تتولى ألبانيا لأول مرة في تاريخها رئاسة لمجلس الأمن، في شهر يونيو الجاري، وفي مؤتمر صحفي بهذه المناسبة، قال فريد خوجة، مندوب ألبانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، إن بلاده ملتزمة بمجلس أمن يتسم بالكفاءة والشفافية، خلال هذا الشهر، وتتطلع قدماً إلى علاقة صحية وفيها تبادل للمنفعة مع الجميع، واستهلّ خوجة لقاءه مع الصحفيين في المقرّ الدائم بنيويورك بعرض أبرز المحطات التي سيمر بها مجلس الأمن خلال رئاسة ألبانيا له، إذ يُعدّ شهر يونيو تقليدياً شهراً حافلاً على حدّ قوله، “وهذا العام لن يكون استثناء.”
وتحدث خوجة عن أولويات ألبانيا هذا الشهر، والتي ترتبط بمسألة القانون الدولي، وتعزيز المساءلة والنهوض بأجندة المرأة والسلم والأمن وعلاقات الأمم المتحدة بالمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية، وأساليب عمل المجلس.
_ المساءلة والإنصاف للضحايا:
تبدأ رئاسة ألبانيا بمناقشة مفتوحة رفيعة المستوى حول تعزيز المساءلة على الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، وسيشارك فيها رئيس وزراء ألبانيا. وقال مندوب ألبانيا الدائم لدى الأمم المتحدة إن التمسك بالقانون الدولي وحماية وتعزيز حقوق الإنسان تترسخ في جوهر السياسة الخارجية لألبانيا.واستطرد قائلا: “لقد شاهدنا منذ فترة طويلة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ويكافح المجتمع الدولي من أجل مساءلة مرتكبي الجرائم الخطيرة. لا يمكن ولا يجب للإفلات من العقاب أن يصبح أمرا عاديا.”
وأكد على ضرورة العمل الآن نيابة عن – وباسم – عدد لا يحصى من الضحايا.باسم النساء المعتدى عليهن من كوسوفو، والأمهات الثكلى من البوسنة، وأطفال أوكرانيا، وضحايا تيغراي المجهولين، والهزارة في أفغانستان والإيزيديين في العراق والسجناء السياسيين في ميانمار والسودان، والموقوفين في سوريا، ولكل الصحفيين الذين فقدوا حياتهم أثناء تأدية الواجب، لكل شخص وفي كل مكان ممن حُرم من حقوقه وسُلب مستقبله، وتحطمت أحلامه بسبب الإساءة، وأضاف أنه إذا لم يتم تطبيقه ودعمه، فإن القانون الدولي ليس سوى مجرد حبر على ورق.
_ المساءلة لن تكون فقط في أوكرانيا:
ردّا على سؤال يتعلق فيما تأمل ألبانيا في تحقيقه عبر تنظيم الحدث عن المساءلة، قال خوجة: “نريد لمجلس الأمن أن يسلط الضوء على هذه القضية، وكما تذكرون، وأنا أتحدث هنا بصفتي الوطنية، ألبانيا شريك مؤسس لمجموعة أصدقاء المساءلة في أعقاب الهجوم على أوكرانيا.، وشدد خوجة على أن ألبانيا لا تريد أن يركز اجتماع المساءلة على دولة واحدة أو قضية واحدة فقط، بل أن تجري على نطاق أوسع. وشدد على أن السلام لن يحل بدون مساءلة، وبدون جلب مرتكبي الجرائم أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الإبادة إلى العدالة في أسرع وقت ممكن. مشيراً الى أن جميع الدول، كل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تضطلع بدور، وألبانيا تقوم بدورها.
كما أشار إلى حدث كبير آخر سيُعقد في 15 يونيو، بعنوان “الوفاء بالوعود”.. دور المنظمات الإقليمية في تحقيق أجندة المرأة والسلم والأمن في مواجهة الاضطرابات السياسية والاستيلاء على السلطة بالقوة.”
وردّا على سؤال يتعلق بقرار قد يصدر عن مجلس الأمن فيما يتعلق بتسهيل استئناف صادرات القمح من موانئ البحر الأسود، قال المسؤول الألباني إن قضية أوكرانيا كانت حاضرة على طاولة مجلس الأمن تقريبا كل أسبوع وأحيانا أكثر من ذلك، والسبب في ذلك أن الوضع معقد.،وقال: “نعلم ما يعنيه الاجتياح لأوكرانيا فيما يتعلق بالقانون الدولي، وفيما يتعلق بميثاق الأمم المتحدة، وبالاضطرابات التي تسبب بها إزاء الأمن الغذائي.”مؤكداً أنه لم يطّلع على أي صيغة ملموسة، لكنّه أشار إلى وجود جهود متباينة تُبذل داخل مجلس الأمن وخارجه، ينخرط فيها الأمين العام والأمم المتحدة.
