مقدمة:
تحتفل كنيستنا المقدسة, في هذه الليلة المباركة, بعيد قيامة السيد المسيح من بين الأموات, بسلطان لاهوته.
ولذلك أهنئكم تهنئة قلبية, بهذا العيد المجيد, طالبا من الله في هذه المناسبة الكبيرة, البركة والخير والسلام, لكنيستنا العريقة, ولوطننا العزيز مصر قيادة وشعبا, وللعالم أجمع.
أما عن كلمة هذا العيد, فهي عن: قيامة المسيح وتأثيرها علي جوانب الحياة.
بلا شك قيامة السيد المسيح من بين الأموات, كان لها تأثيرها علي جوانب كثيرة في الحياة ومازالت. وفي مقدمة ذلك:
1- بأنها أشارت إلي النبوات, التي تكلمت عنها, وأكدت علي صحتها وتحقيقها.
فلذلك من بين الأنبياء, الذين أنبأوا عن قيامة المسيح من بين الأموات, أيوب الصديق الذي قال في نبوءته: أما أنا فقد علمت أن وليي حي, والآخر علي الأرض يقوم (أي19:25).
وكذلك من بعده داود النبي, أنبأ عن قيامة المسيح من بين الأموات, وذلك في سفر المزامير: لذلك فرح قلبي, وابتهجت روحي, جسدي أيضا يسكن مطمئنا. لأنك لن تترك نفسي في الهاوية, لن تدع تقيك يري فسادا (مز16:9-10).
لذلك كانت قيامة المسيح, طبقا لنبوءات الأنبياء وتحقيقا لها, لم تحدث صدفة, بل أكدت علي صحة تلك النبوءات, وعملت علي تحقيقها, لذلك من هذا المنطلق قال القديس بولس, في رسالته الأولي إلي أهلي كورنثوس: فإنني سلمت إليكم في الأول, ما قبلته أنا أيضا, أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن, وأنه قام في اليوم الثالث, حسب الكتب (1كو15:3-4).
2- كما أن قيامة المسيح من بين الأموات, كان لها التأثير في التأكيد علي صدق نبوءات المسيح, الخاصة بقيامته, وتحقيقها.
ولذا بعد أن تجلي المسيح, علي جبل طابور, أمام تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا, أوصاهم قائلا: لا يحدثوا أحدا بما أبصروا, إلا متي قام ابن الإنسان من الأموات (مر9:9).
ولم يكتف المسيح, بهذه النبوءة عن قيامته من الأموات, إلا أنه أكدها مرات عديدة, ومن بينها قال للآباء الرسل, قبل تسليمه لصالبيه: كلكم تشكون في, في هذه الليلة, لأنه مكتوب أني أضرب الراعي, فتتبدد خراف الرعية. ولكن بعد قيامي, أسبقكم إلي الجليل (مت26:31-32).
ولذا المسيح بعد قيامته من بين الأموات, ظهر لتلميذي عمواس, وأشار إليهما, إلي ما جاء عنه من نبوءات, حول آلامه وقيامته, قائلا لهما, موبخا ضعف إيمانهما: أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان, بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا, ويدخل إلي مجده. ثم ابتدأ من موسي, ومن جميع الأنبياء, يفسر لهما الأمور المختصة به, في جميع الكتب (لو24:25-27).
3- ولعل من تأثير قيامة المسيح, علي جوانب الحياة, أشار الرسول إلي أنها قيامة, مصحوبة بقوة عظيمة.
وهذا يتضح لنا مما قاله الرسول بولس, في رسالته إلي أهل فيلبي: لأعرفه, وقوة قيامته, وشركة آلامه, متشبها بموته (في3:10).
ومن هذا المنطلق, تعد قيامة المسيح من بين الأموات, آية من آياته, أو معجزة من معجزاته, وجاء هذا من حديث لليهود معه, قائلين: أية آية ترينا حتي تفعل هذا؟ أجاب يسوع وقال لهم: انقضوا هذا الهيكل, وفي ثلاثة أيام أقيمه. فقال اليهود: في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل, أفأنت في ثلاثة أيام تقيمه. وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات, تذكر تلاميذه, أنه قال هذا, فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع (يو2:18-22).
