يوجه مبدأ الملكية الوطنية جميع أنشطة الأمم المتحدة في البلاد المنكوبة، وينسحب المبدأ على ليبيا. التي يتم تجديد ولاية البعثة الخاصة للامم المتحدة فيها منذ عام 2011، بعد الاضطرابات التي شهدتها ليبيا، هذه البعثة “اونسيمل” تخضع لقيادة ممثل خاص للأمين العام بدعم من نائب للممثل الخاص للأمين العام فيما تقوم إدارة الشؤون السياسية التابعة للأمم المتحدة بالإشراف على البعثة حيث تقدم لها الإرشاد والمساعدة التنفيذية.وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بعثة سياسية خاصة متكاملة، تقوم بممارسة الوساطة والمساعي الحميدة لدعم تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، وتعزيز الحكم الرشيد والأمن والترتيبات الأمنية لحكومة الوفاق الوطني والمراحل اللاحقة في عملية الانتقال الليبي تم إنشاؤها في 16 سبتمبر 2011 بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2009 (2011) بناء على طلب من السلطات الليبية لدعم السلطات الانتقالية الجديدة في البلاد، بعد الثورة على القذافي واغتياله، لكن عمل البعثة يتعثر بسبب استمرار الانقسامات السياسية المستمرة، بما فيها أزمة المؤسسات التنفيذية والسيادية، من أمد احتقان المشهد الأمني في طرابلس والمناطق المحيطة بها.
وتتزايد مخاطر التصعيد في الوقت الذي تستمر فيه المجموعات المسلحة في التحشيد، كما أن الاشتباكات المسلحة في طرابلس التي اندلعت ليلة 21 يوليو الجاري، وكذلك المناوشات التي اندلعت في مصراتة في 23 يوليو الجاري بين المجموعات المسلحة عقدت الامور، ورغم دعوة الأمم المتحدة والبعثة لجميع الأطراف بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والبني التحتية المدنية. إلا ان الامور لا تنضبط، وبالرغم من ذلك وبسبب الخلاف الروسي الأمريكي حول تعيين رئيس جديد للبعثة، يستمر مجلس الأمن في تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لمدد قصيرة جداً لا يمكن معها اتمام المهمات المخولة لها.
وتسعي البعثة في جهودها خلال مرحلة ما بعد النزاع. وقام مجلس الأمن بتعديل ولاية البعثة وتمديدها من خلال قرارات متعدة، كان آخرها اليوم الجمعة، حيث قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية (أونسميل) لمدة ثلاثة أشهر، أي حتى تشرين أكتوبر 2022. لكي تنفذ الولاية المنوطة بها على النحو المبيّن في القرار 2542 (2020) والفقرة 16 من القرار 2570 (2021) لمجلس الأمن، وجاء قرار التمديد بموافقة 12 من الأعضاء وامتناع جابون وكينيا وغانا عن التصويت.
يتمحور الخلاف حول اشتراط موسكو تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا، حتى أن روسيا هددت باستخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار الأساسي الذي كان مقترحا، وبطرح مشروع قرار مضاد كان على الأرجح سيواجه بدوره بفيتو أمريكي. بينما تتمسك واشنطن ببقاء الأمريكية ستيفاني وليامز على رأس هذه البعثة بالإنابة. والتي تولت الرئاسة بعد ان استقال رئيس البعثة السابق السلوفاكي يان كوبيش فجأة من رئاسة البعثة في نوفمبر الماضي في خطوة عزتها مصادر دبلوماسية إلى خلافات بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بشأن العملية الانتخابية في ليبيا.
وكانت روسيا تقدمت بمشروع قرار ينص على أن “يسمي الأمين العام مبعوثا دون مزيد من التأخير”، كما ينص على تمديد ولاية البعثة حتى 30 أبريل فقط ريثما يتضح الوضع السياسي في ليبيا.، وكان، ومنذ استقالة كوبيش، تشغل وليامز منصبه بالإنابة، إذ إن الأمين العام للأمم المتحدة استدعاها بعد عام تقريبا من غيابها عن هذا الملف لاستلامه مجددا، ومنحها رسميا منصب “مستشارة خاصة”، ما أغناه عن موافقة مجلس الأمن على اختيار الشخص وهو قرار ذو حساسية منذ سنوات بسبب صراعات النفوذ التي تخوضها القوى العظمى في الملف الليبي.
