الذي يتأمل الروح الوطنية الحقة المخلصة التي يقود بها الرئيس السيسي مصر, وذات الروح الوطنية الحقة المخلصة التي يقود بها قداسة البابا تواضروس الثاني الكنيسة لن يفوته إدراك العلاقة الحميمة التي تربط هاتين القامتين والتي ترسخ قدرا كبيرا من التفاؤل بأن مصر ماضية بثقة وإصرار نحو التطور والحداثة والجمهورية الجديدة… ولست أقول ذلك فقط لأننا كنا بالأمس القريب نحتفل بذكري 30 يونيو وتسع سنوات علي الثورة علي التخلف وإنقاذ مصر من كارثة اختطافها بواسطة الأصولية والإرهاب, إنما أقوله أيضا ونحن نحتفل هذا الأسبوع بأكثر من ذكري غالية في تاريخ مصر والكنيسة:
ـ مرور 70 عاما علي ثورة 23 يوليو 1952
ـ مرور 57 عاما علي وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس في 24 يوليو 1965
ـ مرور 54 عاما علي افتتاح الكاتدرائية والاحتفال بعودة رفات القديس مرقس الرسولي والإنجيلي من فينيسيا, إلي كنيسة الإسكندرية عام 1968 والذي جاء متزامنا مع ذكري مرور 1900 عام علي استشهاده في الإسكندرية عام 68 ميلادية.
ووسط هذا الحشد من الذكريات العزيزة علي كل من مصر والكنيسة, تنشر وطني في عددها اليوم توثيقا تاريخيا عن الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس أعده باب من دفتر أحوال الوطن ويحمل عنوان احتفالات بطعم الوطنية.. افتتاح الكاتدرائية المرقسية وعودة رفات مارمرقس الرسولي.. ولعل ما يتضمنه هذا التوثيق من رصد مشاركة الرئيس جمال عبدالناصر مع قداسة البابا كيرلس السادس في تلك الاحتفالات, ما دعاني لأن أكتب عنوان التاريخ يعيد نفسه.. في صدارة هذا المقال لأننا بعد نحو نصف قرن منها عايشنا مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي مع قداسة البابا تواضروس الثاني احتفالات وضع حجر الأساس ثم افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح في العاصمة الإدارية الجديدة.
وعودة إلي توثيق تاريخ الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس, دعوني أقتطع الملامح الآتية:ـ
** الرئيس جمال عبدالناصر في احتفال وضع حجر الأساس 24 يوليو 1965 وهو ما توافق مع الذكري الثالثة عشر لثورة يوليو 1952: المشاركة الوجدانية هي أقوي من المشاركة المادية, وقد عرضت علي قداسة البابا كيرلس السادس الحضور والمشاركة لأننا إخوة نعيش في وطن واحد مصر ونرسخ مبادئ الثورة من المحبة والتعاون. فالأديان تدعو للمساواة وليس للتعصب أو العنف, بل دعونا ندعو بحرية العبادة والإخاء لأننا جميعا أبناء مصر ولنا حق في الحياة وتكافؤ الفرص في التعليم والعمل والصلاة والعبادة, وأدعو الجميع إلي تأسيس روح ثورة 1919 من تكافؤ الفرص دون النظر للديانة.
** وضع بحجر الأساس للكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس صندوق من خشب الأرز مأخوذ من الكاتدرائية المرقسية بالأزبكية يضم نسختين من الكتاب المقدس إحداهما بالعربية والأخري بالقبطية, ونسخا من الصحف التي نشرت خبر وضع حجر الأساس وهي جرائد الأهرام و وطني والمساء بالإضافة إلي محضر وضع حجر الأساس موقع من الرئيس جمال عبدالناصر وقداسة البابا كيرلس السادس, ثم صليب من الفضة ونماذج من العملات الورقية والمعدنية المتداولة في تاريخه.
** شكل قداسة البابا كيرلس السادس ثلاث لجان لمباشرة الإعداد للبناء والتي أسفرت عن بدء حملة جمع التبرعات التي استهلها الرئيس جمال عبدالناصر بالتبرع بمبلغ 150 ألف جنيه (وهو مبلغ سخي جدا بأسعار تاريخه), وتطوع الدكتور مهندس علي صبري أستاذ هندسة ميكانيكا وأبحاث التربة بكلية الهندسة جامعة القاهرة بعمل دراسات أبحاث التربة وإعداد تقرير الأساسات للمنشأ, كما أجريت مسابقة معمارية بين المكاتب الهندسية, حيث فاز التصميم المقدم من مكتب المهندسين عوض كامل وسليم كامل, وتولي التصميم الإنشائي الدكتور مهندس ميشيل باخوم الشريك المؤسس للمكتب العريق أحمد محرم ـ ميشيل باخوم, وأسندت أعمال التنفيذ لشركة النيل العامة لأعمال الخرسانة المسلحة سبيكو ومؤسسها المهندس عدلي أيوب.
** أسفرت جهود قداسة البابا كيرلس السادس في التواصل مع الكنيسة الكاثوليكية وبابا روما في الفاتيكان عن الاتفاق علي حصول الكنيسة القبطية الأرثوذكسية علي جزء من رفات القديس مرقس الرسولي, وتم توقيع وثيقة تاريخية بذلك, وسافر وفد من أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية لإحضار الرفات بطائرة خاصة إلي روما, حيث استقبلهم محمد التابعي السفير المصري لدي الفاتيكان, وكان وصول الرفات إلي مطار القاهرة يوما مشهودا تابعته الأهرام بتاريخ 24/6/1968 و وطني بتاريخ 6/1968/.30
** تزامنا مع هذا الحدث التاريخي أقامت الكاتدرائية المرقسية احتفالا بمرور 19 قرنا علي استشهاد القديس مرقس الرسولي وافتتاح الكاتدرائية الجديدة بحضور وفود من جميع أنحاء العالم.
** لا يفوتني أن أسجل أن المرجع الذي استعان به فريق تحرير هذه المادة التوثيقية هو الكاتدرائية المرقسية في خمسين عاما بقلم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.