في ظل اعتماد حكومات العالم لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، واتفاق باريس 2015، وإطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015 – 2030، كان لابد من العمل بشكل تشاركي مع كل الشركاء المعنيين وأصحاب المصلحة على منع المخاطر الجديدة المحتملة، والحد من المخاطر القائمة، من خلال تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود، وزيادة مرونتها لمواجهة المخاطر والكوارث، بهذه الكلمات بدأ هيثم عبد العظيم مدير مشروع “آراء في خط المواجهة” حديثه خلال الحفل الختامي للمشروع الذي نفذته الشبكة العربية للبيئة والتنمية رائد، بالتعاون مع الشبكة العالمية للحد من مخاطر الكوارث.
ويقول هيثم: تم تنفيذ المشروع في مصر بالتعاون بين الشبكة العربية للبيئة والتنمية (RAED)، والشبكة العالمية للحد من مخاطر الكوارث (GNDR)، واستقرت اللجنة الاستشارية للمشروع على اختيار عدد ثلاثة محافظات ومناطق جغرافية، هي (القاهرة الكبرى – كفر الشيخ – الفيوم) لتكون المناطق الرئيسية لتنفيذ أنشطة المشروع، وذلك في ضوء معايير محددة تم الاتفاق عليها، وكان من أهمها أن تكون قضية التغيرات المناخية وتأثيراتها على المناطق ذات الأولوية هي الإطار الرئيسي للاختيار. ثم تم إطلاق الدعوة لاختيار الجمعيات المحلية الثلاثة الشريكة للمشروع بالمحافظات المستهدفة، وقد وقع اختيار لجنة التقييم على جمعية النهضة للتنمية الزراعية وإدارة المياه، لتكون الشريك المحلي للمشروع بمحافظة كفر الشيخ، وجمعية الحفاظ على البيئة بالفيوم، لتكون شريكاً للمشروع بمحافظة الفيوم، و جمعية المنتدى الوطني لنهر النيل كشريك محلي للمشروع بإقليم القاهرة الكبرى.
ويتابع هيثم: اهتم المشروع في مرحلته الأولى بعمل برنامج توعوي بغرض بناء قدرات كافة شركاء المشروع (جمعيات أهلية – جهات محلية – قيادات مجتمعية – شباب – مرأة – ذوي احتياجات خاصة)، للمساهمة في التعريف الجيد للمخاطر وتصنيفها، وكيفية رسم خرائط المخاطر، وأهمية ترتيب الأولويات، بالإضافة إلى آليات تحفيز دور جميع أطراف إدارة المخاطر والأزمات في عمليات زيادة مرونة المجتمعات، مع التركيز على ضرورة وحتمية إدماج الفئات المستهدفة في رسم السياسات، واقتراح التدخلات والمشاركة في عمليات إدارة المخاطر.
وويوضح عبد العظيم : استناداً إلى أهم النقاط المرصودة بالتقارير الرسمية، التي توصف أهم المحافظات والمناطق الأكثر تاثيراً وعرضه للمخاطر، كتقارير مشروعات البلاغ الوطني للتغيرات المناخية، وكذلك تقارير البيئة الرسمية، التي تسهم بقوة في وضع تصور كامل للمناطق المستهدفة، فقد تم استهداف عدد 15 مجتمعاً، ما بين ريفي وحضري، داخل المحافظات الثلاثة المستهدفة، حيث كانت مناطق (عزبة النصر– عزبة خير الله – مدينة الخصوص – ابو زعبل – دهشور ) من إقليم القاهرة الكبرى، ومناطق (يوسف الصديق –شكشوك –تونس- سنورس- طامية) من محافظة الفيوم، ومن محافظة كفر الشيخ استهدف المشروع مناطق (مدينة كفر الشيخ – الباز – القن – هارون – سيدي سالم)
رصد الاحتياجات
ويتباع هيثم: استكمالاً لرصد الاحتياجات المجتمعية بدقة وأكثر كفاءة، قامت الجمعيات الشريكة المحلية، وبمساعدة فريق من المتطوعين الشباب، الذين قامت الجمعيات الشريكة بتدريبهم على كيفية رصد وتحديد الاحتياجات المجتمعية، بعمل دراسة مجتمعية لكل منطقة من المناطق المستهدفة، وتنوعت عينات الدراسة ما بين ممثلين للجهات المحلية والقيادات المجتمعية والشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والجمعيات الأهلية.، وبناءً على هذه الدراسة، فقد تم الانتهاء من إعداد 15 قائمة بالمخاطر الخاصة بالمناطق المستهدفة، وكذلك حجم مشاركة الفئات المستهدفة في عمليات إدارة المخاطر، واقتراحاتهم في تقديم حلول مبتكرة للمساهمة في مواجهة تلك المخاطر، وذلك في إطار المساهمة في تنفيذ السياسات والبرامج الوطنية، التي يتم تنفيذها على أرض الواقع.