وكوننا نقول إن قيامة المسيح من الأموات تعد آية من الآيات, أو معجزة من المعجزات, هذا لأنه أقام نفسه بنفسه, ولم يقمه أحد مثل بقية الحالات التي قامت من بين الأموات, لأنه: هو القيامة والحياة (يو11:25).
ومع ذلك قام المسيح من بين الأموات, بالرغم من أن القبر عليه حجر كبير, وأختام وحراس في نفس الوقت, ولم يروه ولم يمنعوه من القيامة فجر يوم الأحد (مت27:65, 66).
ولأجل كل هذه الأسباب وغيرها, دعي المسيح في قيامته: أول قيامة الأموات (أع26:23).
وكذلك دعي في قيامته: بباكورة الراقدين (1كو15:20). أو بالبكر من الأموات (رؤ1:5), (كو1:18).
4- ولا يفوتنا أن نشير بأن قيامة المسيح من بين الأموات أكدت علي عقيدة القيامة العامة من بين الأموات, وأهدافها المكافأة أو الدينونة.
وهذا ما أشار إليه المسيح, في حديثه في إنجيل القديس يوحنا, وقت أن قال: لا تتعجبوا من هذا, فإنه تأتي ساعة, فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلي قيامة الحياة, والذين عملوا السيئات إلي قيامة الدينونة (يو5:28-29).
وكما أكد المسيح علي عقيدة القيامة العامة لجميع الناس أبرارا وأثمة في أواخر الزمان, أكد كذلك الرسول بولس في سفر الأعمال بقوله: ولي رجاء بالله, فيما هم أيضا ينتظرونه, أنه سوف تكون قيامة للأموات, الأبرار والأثمة (أع24:25), (عب6:2).
ولذا المسيح, أثناء خدمته الجهارية وسط الناس, أقام بعد الحالات من بين الأموات, للتأكيد علي سلطانه في إقامة الموت, والقيامة العامة, أو قيامة الأجساد, في أواخر الزمان.
ومن أمثلة من أقامهم السيد المسيح من بين الأموات: ابنة يايرس (لو8:49-56), (مر5:35-43), (مت9:18, 23, 24, 25, 26). وكذلك أقام ابن أرملة نايين, الوحيد لأمه (لو8:11-17). كما أنه أقام لعازر من الموت, بعد أربعة أيام (يو11:38-44)
ولا ننسي أن نشير إلي الكثيرين الذين قاموا من القديسين من بين الأموات, وذلك بسبب صلب وموت وقيامة السيد المسيح, وذلك مشاركة منهم في كل هذه الأحداث (مت27:52-53).
لكي لا يفوتنا أن نشير إلي الحالات الاجتماعية التي أقامها المسيح من الموت الروحي والموت الجسدي, واتضح هذا في حديثه مع اثنين, من تلاميذ القديس يوحنا المعمدان, وقت أن سألاه قائلين له: أنت هو الآتي, أم ننتظر آخر؟ فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران. العمي يبصرون, والعرج يمشون, والبرص يطهرون, والصم يسمعون, والموتي يقومون, والمساكين يبشرون (مت11:3-5), (لو7:22).
وتأكيدا علي سلطان المسيح في إقامة الموتي سواء كان من موت الخطية, أو الموت الجسدي, أعطي كذلك سلطانا للآباء الرسل علي إقامة الموتي, وهذا ما أشار إليه القديس متي في إنجيله: دعا تلاميذه الاثني عشر, وأعطاهم سلطانا.. اشفوا مرضي, طهروا برصا, أقيموا موتي, أخرجوا شياطين, مجانا أخذتم, مجانا أعطوا (مت10:1, 8).
وبناء علي هذا السلطان الممنوح من المسيح لآبائنا الرسل أقام القديس بطرس الرسول طابيثا من الأموات (أع9:36-42). وكذلك أقام القديس بولس الرسول, الشاب أفتيخوس الذي سقط من الطاقة ميتا (أع20:7-12).
5- ومن الجوانب المهمة في قيامة المسيح من بين الأموات, اتضحت لنا صورة أجسادنا التي نقوم عليها في يوم القيامة العامة.
