاف يعمل كأنه صوبة فزاد من معاناتي من الحر واضطررت في بداية الرحلة أن انتزعه آسفًا. وبالطبع لم تكن تصلح الكمامة العادية اتقاءً للحوادث التي قد تصيبني جراء صعوبة التنفس من خلالها، فأنا –أثناء ركوبي الدراجة- أقوم فعليًا بممارسة رياضة، وقد حدث أن مارس العديدون الرياضة مرتدين الكمامة العادية فحدث لهم أزمات ودخل بعضهم المستشفى.
كانت سعادتي أكبر من أن تُوصف؛ وهو ما انعكس على أدائي فتحركت الدراجة بسرعة كبيرة وكدت أن أقوم بعدة حوادث لكن استطعت في كل مرة أن أتوقف قبل وقوع الحادثة بثوانٍ.
وقد بدا أن جسمي كان بالفعل في أشد الاحتياج للكارديو، فكان قلبي يئن من الوجع مما اضطرني أن أتوقف للاستراحة في بين الحين والآخر.
خلال الرحلة بدا على العديد سعادتهم بما أقوم به وقاموا بتشجيعي، وتبادل معي بعض الشباب المعلومات حول قيادة الدراجة في الزحام والسبل الأمثل لذلك، وتأثير الدراجات الإيجابي على صحة القلب.
وخلال تلك الرحلة، خرجت من حي شبرا وذهبت حتى شارع 26 يوليو بمنطقة وسط البلد ثم عدت ثانيةً لأتجول في الحي الذي أقطن به.
وعندما عدت إلى المنزل كنت أشعر بنشاط رغم آلام جسدي. لكني لم أستطع تكرار تلك التجربة لعدة أيام بعد ذلك.
بعد ذلك بعد أيام قمت بالتجربة الثاني لقطع مسافة طويلة؛ تلك المرة كانت داخل حي شبرا نفسه، وتحديدًا من منطقة مسرة حتى سانت تريزا. وفي تلك التجربة لم أشعر بآلام في الصدر أو القلب كالسابق مما يدل على استجابة الجسم وتحسن حالة القلب. وزادت قدرتي على تفادي المفاجآت والتعامل مع الزحام. وبالرغم من أن الموقف لم يكن هينًا لكنه لم يكن صعبًا أيضًا.
وحتى كتابة تلك السطور، فأنا لست مستعدًا لاستخدام دراجتي في كافة تحركاتي، فحتى تلك اللحظة التي أكتب فيها مقالي فأنا اعتمد على الدراجة في اقتطاع مسافات على تتعدى أربعة محطات. كما أني لا استطيع استخدام الدراجة ليومين متتاليين. لكني أعتقد أني أستطيع في يومًا ما استخدام الدراجة في كافة تحركاتي، وخاصةً بعد مناقشتي للعديد من مستخدمي الدراجات والذين أكدوا أنهم اعتمدوا عليها بشكل كلي في كافة رحلاتهم وتحركاتهم.
وبالمقارنة بين الفوائد التي يحصل عليها الشخص من استخدام الدراجة؛ فيمكن القول أنها مفيدة جدًا؛ فهي تحسن حالة الجسم بشكل عام وتحسن حالة القلب بشكل خاص، وتوفر المال، وتقلل من الاعتماد على المحروقات وبذلك فهي صديقة للبيئة وبالتالي فهي صديقة للإنسان. فالإنسان هو ابن البيئة وإن تضررت البيئة تضرر الإنسان؛ وأبرز مثال لنا هو الاحتباس الحراري الذي يعاني منه المصريون والبشر كافة.