لاتبك إذا غابت الشمس, فدموعك ستحجب عنك رؤية النجوم.
يوصينا القديس بولس الرسول بقوله:افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا(فيلبي4:4) مما لاشك فيه أن هذا الفرح يحملنا علي التفاؤل الذي يحمل ثماره لنا ولكل من يحيط بنا, كما أنه يأتي بالنتائج الإيجابية والمثمرة علي الجميع. ويمكننا أن نستشف ذلك مما حدث مع العالم إسحق نيوتن عندما ذهب هو ووالداه للحفل السنوي لمدرسته الابتدائية التي كان يلتحق بها, والذي فيه سيتم تكريم التلاميذ المتفوقين, وعندما انتهي ناظر المدرسة من تلاوة أسماء الأوائل, نادي علي اسم التلميذ إسحق نيوتن, ولم يقف أحد في بادئ الأمر, إذ لم يصدق إسحق نيوتن أذنيه, ولم يكن يتصور أنه من الممكن أن يتسلم شهادة امتياز, فقد كان التلميذ الوحيد في المدرسة الذي رسب في جميع المواد.
ولكن الناظر عاد ينادي علي التلميذ, ويطلب منه أن يتقدم إلي المنصة, وقام التلميذ الصغير حتي أنه كان يتجه نحو المنصة متعثرا, وإذ بناظر المدرسة يصافحه بحرارة مانحا إياه شهادة امتياز, ثم قال الناظر:بالرغم من أن هذا التلميذ رسب في جميع المواد, إلا أنه من أعظم تلاميذ المدرسة خلقا وتربية, وأكثرهم تهذيبا, إنني فخور بأن يكون هذا التلميذ من أبنائنا لأنه مثال لزملائه في الأخلاق الحسنة, وأنا واثق بأنه علي الرغم من رسوبه هذا العام في جميع المواد, فإنه سوف يتفوق في العام القادم, لأنه قادر علي أن يتغلب علي الفشل وتحويله إلي نجاح, وبناء علي هذا الحديث وقف جميع التلاميذ والآباء والأمهات يصفقون إعجابا باهتمام الناظر أيضا بالتلاميذ الفاشلين ورفع قدرهم ليشجعهم علي النجاح, وبهذه النظرة الإيجابية, ساهم الناظر في أن يتحول الطالب الراسب والفاشل في نظر الجميع, إلي واحد من أعظم علماء القرن الثامن عشر وصاحب قانون الجاذبية العام وقوانين الحركة.
إذا من أراد أن يبني أجيالا ممتازة ومتفوقة عليه أن يتحلي بالتفاؤل والنظرة الإيجابية إذا لا داعي للتشاؤم أو إلقاء اللوم علي الدنيا لأننا حرمنا من أشياء كثيرة وخاصة المال والمناصب وبعض الامتيازات, لأن من يفتح عينيه وينظر من حوله جيدا, سيكتشف أن الله منحه نعما وعطايا وقدرات لا مثيل لها, لذلك لا نحزن بسبب عدم امتلاكنا بعض الأشياء بل لنقدر قيمة ما لدينا ونستمتع بما منحنا الله سواء الصحة أو الطبيعة أو الأسرة والأصدقاء.
فالحياة تتعثر ولكنها لا تتوقف والأمل يضمحل ولكنه لايموت فالمتفائل يتطلع إلي الناحية الجميلة في الدنيا, فإذا أظلمت تأمل في جمال القمر, وإذا ما اختفي القمر تغزل في سحر النجوم وهدوء الليل, وإذا أحرقته أشعة الشمس في اليوم التالي حمد الله أنها بددت الظلام,وإذا غربت الشمس حمد الله علي أن نسيم الليل العليل في طريقه إليه.
لنتأمل شجرة الخريف فإذا نظرنا إليها سنجد أنها بلا أوراق ولاثمار, وهذا المشهد يوحي بالموت, ومع ذلك فالشجرة حية وبداخلها سر الحياة, وسنري بعد بضعة أشهر نمو البراعم الصغيرة ونضج الثمار حتي أن الحياة تزدهر فيها من جديد.
إذا لماذا يعيش الغالبية العظمي في حالة تشاؤم دائم؟ إذا سألنا أي شخص:هل تتخيل أن الأمطار لا تتوقف أبدا؟ سيجيب: مما لاشك فيه أنها تتوقف دوما مهما كانت شدتها وكذلك الأحداث الصعبة القاسية التي نمر بها, نراها في أول الأمر وكأنها أبدية لا نهاية لها, ولكن يجب ألا يغرب عن بالنا أنه ما من شيء علي هذه الأرض يدوم أبدا, وليس من صعوبات وضيقات إلا ونستطيع التغلب عليها بالإيمان والصبر والأعمال الصالحة فالتفاؤل هو الحالة الصحية لكل إنسان ناضج وحكيم, وثقة منه برحمة الله, لكن عندما يفقد الإنسان الثقة في أبوة الله التي تساعده علي النهوض من المشاكل فتعتبر إهانة لله وجوده وصلاحه, ويجب علي الإنسان المتفائل أن يشعر بالسعادة لأنه ولد في عصر وفترة تحتاج إلي الكثير منه والتضحية في سبيل الآخرين.
إذا يجب علينا ألا نتشاءم مع المتشائمين بل نشمر عن ساعدنا للعمل مع أصحاب الخير والفضيلة ونتحلي بالثقة والتفاؤل والاستعداد لعمل أي شئ كان, بشرط أن يكون خيرا, ونختم بالقول المأثور:لا داعي للتشاؤم…أليس اليوم هو الغد الذي قلقنا من أجله الأمس؟!.