· انضم الى شلة الحرافيش وأطلقوا عليه .. رب السيف والقلم
· ابنه يطلق الرصاص بالخطأ على أعز صديق له
· حديقة فيلته سبب حزنه الشديد لدرجة البكاء
البرنس أحمد مظهر .. هكذا عرف فى الكلية الحربية، كان شابا بارعا فى الفروسية وركوب الخيل، أيضا شابًا وسيمًا مثقف يتحدث عدة لغات، شارك مظهر فى تأسيس شلة الحرافيش مع الأديب العالمي نجيب محفوظ والتي تضم صفوة المجتمع من الفنانين والكتاب والمثقفين. شارك فى العديد من الحروب منها الحرب العالمية الثانية وحرب فلسطين والعدوان الثلاثي، بعد رحلة نضال وكفاح بالقوات المسلحة قرر أحمد مظهر التخلي عن العسكرية وهو برتبة عقيد ليتفرغ للتمثيل وينطلق إلى عالم النجومية، تعرض مظهر لعدة مواقف عكرت صفو حياته بعضها دفعته للحزن الشديد والبكاء …
ولد أحمد حافظ مظهر يوم 8 أكتوبر 1917 بحي العباسية بالقاهرة وكان منزله مجاورا لمنزل نجيب محفوظ وزكي نجيب محفوظ ومحمد عبد الوهاب، حصل على الثانوية العامة من مدرسة العباسية الثانويه وكان متميزًا عنهم بوسامته وأناقته فهو من أصول شركسية.
التحق بالكلية الحربية وكان ضمن دفعته الرئيسان جمال عبد الناصر وأنور السادات وأيضا وزير الثقافة ثروت عكاشة والمشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية، وكان مظهر هو أمباشي الدفعة ، بعد تخرجه عام 1938 مع دفعته شاركوا في الحرب العالمية الثانية وكان هو من مجموعة المشاة ثم انتقل إلى سلاح الفرسان وأنشأ مدرسة الفرسان وشارك مع زملائه في معركة حرب فلسطين عام .1948
كانت مهمة الملازم أول أحمد حافظ مظهر تطهير الألغام التى يقذف بها اليهود والإنجليز والألمان حول قناة السويس وقد انفجر أحد الألغام في دائرة قطرها عشرين مترًا ودمر كل ما حوله وأنقذته العناية .الإلهية من موت محقق
عشقه للفروسية
عشق أحمد مظهر رياضة الفروسية والخيالة و صار بطل من أبطال مصر وانضم للمنتخب المصري وأصبح لاعبا أساسيا وكابتن منتخب مصر المشارك في دورة الألعاب الأولمبية بهلسنكي فنلندا شمال أوروبا في يوليو 1952 .. وقد كرمه الملك فاروق ومنحه كأس الفروسية.
سافرت البعثة أواخر يونيو وكانت الخيول المصرية قد سبقت البعثة بالمراكب من شهر مارس أي قبل بدء المسابقات بأربعة أشهر ، والتدريبات على أشدها يقودها البكباشي أحمد حافظ مظهر ولكن انقلب الأمر سريعا ولم يكتب للبعثة المشاركة فى مسابقات الفروسية كما سنرى فى السطور التالية.
استدعاء عاجل لمظهر وعودة البعثة
فى 22 يوليو 1952 قامت الثورة ولم يشعر بها أحد حتى أعلن البكباشى أنور السادات عن قيام مجموعة من الجيش بحركة لتطهير البلاد من الفساد وهذه المجموعة أطلقت على نفسها حركة الضباط الأحرار.
وكانت مسابقات الفروسية ستبدأ بعد ثلاثة أيام، لكن تعليمات من القاهرة صدرت إلى محمد طاهر باشا رئيس الوفد بأن تعود البعثة المصرية الرياضية المشاركة في أولمبياد هلسنكي إلى القاهرة دون الاشتراك في أي مسابقات جديده ومن اشتركوا في الأيام الأولى عليهم الاستمرار للنهائيات حتى الخروج والعودة مع البعثة إلى مصر، وهكذا حرم الفارس أحمد مظهر من لقب لاعب أولمبي حيث إنه لم يشارك فعليا في الأولمبياد رغم أنه استخرج بطاقة دورة الألعاب الأولمبية.
مجموعة الحرافيش
انضم أحمد مظهر الى مجموعة الحرافيش التي بدأت أولا بثلاثة أصدقاء هما مظهر وعادل كامل واحمد سرور وانضم إليهم الدكتور أحمد زكي محمود الأستاذ بجامعة الرياض وزكي نجيب محمود أستاذ الفلسفة والأديب نجيب محفوظ و الصحفي ثابت أمين والضابط عادل مدكور وصبري شبانه وغيرهم من رجال الفن والأدب والسياسة.ة
كانت مجموعة الحرافيش تلتقى يوم الجمعة من كل أسبوع فى كازينو الأوبرا، بالطبع أثرت هذه الجلسات على نشاط مظهر الثقافي والفكري وبدأ يكتب السيناريوهات وأطلقت عليه مجموعة الحرافيش “مظهر رب السيف والقلم” حتى إنه قال عن نفسه أنا كاتب سيناريو درجة أولى ومخرج درجة ثانية وممثل درجة ثالثة.