من المعروف والمسلم به لدي كنيستنا بأن المسيح قام من بين الأموات بنفس جسده الذي اتحد به لاهوته في بطن العذراء وولد منها وهو نفس الجسد الذي صلب به ومات أيضا به عنا وهو الذي قام به أيضا من بين الأموات, وصعد به وجلس علي العرش إلي أبد الآبدين, لكن بصورة متجلية أكثر بكثير من الصور التي ظهر بها علي جبل التجلي.
بالتالي تكون أجسادنا في القيامة العامة علي صورة جسد المسيح في قيامته, كما أشار الرسول, في رسالته إلي أهل فيلبي: الذي سيغير شكل جسد تواضعنا, ليكون علي صورة جسد مجده, بحسب عمل استطاعته, أن يخضع لنفسه كل شيء (في3:21).
وأراد الرسول بولس, بأن يوضح لنا هذه الصورة, التي تكون عليها أجسادنا يوم القيامة, وذلك من خلال عمل مقارنة بين أجسادنا قبل القيامة وبعدها, ولذا قال في رسالته الأولي لأهل كورنثوس: هكذا أيضا قيامة الأموات, يزرع في فساد ويقام في عدم فساد. يزرع في هوان ويقام في مجد. يزرع في ضعف, ويقام في قوة. يزرع جسما حيوانيا, ويقام جسما روحانيا.. وكما لبسنا صورة الترابي, سنلبس أيضا صورة السماوي.. ولبس هذا المائت عدم موت (1كو15:42, 43, 44, 49, 54).
يتضح لنا من هذه المقارنة, بأن الأجساد التي يعطيها لنا الله, ونقوم بها في يوم القيامة, هي لم تكن أجسادا أخري, غير أجسادنا التي ولدنا وعشنا ومتنا بها, بل هي صفات أو سمات, يدخلها الرب علي أجسادنا, تعطيها السمة السماوية والروحانية: لأن لحما ودما لا يقدران أن يرثا ملكوت الله (1كو15:50).
وكوننا نقول بإننا نقوم بنفس أجسادنا التي ولدنا وعشنا ومتنا بها, لكن بصفات سماوية روحانية منحة من الله لنا. لأن عدل الله ورحمته لا يقبلان بأن تكافأ أجساد أخري غير الأجساد التي تعبت مع الأرواح في البر في أيام الغربة علي الأرض. وكذلك لا تدان أجساد أخري في النار الأبدية, غير الأجساد التي أخطأت بالشر, مع الأرواح في أيام الغربة علي الأرض, وذلك تماشيا مع الوعد الإلهي القائل: لأنه لابد أننا جميعا, نظهر أمام كرسي المسيح, لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا (2كو5:10).
6- ومن الجوانب التي أثرت عليها قيامة المسيح, هي قيامة الناس من الموت الروحي, الذي بسبب الخطية.
لأنه معروف أنه بعد قيامة المسيح من بين الأموات, وكرازة الآباء الرسل بالإيمان المسيحي, وقبول الناس لهذا الإيمان في حياتهم, ومعايشتهم له, والتمتع بنعم هذا الإيمان من خلال الكنيسة, استطاع الناس أن يتوبوا توبة حقيقية صادقة, أطلق عليها الكتاب في سفر الرؤيا, بأنها قيامة أولي, وهذا ما جاء في سفر الرؤيا: مبارك ومقدس, من له نصيب في القيامة الأولي. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم, بل سيكونون كهنة لله والمسيح, وسيملكون معه ألف سنة (رؤ20:6).
وهذا ما يؤكد عليه الرسول بولس, في رسالته إلي أهل أفسس, بأن الخطية نوم وموت, والتوبة هي قيامة من الموت الروحي: استيقظ أيها النائم, وقم من الأموات, فيضيء لك المسيح (أف5:14).
ولا ننسي أن نتذكر, ما قاله المسيح في هذا الصدد بأن الخطية تتسبب في الموت الروحي, أما طاعته والرجوع إليه بالتوبة يؤدي إلي الحياة وهذا قوله لنا: الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي ساعة وهي الآن, حين يسمع الأموات صوت ابن الله, والسامعون يحيون (يو5:25).