لذلك جاء قرار مجلس الامن الاخير لتمديد ولاية “اونسيمل” متضمنا مناشدة بالأمين العام، أنطونيو جوتيريش، أن يعيّن على وجه السرعة ممثلا خاصا للأمين العام. كما يطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى مجلس الأمن كل 30 يوما تقريرا عن تنفيذ هذا القرار. وبينما أعربت المملكة المتحدة، حاملة القلم، ” المسوؤلة انسانياً” عن مشاركة الدول الأفريقية الثلاث إحباطها بسبب قصر مدة الولاية، وقالت مندوبة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد بعد التصويت: “إن امتناعها عن التصويت مفهوم، أخذا بالاعتبار رفض روسيا الانضمام إلى توافق الآراء بشأن مقترحاتنا لولاية أطول لأونسميل.” وأضافت أن النهج الروسي يتعارض مع ما تطلبه ليبيا والمنطقة والأمم المتحدة.، وأشارت إلى أن إيجاد مرشح ليتسلم منصب الممثل الخاص للأمين العام ليس بالمهمة السهلة، “ندعو جميع أصحاب المصلحة المعنيين، بمن فيهم المجلس، أن يتبعوا نهجا بنّاء ومرنا لتمكين تعيين سريع.”
من جانبه، قال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، إن بلاده دعمت مشروع القرار لأنه مثّل “التسوية الوحيدة الممكنة” للجميع في هذه المرحلة. وتابع : “نصرّ على أن يقدم أنطونيو جوتيريش على الفور – للموافقة اللاحقة من قبل أعضاء مجلس الأمن – مرشحا جديرا وموثوقا لمنصب ممثله الخاص في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.”مشيراً إلى أن الوثيقة الحالية تعيد التأكيد على الرسالة الواضحة بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في هذا الصدد.
واعتبر المسؤول الروسي أن بقاء المستشارة الخاصة للأمين العام، ستيفاني وليامز، “التي لا تتمتع بتفويض مناسب من مجلس الأمن في منصبها غير مبرر” -حسب قوله- على الرغم من التأكيدات على أن تعيينها كان تدبيرا مؤقتا.وفي سبتمبر من العام الماضي، تم إطلاع المجلس مرارا وتكرارا على “الآثار المدمّرة” التي تحملها الولايات القصيرة على قدرة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على تنفيذ ولايتها بفعالية، بحسب مندوب كينيا الدائم لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني. فالتواريخ السابقة للتجديد تشير انه غير كافي ويعد التمديد الحالي الخامس من نوعه على التوالي لولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. حيث تم من قبل في أربع مناسبات: 15 سبتمبر 2021؛ 30 سبتمبر 2021، 31 يناير 2022؛ و29 أبريل 2022، حيث فشل مجلس الأمن مرتين في اعتماد نص يحتوي على تغييرات جوهرية، بدلا من تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الحالية، أولا لمدة أسبوعين سبتمبر 2021
حتى 30 سبتمبر 2021 ثم لمدة أربعة أشهر 31 يناير، ثم ثلاثة أشهر حتى 31 يوليو الحالي
خيبة أمل
من جانبها قالت السفيرة ليندا توماس-جرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة:” القرار يتضمن لغة قوية تدعم العملية السياسية وضمانات بالإدارة الشفافة لإيرادات النفط بما يعود بالفائدة على جميع أبناء الشعب الليبي.إلا اننا نشعر بخيبة الأمل فمرة أخرى هذا المجلس أجبر على قبول تمديد الولاية لمدة ثلاثة أشهر.”
وأوضحت ليندا أن الأمانة العامة صرّحت أكثر من مرة أن مدة قصيرة تزيد جهود الأمانة العامة تعقيدا. وقالت إن الرجوع لتمديد الولاية كل عدة أشهر يصعّب الأمر أكثر على أونسميل لاسيّما في تنفيذ خططها طويلة الأمد.،وتابعت:”إن ليبيا في منعطف حرج وتتمتع أونسميل بدور كبير في دعم التحضير للانتخابات ومراقبة وقف إطلاق النار والإبلاغ عن قضايا حقوق الإنسان وتقديم الدعم التقني بشأن ميزانية الدولة.
جدير بالذكر أن البعثة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا “اونسيمل”، تضم موظفين فنيين مختصين بالشؤون السياسية، وحقوق الإنسان، والعدالة الانتقالية، والأعمال المتعلقة بالألغام، والتسريح، والتنمية، وتمكين المرأة، والإعلام والاتصال، علاوة على موظفي دعم.، ويتوجب على البعثة، في إطار القيود التشغيلية والأمنية، تقديم الدعم للمؤسسات الليبية وتقديم الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية عند الطلب. ومن ضمن المهام التي تشملها الولاية، تم تكليف البعثة برصد أوضاع حقوق الإنسان ووضع تقارير بشأنها؛ وتقديم الدعم لتأمين الأسلحة ومكافحة انتشارها؛ وتنسيق المساعدة الإنسانية وتقديم المشورة والمساعدة للجهود التي تقودها حكومة الوفاق الوطني بهدف إحلال الاستقرار في مناطق ما بعد النزاع بما فيها تلك التي تم تحريرها من تنظم الدولة الإسلامية في الشام والعراق.