تحل علينا في مثل هذه الأيام ذكرى رحيل الفنان يوسف جرجس عياد ، صاحب الرسومات والأيقونات والذي أثرى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالعديد من أعماله ، والذي رحل عن عالمنا يوم الأحد الموافق ١٦ يوليو ٢٠١٧ ، بعد أن قدم صورًا وأيقونات للعديد من القديسين ، وقام أيضًا بتقديم أيقونات ثلاثية مثل أيقونة البابا ميخائيل الأول ، وأيقونات توثق لأحداث مهمة في القرن العشرين في جبرية مثلث الرحمات القديس البابا كيرلس السادس و لمثلث الرحمات البابا شنودة الثالث .
ونشر جروب “الأرشيف القبطي”، نبذة عن حياته مع مجموعة من الصور النادرة لأهم أعماله والتي قام برسمها، وذكر الجروب أن الفنان يوسف جرجس ولد في ٧ أكتوبر١٩٣٩ ، بمحافظة المنيا وتخرج في كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية ، وكان له أسلوب مميز في أيقوناته بحيث أنه كان يرسم أحداث حياة القديس والشهيد في رسومات مصغرة بجانب صورة للقديس ، لأنه كان دائمًا يراعي الشخص البسيط في رسوماته ، فكانت رسوماته عبارة عن شرح السنكسار ، عن حياة وسيرة القديس وهذا جعل لأيقوناته طابعًا مميزًا ، وتستطيع بسهولة التعرف عليها .
وكان الراحل يوسف جرجس يستطيع العمل بأبسط الأدوات ، و حتى اشتغل بالبيض والخل في بعض رسوماته ، وهو أسلوب معروف لدي رسامي الأيقونات ، وكان بسيطاً ويعمل من أجل الفن وخدمة الكنيسة ، ولم يكن يبحث عن العائد المادي .
يعتبر يوسف جرجس هو رائد الفن القبطي بالصعيد فهو من أول من أدخل الأيقونات القبطية بطابعها الحديث في صعيد مصر ، ولديه رسومات قديسين و شهداء يعتبر هو أول من رسمها مثل الشهيد أبسخيرون القليني و القديس آفا فيس و الشهيد صليب و يعتبر واحدًا من الفنانين القلائل الذين رسموا أيقونة لنياحة السيدة العذراء وإصعاد جسدها ، ويقال إنها موجودة الآن في كنيسة أم الزنار في سوريا .
ومن المعروف أن كل أعماله كانت من تصميمه و إبداعه الشخصي ، ولم يكن مقلدًا لأي أحد .
ومن جهته قال الدكتور جرجس الجاولي – رئيس قسم النحت بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا – : بخصوص الفنان القبطي يوسف جرجس عياد ابن محافظة المنيا وهو خريج قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية حسبما قال لى قبل وفاته تعرفت عليه عن قرب لأنه كان من جيرانى فى نفس الشارع وتقابلت وتحدثت معه كثيرًا بخصوص فن الأيقونة والأسلوب القبطي واللغة القبطية والتى كان يتقنها ويقرأها بحكم كونه شماسًا بكنيسة مارجرجس الأثرية بالمنيا والتي تحفل بالعديد من الأيقونات الكبيرة الحجم والمتوسطة ، وكلها تظهر أسلوبًا قبطيًا بسيطًا ويحمل كل سمات الفن القبطى و تدعمه كتابات وأحرف قبطية لها معانٍ روحية وطقسية وألوان داكنة
لها حس القدم و له تصرف فى النسب والتشريح يضعه فى مصاف الفنانين الأقباط فى العصور الأولى للمسيحية وتترجم أيقوناته موضوعات كتابية وقصصًا دينية تتعلق بالقديسين وسيرهم ومعجزاتهم.
ويعد استخدام عنصر الكتابة جانبًا تشكيليًا وتصويريًا هامًا يدعم الشكل ويشرح المضمون باسلوب بسيط وخطوط هندسية معتادة فى الفن القبطى ويزيد من جمال أسلوب يوسف جرجس عياد بساطة أشكال بطريقة أقرب إلى الفنون الشعبية البعيدة عن الجوانب الأكاديمية رغم دراسته بكلية الفنون الجميلة وهذه البساطة فى الأسلوب والأشكال والنسب كلها تجعل من لوحاته أيقونات قديمة غير مصطنعة وأنا أحتفظ ببعضها كمقتنيات خاصة بتوقيع بسيط وراقٍ ومميز منه ورأيت عددًا من الأيقونات الرائعة له بدير أباهور الأثري بقرية سوادة بالمنيا ومجموعة أخرى بدير الأنبا صموئيل بجبل النقلون إضافة الى إسهاماته الفنية فى أماكن عديدة حتى أن عددًا من الصور القبطية التى كانت توزع فى مدارس الأحد قديمًا كانت من إبداعاته الفنية ، ونتذكره بكل الخير فى ذكراه الطيبة ونثمن أعماله التى رسم بها سياقًا فنيًا قبطيًا أصيلاً .