افتتح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر الفيديو كونفرانس،
قصر السلطان حسين كامل المعروف بقصر السلطانة ملك والذى يقع في شارع العروبة بمنطقة مصر الجديدة وهي من أجمل ضواحي القاهرة، وقد أنشأها “البارون إدوارد إمبان ” المهندس البلجيكي صاحب قصر البارون الذي يواجه قصر السلطانة ملك بمصر الجديدة ويُعد قصر السلطان حسين كامل من أوائل المنشآت التى أُقيمت بحى مصر الجديدة, وفقاً للتاريخ المدون على الرسومات الهندسية بالقصر, و التى وضعها المعمارى الفرنسى الشهير الكسندر مارسيل بتاريخ 1908م.
وقد تم الانتهاء من أعمال ترميم القصر بواسطة وزارة السياحة الآثار بالتعاون مع وزارة الإتصالات ليكون مزار ومركز لريادة أعمال الشباب، حيث إن الخدمات التى يقدمها ليست للجمهور عامة و لكن تقتصر فقط على المتدربين والدارسين و العاملين بمشروع مصر الرقمية
والقصر مسجل أثر بقرار مجلس الوزراء رقم (١٦٢١) لسنة ٢٠٠٠م بتاريخ ٢٢-٧-٢٠٠٠م ويرجع تاريخ إنشائه إلى بين عامَى ١٩٠٨م و١٩٠٩م.
ويعد القصر تحفة معمارية إذ بني على الطراز التلقيدي الذي يدمج طرز معمارية مختلفة منها ماهو عربي، وما هو أوروبي كالباروك والركوكو. ومهندس القصر هو ألكسندر مارسيل.
ويقع قصرٌ السلطان حسين(١٨٣٥ : ١٩١٧م) على مَقرَبةٍ من قصر البارون الفريد وفى مواجَهَتِه مباشرةً
وهو لا يقل أهميةً تاريخياً وفنياً وسياسية عن قصر البارون.
وتقول الدكتورة هايدى أحمد موسى، مفتش آثار بالإدارة العامة للقاهرة التاريخية
اشتهر القصر باسم «قصر السُلطانة مَلَك» نِسبةً إلى«مَلَك توران» وهى الزوجة الثانية للسلطان حسين بعد زوجَتِه الأولى الأميرة«عين الحياة احمد رفعت»
والسلطانة ملك سيدة تركية ولدت عام 1869م شركسية الأصل من الآستانة واسمها بالكامل ملك حسن توران وعرفت بملك جشم أفت نسبة لإمها بالتبنى الأميرة جشم أفت الزوجة الثالثة للخديوى إسماعيل والتى لم تنجب أطفال.
وصلت إلى قصر الخديوي إسماعيل بعد أن باعها والدها كجارية, حيث تبنتها زوجته جشم آفت هانم؛ لأنها لم تنجب أطفالاً؛ لذلك أطلق عليها اسم ملك جشم آفت, تعلق بها الخديوى و قرر أن يزوجها ابنه الأمير حسين بعد طلاقه للأميرة عين الحياة لتكون الزوجة الثانية له فتم الزواج عام 1886م, أنجب منها ثلاثة أميرات هن الأميرة قدرية والأميرة سميحة والأميرة بديعة, وهي ثان سيدة تلقب بلقب سلطانة في مصر بعد شجر الدر, وبعد وفاة السلطان حسين ظلت السلطانة ملك مُقيمة بقصرها فى حى مصر الجديدة حتى وفاتها عام 1956م, ودفنت بجوار زوجها السلطان حسين كامل بجامع الرفاعى بعد ذلك تم تأجير القصر إلى وزارة المعارف العمومية.
وتضيف الدكتورة هايدى أحمد موسى،
ولد السلطان حسين كامل بالقاهرة فى 21 نوفمبر1853م وهوثامن حكام مصر من اسرة محمد على الابن الثاني لاسماعيل باشا حكم مصر و السودان من 1914 حتي وفاته فى 10اكتوبر 1917، فى عهده خرجت مصر من سلطان تركيا العثمانليه و دخلت تحت الحمايه الانجليزيه، وتحول لقب حسين كامل من خديوى أو والى لسلطان، وهو أخو الملك فؤاد ابو الملك فاروق الأول آخر ملوك مصر.
وتلقى علومه الأولية بالمدرسة التى أنشأها والده الخديوى إسماعيل بسراى المنيل, تم إرساله إلى باريس لإستكمال تعليمه عام1867م, كان مشغولاً فى عهد والده بالشئون الحكومية فقد تولى نظارة العيد من النظارات منها الداخلية والمالية والحربية و الأشغال و المعارف والأوقاف, كما رأس الأمير الجمعية الزراعية وقام بالعديد من الإصلاحات الزراعية ؛لذلك لقب بأبو الفلاح.
