حذرت النشرة اليومية للمناخ، المنبثقة عن ” مبادرة بلدنا تستضيف المناخ” من بوادر انتكاسة فيما يتعلق بالعمل المناخي، لافتة الى أن الحرب الروسية – الأوكرانية التي دفعت العديد من الدول الأوروبية إلى تعزيز العمل المناخي، تتراجع عن ذلك الآن، بعدما كشفت الأزمة عن المخاطر المحدقة بأمن الطاقة في القارة العجوز.
واستندت النشرة اليومية للمبادرة الى التعهدات التي قطعتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بخفض الانبعاثات إلى 55% على الأقل، دون مستويات عام 1990، في السنوات الثمانية المقبلة، بنسبة زيادة تبلغ حوالي 40% عن تعهداتها السابقة. والتي تجددت في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP-26) في نوفمبر الماضي، بمدين جلاسكو، في المملكة المتحدة، الذي انتهى ببريق أمل، بعد أسبوعين من النقاش، بعد أن وقعت الدول على «ميثاق جلاسكو للمناخ»، الذي ينص على أنه بحلول عام 2030، يجب أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45% من تركيزات عام 2010، إذا كان الاحترار العالمي سيقتصر على 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ولفتت نشرة المناخ الى ان كافة التقارير العلمية والرصدية والإعلامية، تؤكد انه منذ تسعينيات القرن الماضي، تبنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بعض الأهداف المناخية الأكثر طموحاً في العالم، والآن، فإن التهديد الذي يتعرض له أمن الطاقة في أوروبا، جراء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، يخاطر بتفكيك عقود من العمل الشاق.، ودفعت العقوبات المفروضة على روسيا إلى تقليص الإمدادات العالمية من الوقود، وهو أحد أسباب الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة بجميع أنحاء العالم، وفقاً ل “وول استريت جورنال” لكن هذه العقوبات تعني أيضاً أن أوروبا، التي كانت ذات يوم مستورداً كبيراً للغاز والنفط الروسي، ستعيد استخدام كل الوسائل للحصول على الوقود، سواء كان ذلك عن طريق إعادة فتح محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، أو زيادة واردات النفط، وهو الأمر الذي ينطوي على مخاطر متعددة على كوكب الأرض، وعلى نطاق أوسع للثقة في مؤتمرات المناخ.
كما تؤكد نتائج قمم المناخ والتقارير المنشورة عنها، على مدى عقود، أن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل جادلت للسماح لها بزيادة الانبعاثات، حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من المرافق الأساسية، وينطبق هذا بشكل خاص على البلدان في آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث غالباً ما تكون غالبية أفقر الأسر غير متصلة بشبكات المياه أو الغاز أو الكهرباء، لكن العديد من صانعي السياسات والباحثين، ومجموعات الضغط في أوروبا حثوا البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على التوجه مباشرةً إلى الطاقة المتجددة، بدلاً من بناء أنظمة الطاقة تعتمد على الوقود الأحفوري، وخاصة لتجنب التنقيب عن الفحم، ويضربون أمثلة على ذلك، منها أن الاتحاد الأوروبي ضاعف حصته من استهلاك الطاقة المتجددة بأكثر من الضعف، من 9.6% من إجمالي الطاقة في عام 2004، إلى 22.1% في عام 2020، دون الإضرار بالنمو الاقتصادي، وأيضاً منذ عام 2012، انخفضت الطاقة التي تعمل بالفحم بنسبة الثلث تقريباً، وأعلنت 10 دول أوروبية، بما في ذلك النمسا والبرتغال والسويد، أنها أصبحت خالية من الفحم منذ عام 2021، وتعهدت 6 دول أخرى، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا، بالتخلي عن الفحم في السنوات الثلاثة المقبلة.
ومع ذلك، ومنذ بدء الأزمة الأوكرانية في فبراير، ظلت القيادة الأوروبية، مع عدد قليل من الاستثناءات، مثل البرلمان الأوروبي، صامتة في الغالب بشأن طموحاتها المناخية، حيث تحتاج أوروبا إلى قبول أنها ليست وحدها التي تعاني حالة عدم استقرار في أمن الطاقة، وأنها تجد نفسها الآن في نفس الموقف مثل البلدان الأخرى، تماماً كما تنصح الآخرين بالقيام بذلك، يجب على قيادة القارة العجوز إعطاء الأولوية للطاقة المتجددة، أو منخفضة الكربون، بدلاً من السعي تلقائياً لسد فجوة الطاقة بالوقود الأحفوري، وفي حالة إذا ما فشلت في القيام بذلك، فإن الحجة القائلة بوجوب إزالة الكربون بسرعة، ستكون أصعب بكثير.
ولفتت نشرة المناخ اليومية لمبادرة بلدنا تستضيف قمة المناخ إلى أنه مع بقاء أربعة أشهر فقط قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP-27) في شرم الشيخ، في شهر نوفمبر المقبل، تحتاج أوروبا إلى خطة على مستوى القارة، لتسريع أشكال الطاقة منخفضة الكربون، ما لم تتمكن من تغيير موقفها من الطاقة في الأشهر المقبلة، وإلا فإن أي دعوة مستقبلية موجهة إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أو التخلص التدريجي من الفحم، ستكون مجرد دعوة جوفاء.