مبادرات مجتمعية
ويشرح هيثم عبد العظيم مدير المشروع كيف تمت خطوات العمل قائلاّ :”اعتمدت منهجية تنفيذ أنشطة المشروع على المنهجية التشاركية بين المعنيين عن إدارة عمليات المخاطر والفئات المتضررة من حجم تأثيرات المخاطر والأزمات، لذلك سعى المشروع، وبالتعاون مع الجمعيات المحلية الشريكة ، إلى تنفيذ عدد 15 ورشة عمل مجتمعية، بواقع ورشة عمل داخل كل مجتمع. واستهدفت ورش العمل ممثلي الجهات المحلية من كل محافظة (المجالس المحلية – مديريات وإدارات التضامن الاجتماعي – الصحة – التعليم – الزراعة – الشباب)، بجانب مشاركة عريضة من قطاعات الشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والإعلام والجمعيات الأهلية. ،تضمنت ورش العمل المحلية طرح نتائج الدراسات المجتمعية، التي قامت كل جمعية بإعدادها ومناقشتها مع المعنيين، كما تم استعراض حجم المخاطر المرصودة وأنواعها، بالإضافة إلى فتح حوار تشاركي فيما بين جميع المشاركين، لاقتراح الحلول والمساهمات التي يمكن أن تكسب المجتمعات زيادة في عمليات المرونة الخاصة بمواجهة تلك المخاطر، وعن الأدوار والمهام التي من الممكن أن تتم بشكل تعاوني بين جميع الفئات المستهدفة.
وويكشف هيثم عن نتائج الورش معلنا:” خلصت ورش العمل الـ15 إلى ترتيب أولويات التدخلات المقترحة لمواجهة المخاطر المرصودة، وذلك في ضوء الإمكانات المتاحة، والاتفاق على تصميم مبادرة مجتمعية كصورة تطبيقية لأحد التدخلات المقترحة من جانب الفئات المستهدفة، وكذلك تم تشكيل عدد 15 لجنة مجتمعية من داخل كل منطقة مستهدفة، تضم ممثلين عن كافة المعنيين، ولم تقتصر مهام اللجان المجتمعية على متابعة مراحل تنفيذ المبادرات المقترحة فقط، بل كانت من أجل متابعة مخرجات ورش العمل المجتمعية، والتركيز على كافة الحلول المقترحة لقائمة المخاطر المرصودة، سواءً كانت قصيرة الأجل أو متوسطة أو بعيدة المدى.
ويشير هيثم الى ان المبادرات المجتمعية تنوعت وتم تنفيذها في عدد 15 مجتمعاً مستهدفاً في المشروع، ما بين مبادرات خدمية وتنموية، ساهمت بشكل كبير في تحسين بعض الخدمات الصحية، خاصةً في ظل التدخلات المقترحة لمواجهة تأثيرات (كوفيد-19)، والتي كان منها تزويد بعض الوحدات الصحية بأجهزة التنفس الصناعي واسطوانات الأكسجين، بالإضافة إلى الأجهزة والوسائل التي كانت معدة لذلك، وكان لهذه التدخلات أثر كبير في تحسين الوضع الصحي داخل المجتمعات المستهدفة.، كما أسهم عدد من المبادرات في زيادة فرص تمكين السيدات وتأهيلهن، من خلال تدريبهن على بعض أعمال الخياطة والتطريز، بالإضافة إلى توفير ماكينات الخياطة اللازمة لهم والخامات الأساسية المطلوبة، حتى يكن أكثر قدرة على مواجهة تأثيرات المخاطر الاقتصادية.، وكان للشباب جزء كبير من حجم المبادرات المجتمعية، التي تولى المشروع تنفيذها، واستهدفت تأهيل وتمكين عدد من الشباب على مجموعة من التدريبات المهنية لبعض الصناعات البسيطة، بالإضافة إلى توفير المبادرة لجزء كبير من الخامات والأدوات التي تمكنهم من ريادة أحد المشروعات.، ومخرجات مشروع “آراء من خط المواجهة” أصبحت ملموسة على أرض الواقع، ومحققة للنتائج المخططة، وتعمل اللجان المجتمعية مع شركاء المشروع، على ضمان استمراريتها، من خلال متابعتها وتقييمها بصفة مستمرة، وباتت في ذات الوقت، نماذج يمكن تكرارها في مناطق ومحافظات أخرى، من خلال تعزيز الشراكة بين الشبكة العربية للبيئة والتنمية مع كل المؤسسات الوطنية وشركاء التنمية.