وتولى حكم البلاد بعد عزل عمه الخديوى عباس حلمى الثانى, حيث قررت الحكومة البريطانية بعد أن فرضت الحماية على مصر فى 18ديسمبر عام 1914م, تغيير لقب الحاكم من خديوى إلى سلطان؛ نظراً لقيام الحرب بينها وبين الإمبراطورية العثمانية,و بذلك تحولت مصر من ولاية تابعة إلى دولة عظمى و بناء على ذلك التغيير الذى أحدثته بريطانيا أصبح لقب زوجة حاكم مصر سلطانة بدلاً من لقب هانم.
وتؤكد الدكتورة هايدى أحمد موسى، أن هذا القصر كان أفضل حظاً نِسبياً مِن قصر البارون من حيث إحتفاظِه بمعالِمِه الداخلية بدرجةٍ كبيرة وما تشتمل عليه قاعاته وحجراتُه وأبهاؤه من عناصر زخرفية وفنية لم يعتدى عليها مثل ماحدث بقصر البارون.
حيث انتقلت ملكية القصر بعد وفاة السلطان حسين كامل إلى زوجته السلطانة ملك إلا أنها لم تستطع سداد بقية الأقساط فى موعدها؛ لذلك تقرر فسخ عقد بيع القصر وملحقاته إلى السلطانة ملك فى عام 1933م, على أن تكون السلطانة ملك مُستأجرة للقصر مقابل إيجار دون الملكية التى آلت بدورها إلى شركة واحات عين شمس مرة أخرى.
وقد تحول القصر بعد زمنٍ من وفاة«السلطانة ملك» إلى مدرسة «مصر الجديدة الثانوية للبنات» قبل أن تنتقل المدرسة فما بعد إلى مبنىً ملاصقٍ له ومُتَصلٌ فناؤه بِحَرم القصر وحديقَتِه
وعن أعمال الترميم أضافت الدكتورة هايدى أحمد موسى،
بدأت أعمال الترميم بالقصر فى منتصف شهر أغسطس2019 و انتهت فى شهر فبراير 2022م بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار و وزارة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات و إدارة الأشغال العسكرية و مكتب مصر للاستشارات و شركة الرواد.
وقد تمت وفقاً للمعايير العلمية, حيث اشتملت أعمال الترميم على الترميم الإنشائى حيث تبين عند الكشف عن حالة البلاطات الخرسانية بسقف حجرات البدروم والسطح وكذلك حجرة الطعام بالطابق الأرضى اتضح نقص حديد التسليح و تآكل طبقة الخرسانة بها, و هو ما قد يُسبب أضرار بالقصر, وبالتالى تم تقوية حديد التسليح و صب خرسانة إضافية,
كذلك تم معالجة الرطوبة فى الأساسات.
بالإضافة إلى إزالة بعض الإضافات الحديثة من قبل المدرسة و المشوهة للقصر والتى تتمثل فى بعض حجرات الأنشطة الرياضية و الكانتين, كذلك إزالة الأرضيات الحديثة التى أقامتها المدرسة فوق الأرضيات الأصلية للقصر فى بعض الحجرات خاصة فى البدروم.
أما عن أعمال الترميم الدقيق فقد اشتملت على إزالة الأتربة و الاتساخات بوسائل التنظيف الميكانيكية حيث استخدام الفرش و الفرر والمشارط, و أيضاً باستخدام الوسائل الكيميائية فى بعض الحالات مثل الأسيتون و الكحول, كذلك تم إزالة الدهانات الحديثة للكشف عن الدهانات الأصلية للأثر, و الكشف عن التذهيب الذى تم إخفاؤه أسفل الدهانات الحديثة, و هو عمل دقيق و مرهق للغاية.
كذلك اشتملت أعمال الترميم الدقيق على ترميم الكانفاس(اللوحات الزيتية) الموجودة بسقف حجرات الموسيقى و حجرة الطعام و كذلك حجرة روميو وجوليت بمينى السلاملك, و إن كانت المهمة الأصعب هى ترميم كانفاس حجرة الطعام نظراً لسوء حالته الشديد, و تآكل الخرسانة أعلاه بشكل كبير.
فضلاً عن ترميم العناصر الخشبية مُتمثلة فى الأبواب و الشبابيك و الأرضيات الخشبية مع استبدال التالف تماماً منها, واستكمال المفقود من خلال الدراسة الخاصة بعناصر القصر الخشبية, كذلك ترميم العناصر المعدنية مُتمثلة فى السور المُحيط بالقصر و بواباته, و ترميم و استكمال المفقود من المدافئ الرخامية بحجرات القصر.
