أصدر مركز جسور للدراسات الاستراتيجية تقرير بعنوان “الموجة الخضراء تتوسع في أمريكا اللاتينية، موقف الدول اللاتينية من قضية الإجهاض”، وهي دراسة أعدتها إليان بطرس، الباحثة بالعلاقات الدولية بالمركز.
وأوضحت الدراسة أن الموجة الخضراء، وهي جماعة أو حركة نسوية تمر عبر دول أمريكا اللاتينية بحثًا عن إجهاض قانوني وآمن ومجاني، تجتاح منطقة أمريكا اللاتينية الموجة الخضراء في ظل تعرض الكثير من الدول لأزمات اقتصادية وارتفاع في نسب الفقر، وهو ما يمنع النساء من الحصول على وسائل لمنع الحمل بشكل آمن.
وأشارت الدراسة إلى أن في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية تصبح هناك مسؤولية كبيرة على الحكومات في الدول اللاتينية لتخفيف حدة المخاطر التي تتعرض لها النساء من جراء اللجوء للإجهاض الغير آمن، وذلك عن طريق توفير وسائل منع الحمل وتوفير الرعاية الصحية الشاملة للسيدات لتجنب حدوث وفيات، مع تعديل وسن قوانين تتناسب مع المعطيات الحالية والأزمات القائمة، فقد يكون هناك قسوة في إجبار المرأة على الاحتفاظ بجنين جاء نتيجة تعرضها لاغتصاب وهو تفعله بعض الدول اللاتينية والتي ترفض الإجهاض بكل أشكاله والبعض الآخر ينص على شروط ولكنها لم تنفذ حيث تجد المرأة صعوبة حتى تحصل على حقها في الإجهاض الآمن وما يليه من رعاية صحية.
وأفادت إليان في تقريرها إلى أن هناك عدد كبير من حالات الإجهاض هي حالات إجهاض غير مأمونة وهو ما يشكل خطر كبير على حياة حوالي 97% من النساء في البلدان النامية ويعرض كثير من الأمهات والفتيات لحالات مرضية نتيجة مضاعفات صحية ونفسية بخلاف الأعباء الاجتماعية والمالية على السيدات أنفسهن وعلى النظام الصحي بشكل عام. كما أثبتت الدراسات أن الدول التي تقييد الإجهاض وتطبق قوانين صارمة في هذا الشأن نسب الإجهاض الغير آمنة بها هي الأكبر مقارنة بالدول التي تسمح بالإجهاض القانوني وتحدد شروط له.
ولفت التقرير إلى أن الإجهاض يحدث أزمة إذا ما تم بأساليب غير منصوص عليها طبيًا أو على يد أشخاص يفقدون للمهارة الطبية اللازمة أو في أماكن غير مجهزة لأى من المضاعفات التي قد تحدث للسيدة، وقد يرجع هذا لعدد من الأسباب من بينها المنطقة الجغرافيا والتكلفة المادية التي قد تكون غير متاحة لبعض السيدات فيلجأون للإجهاض غير الآمن، وهو ما أكدته المؤشرات العالمية من أن هناك 45% من حالات الإجهاض هي حالات غير آمنة في ظروف شديدة الصعوبة في مناطق مثل وسط وجنوب آسيا إلى جانب أفريقيا وأمريكا اللاتينية التي يتعرض فيها 3 حالات من أصل 4 للإجهاض غير الآمن…. ومن هنا جاء انفجار قضية الإجهاض في الدول اللاتينية والبحر الكاريبي حيث تعد هذه النسبة مفزعة بشكل كبير، وهو ما جعلهم يتظاهرون من أجل هذه القضية وهو أيضًا ما جعل معظم البرامج الانتخابية لرؤساء هذه الدول تتحدث عن قضية الإجهاض ومصيرها وتجريمها من عدمه، على سبيل المثال البرنامج الانتخابي للرئيس جوستافو بيترو رئيس كولومبيا الحالي، وقبيل الانتخابات الرئاسية قد ألغت كولومبيا تجريم الإجهاض لمدة 24 أسبوع لأول مرة في تاريخها فهي من الدول ذات الأغلبية الكاثوليكية ولن تسمح بالإجهاض إلا في ظروف معينة تقرها المحكمة الدستورية من بينها الاغتصاب أو إذا كان هناك خطر على صحة الأم والجنين. إذن الآن أصبحت كولومبيا خامس دولة في أمريكا اللاتينية بعد الأرجنتين وأوروجواي وكوبا وغيانا تسمح بالإجهاض.
وقالت إليان: “مقابل هذه الموجة الخضراء تتشبث الكنيسة الكاثوليكية التي تسيطر على معظم الدول اللاتينية، برفضها للإجهاض ووسائل تحديد النسل، وبالتالي التوافق المجتمعي ضروري جدًا لتفادي مثل هذه الأزمات، وهو ما يستدعي ضرورة عقد حوار مجتمعي تتوصل فيه الكنيسة الكاثوليكية والمجتمع والحكومات إلى حلول لهذه القضية على أساس أنها قضية مجتمعية حيوية تمس جميع أفراد المجتمع وتؤثر على الأمن المجتمعي وترهق اقتصاديات الدول بشكل كبير، لذا لابد أن يكون هناك تنسيق من قبل حكومات الدول اللاتينية وعمل حملات توعوية في المناطق الأكثر فقرًا ومساعدتهم في الحصول على وسائل منع الحمل وتحديد النسل بشكل آمن، حتى لا تزداد نسب الإجهاض ويرتفع معها نسب الوفيات بين النساء.”