وحول الانخراط الأوروبي، أوضح خوجة أن اجتماعا سيُعقد في 6 يونيو حول أوكرانيا، وسيحضره ممثلون عن الاتحاد الأوروبي. “عندما يحضر الاتحاد الأوروبي – أو أي دولة أو منظمة – اجتماعا فإن هذا يُظهر الأهمية القصوى للموضوع الذي تتم مناقشته.”
وفيما يتعلق بما تقوله روسيا إن الوضع في دونباس شبيه بالحالة في كوسوفو، قال المسؤول الألباني: “كرئيس لمجلس الأمن سأقول إن كوسوفو ليست ضمن أجندة العمل لهذا الشهر، لكنني سأقدم تعليقات بصفتي الوطنية: منذ البداية، لا نرى أي تشابه بين دولة كوسوفو المستقلة والعدوان العسكري الروسي غير المبرر لأوكرانيا.”وأشار إلى أنه لا يوجد أي تشابه بين كوسوفو وأي حالة أخرى في العالم. مؤكداً :” إن هذه القضية هي على أجندة مجلس الأمن على الأقل مرتين في العام، حتى الآن، مؤكدا أن كوسوفو اليوم لم تعد مسألة سلم وأمن، إنها مسألة بناء الدولة والمؤسسات الديمقراطية وتطوير منظمات مجتمع مدني حرة.، فدول غرب البلقان هي منطقة سريعة التطور، ولا ننسى ما حدث لكن لسنا عالقين في الماضي ونتطلع قدما لرؤية مشتركة، وإمكانية العمل معا وكيف يمكن زيادة تواصل الشعوب.”
_ حل الدولتين:
وبشأن القضية الفلسطينية، قال خوجة إن موقف ألبانيا يتماشى مع موقف الاتحاد الأوروبي، والموقف كان – وسيظل كما هو – وهو “أننا نؤيد حل الدولتين: إسرائيل تحتاج إلى أن تشعر بالأمن وألا تكون تحت التهديد أو تشعر به لأنه بدون ذلك لا يمكننا تحقيق أي حل، و (لا يمكننا تحقيق) دولة فلسطينية حيوية مترابطة حيث يتمتع الجميع بنفس الحقوق.، ولا يمكن أن يتحقق أي حل مستدام ما لم يشعر الإسرائيليين والفلسطينين بالمساواة أمام القانون.، وحول تهديد الوضع القائم للقدس، قال خوجة: “إن قضية وضع الأماكن المقدسة حاضرة في الاجتماعات وفي مواقف الدول الأعضاء، بما فيها ألبانيا. ثمّة اجتماع واحد في الشهر لكن لا شيء يمنع أي دولة في مجلس الأمن من أن تطلب المزيد من الاجتماعات، وهذا ينطبق على القضايا الأخرى ليس فقط مسألة الشرق الأوسط.”
_ إساءة استخدام الفيتو:
وعن انقسام أعضاء المجلس حزل قضايا بعينها، قال خوجة إن الانقسام أمر لا ينبغي أن يشوب مجلس الأمن، “ونأسف لرؤية مجلس الأمن في مواقف يعجز فيها عن التحرّك والمصادقة على قرارات مهمة وتبنيها مما يؤثر على حياة أشخاص في مكان ما في العالم.”وأكد أن تفويض مجلس الأمن هو الحفاظ على السلم والأمن، لكن عندما يتم إعاقة عمله، تكون النتيجة عكسية.، وتابع خوجة:|” أن من المشكلات الأخرى إساءة استخدام حق النقض (الفيتو). هذه واحدة من القضايا التي نحتاج إلى النظر في إمكانية إصلاحها.. لأن هذا سيساعد مجلس الأمن على أن يكون أكثر إنتاجية وفعالية واستجابة في تنفيذ تفويضه.” مشيراً الى إن الجميع يتفق على أن مجلس الأمن اليوم لا يمثل عالم اليوم، وثمّة حاجة إلى إصلاح المنظومة لكن الدول الأعضاء لم تتفق بشأن كيفية إجراء هذا الإصلاح وما يجب أن يعنيه فيما يتعلق بالعضوية.
وأوضح قائلا: “في حال زيادة العضوية المنتخبة يجب أن تحصل مجموعتنا – مجموعة دول شرق أوروبا – على مقعد إضافي بسبب تضاعف عدد الدول الأعضاء بعد الأحداث المختلفة التي حدثت في العقود الثلاثة الماضية: حل الاتحاد السوفيتي وحل يوغوسلافيا.. لكنني لا أعتقد أن تغييرا أساسيا سيطرأ فيما يتعلق بإصلاح مجلس الأمن.”