وأوضح الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية اليهودية، أن مشروع ترميم القصر تم تنفيذه بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار و وزارة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات حيث تم إعادة توظيف القصر كمركز إبداع مصر الرقمية و ريادة الأعمال ضمن برنامج المسئولية الاجتماعية للشركة المصرية .للاتصالات، والذى يهدف
إلى إعادة توظيف القصر ليكون مركزًا لتنمية الإبداع وريادة أعمال الشباب، إضافة إلى كونه جزءًا من بانوراما قصر البارون إمبان المواجه له، ومشروعًا مهمًا لإظهار المعالم الحضارية لمنطقة مصر الجديدة الأصلية وأشار د. طلعت إلى أن أعمال الترميم تضمنت الترميم المعماري والدقيق
للمبنى وجميع الرسومات والزخارف ذات الطراز الإسلامي المستحدث، الذي ميّز معمار تلك الفترة.
وبالبحث فى تاريخ القصر
نجد أن القصر وحديقته يشغل مساحة مثلث قائم الزاوية يطل على شوارع العروبة و الثورة و نزيه خليفة, ويشتمل القصر على المبنى الرئيسى و السلاملك والملحق الشمالي و حديقة, يحيط بالقصر سور حديدى تتخلله بوابتين للدخول إلى القصر, يتكون القصر من بدروم و طابقين حيث الطابق الأرضى و الطابق الأول و السطح, ما عدا مبنى السلاملك فهو يتكون من بدروم و طابق أرضى و يتصل بالمبنى الرئيسى للقصر من خلال ممر طويل, كما يتصل مبنى الملحق الشمالى بمبنى القصر الرئيسي من خلال ممر أيضاً و للقصر سلم رئيسي يصعد من خلاله من الطابق الأرضى إلى الطابق الأول فقط و هو مزخرف بزخارف نباتية و هندسية مذهبة, و سلم أخر داخلى(سلم فرعي) يؤدى من البدروم إلى .سطح القصر
كما توجد قصص عديدة صاحبت” قصر ملك” سردها البعض وتناقلتها الافواه فيما يتعلق بقصة بنائِه وأسباب تشييدِه فى موقعِه ذاك حيث توجد قصص عديدة منها
أن السلطان«حسين كامل» قد ذهب لحضور حفل إفتتاح قصر البارون«إمبان» وانبهر واعجب بجمالِه فطلب شراءَه من البارون امبان لكن البارون رفض طلب السلطان معتذراً مما سبَّب غضب السلطان«حسين كامل» وجعلة يغضب على البارون امبان ويعرقل مشروعاته وطموحاته فى مصر وهنا اراد البارون ان يخرج من هذا المازق فقرر ان يبنى قصر اخر امام قصر ة عام 1911 ليستدر عطف السلطان حسين وقد انتهى منة فى وقت قليل وقام بتقديمة هدية إلى زوجة السلطان«حسين كامل» الثانية السلطانة«مَلَك»
ولكن هذة القصة بالبحث والدراسة التاريخية اثبت انة يستحيل حدوثها حيث ان «حسين كامل» لم يكن بعد سلطانا خلال الفترة الواقعة بين بداية تشييد قصر البارون عام ١٩٠٧م والإنتهاء من بنائه عام ١٩١١م حيث كان مَن يعتلى كرسى الخديوية وقتها هو«عباس حلمى الثانى» إبن أخيه«توفيق» اما «حسين كامل» فقد اعتلى عرش مصرفى عام 1914م لمُدّة لم تتجاوز ثلاث سنوات أنتهت بوفاتِه فى التاسع من أكتوبر عام ١٩١٧م.
هذا بخلاف ان تصميم قصر “ملك” بعيد كل البعد عن تصميم قصر البارون فقصر البارون هو مزيج من الطُرُز الكمبودية والهندية والأوروبية وقصر «مَلَك» يحمل الطابع الإسلامى فلو صَح أن الأمير «حسين كامل » اعجب بجمال قصر البارون وطَمِع فيه لكان الأحرى بالبارون أن يستَرضيهِ بأن يستنسِخ له توأماً لهذا القصر أو قصراً شبيهاً لةعلى نفس طرازِه.
وقد صمم قصر السلطانة«مَلَك» على الطراز الاسلامى ويتضح ذلك من بُرجِه الشهير المماثل لتكوين المئذَنة وكذا فى القبة ذات المقرنصات التى تتوسط أعلى سقف بَهوِه الرئيسى وفى العقود والشُرفات والنوافذ والسلالم.
وفى تصميمة الداخلى تم المزج فى عناصرة بين الطابع الاسلامى والطابع الاوروبى ويتضح ذلك فى البهو الرئيسى للقصر والممرات المتفرعة منة كما نجد العناصر الأوروبية فى أغلب الغُرَف والقاعات الرئيسية.
كما أشتمَل القصر على تمثالَين بالحجم الطبيعى من الرخام الأبيض الفاخر الإيطالى ِمن صُنع أثنين من مشاهير نحّاتى إيطاليا خلال القرن التاسع عشر الميلادى وهما النحات الإيطالى«تيتو آنجلينى» من ١٨٠٦م : ١٨٧٨م والنحات الإيطالى «جيوليو مونتيفيردي» (1837 – 1917)