من الفروسية الى التمثيل
في عام 1950 اتفق المنتج والسيناريست والمخرج إبراهيم عز الدين مع الدكتور طه حسين على تحويل كتابه الوعد الحق إلى فيلم سينمائي واختار له الاثنين عنوان ظهور الإسلام كان الدور يتطلب أن يكون البطل فارسا بمعنى الكلمة.
بحث المخرج إبراهيم عز الدين بين فرسان نادي الجزيرة ونادي سبورتنج الإسكندرية عمن يصلح للدور لكنه لم يجد ، فاضطر أن يذهب الى إدارة الخيالة والفروسية بالقوات المسلحة وهناك شاهد شاب يقفز الحواجز والسدود بالحصان ، ثم يقفز من فوق ظهره ويجري الى جواره ويعاود القفز فوق ظهره من جديد وهو بأقصى سرعه فقال لمن معه: “هو ده اللي ينفع للدور”.
بعدها عرضوا على مظهر القيام ببطولة الفيلم ، رحب مظهر بذلك العرض ، ولكنه طلب الاستئذان له من الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية لكي يسمح له بالتمثيل في السينما ، بالفعل حصل له المخرج عز الدين ذو الفقار على تصريح من الفريق حيدر وكانت هذه البداية فى انطلاقه إلى عالم التمثيل وظهوره على الشاشة الفضية وعرض الفيلم لأول مرة يوم 19 أبريل 1951.
ترك العسكرية وتفرغ للتمثيل
في عام 1956 وبعد المشاركة في حرب العدوان الثلاثي قرر أحمد مظهر أن يترك العسكرية وهو برتبة القائمقام (عقيد) وتفرغ ليعمل سكرتيرا عاما مساعدا للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.
وفي عام 1957 قام ببطولة فيلم “رحلة غرامية” عن قصة زميله في الحربية يوسف السباعي وإخراج محمود ذو الفقار بطولة مريم فخر الدين وشكري سرحان وسميرة احمد ويوسف فخر الدين .. وغيرهم.
عبد الناصر يحضر تصوير رد قلبى
وفى عام 1958 استعد احمد مظهر لتصوير فيلم “رد قلبى” قصة يوسف السباعى أيضا ويحكى الفيلم عن القضاء على الإقطاع بعد قيام الثورة ، وقد حرس جمال الرئيس جمال عبد الناصر وزكريا محيي الدين وكمال الدين حسين على حضور تصوير الفيلم ثلاث مرات، وقد شد جمال عبد الناصر على يد منتجة الفيلم آسيا داغر اللبنانية ووصفها بأنها أكثر حبا وإخلاصا لمصر من كثير من المصريين.
وعندما شاهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تصوير الفيلم نصح أحمد مظهر بالتفرغ والعمل بالفن ، استجاب أحمد مظهر لنصيحة عبدالناصر، وقرر التفرغ للسينما والتمثيل.
بعدها قام أحمد مظهر ببطولة فيلم عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد وكتب قصتها ايضا يوسف السباعي واخرجها للسينما يوسف شاهين .. بعدها توالت أفلام أحمد مظهر وحصل على جائزة أحسن ممثل عن الكثير من أدواره.
مواقف فى حياة أحمد مظهر
تعرض الفنان أحمد مظهر لثلاثة مواقف أثرت عليه كثيرا ، الأول عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 وكان هو أحد الضباط الأحرار ولم يكن وقتها موجودا في مصر بل في هلسنكي عاصمة فنلندا للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية ، الثاني يوم أطلق ابنه الوحيد الرصاص بطريق الخطأ فقتل أحد اصدقائه،
أما الموقف الثالث عندما قامت الكراكات واللودر والبلدوزر بهدم جزءا كبيرا من حديقة فيلته بالمنصورة لإقامة محور 26 يوليو الذي يمتد من 6 أكتوبر وحتى ميدان لبنان بالمهندسين ، وقتها بكى أحمد مظهر بحرقة على شاشة التليفزيون وكان ضيفا على مفيد فوزي في برنامجه التلفزيوني وتعاطف معه الناس جميعا واتصل وقتها الرئيس الراحل حسنى مبارك بوزير الإسكان والمرافق محمد إبراهيم سليمان يسأله عن مدى إمكانية إجراء تعديل لتفادي نزع نصف أرض فيلا احمد مظهر وتم عمل دراسة ورأي المهندسون تعذر إجراء تعديل لان الابتعاد عن الفيلا يستلزم إجراء انحراف بالطريق 20 مترا ناحية الإسكندرية مما سيتسبب في وقوع حوادث وكوارث ، عرضت الحكومة على أحمد مظهر تعويض مالي كبير عن الجزء المستقطع من الفيلا لكنه رفض بشدة وقال أن الأشجار النادرة التي تم اقتلاعها لا تعوض بمال، وهكذا عاش مظهر حزينا على حديقة فيلته وبعدما كانت حديقة كبيرة أصبحت صغيرة وكان يقضي أيامه الأخيرة فيها ويستمتع مع أحفاده بما تبقى من عمره حتى فارق الحياة عام 2002 .