لذلك يا أحبائي ننتهز فرصة عيد القيامة, ونقوم ونحيا معه من موت الخطية, وذلك بواسطة إيماننا به, وتوبتنا الصادقة الأمينة.
7- ويعوزنا الوقت أن نشير إلي جانب مهم وهو أن قيامة المسيح دحضت إنكار الصدوقيين وأمثالهم لقيامة المسيح من بين الأموات وكذلك القيامة العامة للبشر.
كان الصدوقيون في أيام السيد المسيح لا يؤمنون بالقيامة العامة ويوجد كثيرون غيرهم في الكتاب المقدس والتاريخ لا يؤمنون بهذه القيامة.
لذلك الصدوقيون سألوا المسيح قائلين عن المرأة التي تزوجت بسبعة رجال إخوة الواحد بعد الآخر وذلك بسبب عدم الإنجاب ومات جميعهم ففي القيامة لمن تكون زوجة لأي منهم. أجابهم قائلا: في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون, بل يكونون كملائكة الله في السماء. وأما من جهة قيامة الأموات, أفما قرأتم ما قيل لكم, من قبل الله القائل: أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب, ليس الله إله أموات, بل إله أحياء (مت22:30-32).
بالتالي قيامة المسيح, كانت عربونا علي قيامة البشر في أواخر الأيام, وإن لم تكن حدثت قيامة المسيح, فلن تكون قيامة للبشر علي الإطلاق!! (1كو15:12).
8- لا ننسي بأن نذكر عن قيامة المسيح بأنها هي التي دفعت الملائكة للكرازة للنسوة بقيامته وكلفوهن بالكرازة للآباء الرسل والناس.
وهذا واضح في الأناجيل الأربعة, من حديث الملائكة مع النسوة وخاصة مع ما ورد في إنجيل القديس مرقس قوله: ولما دخلن القبر رأين شابا جالسا عن اليمين لابسا حلة بيضاء, فاندهشن. فقال لهن: لا تندهشن. أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس: إنه يسبقكم إلي الجليل. هناك ترونه كما قال لكم (مر16:5-7), (لو24:4-9), (يو20:12-18), (مت28:5-7).
سؤال: لكل من ينكر قيامة المسيح من بين الأموات, ما رأيك يا أخي بأن الملائكة شهدوا لقيامة المسيح من بين الأموات, فهل لو قيامة المسيح لم تكن قد حدثت بالفعل, هل كان أحد يستطيع أن يحرك الملائكة, بأن يكرزوا بها؟
الجواب: إذا بالطبع لا, لكن كون الملائكة كرزوا بقيامة المسيح من بين الأموات وأكدوا عليها, إذا هي حدثت بالفعل ولا يمكن إنكارها ومن ينكرها ولا يقبلها, ينال مجازاة عادلة في يوم الدينونة.
وبالفعل ذهبت النسوة وأخبرت الآباء الرسل بما رأين وسمعن وأتي الآباء الرسل إلي القبر, وعاينوا ورأوا بأنفسهم القبر الفارغ, والأكفان الموضوعة, وظهر لهم المسيح بعد ذلك, وأكد لهم علي صحة وصدق قيامته من بين الأموات.
9- وبناء علي إيمان الآباء الرسل بقيامة السيد المسيح وظهوراته العديدة لهم بعد القيامة كرزوا بها للناس في كل المسكونة, مع بقية جوانب الإيمان المسيحي وعقائده.
ولذا قبل اختيار متياس الرسول, بدلا من يهوذا الإسخريوطي الذي أسلم سيده, قال القديس بطرس الرسول: ينبغي أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان, الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج منذ معمودية يوحنا إلي اليوم الذي ارتفع فيه عنا, يصير واحد منهم شاهدا معنا بقيامته (أع1:21-22).
ولذا كانت قيامة المسيح لها تأثير علي الآباء الرسل جميعا, وظهرت بوضوح في كرازتهم التي كرزوا بها للناس , والتي كانت سببا في إيمان الناس بالسيد المسيح بأعداد كبيرة, في أماكن مختلفة.
ولذا قيل عن الرسولين بطرس ويوحنا: بينما هما يخاطبان الشعب, أقبل عليهما الكهنة وقائد جند الهيكل والصدوقيون, متضجرين من تعليمهما الشعب, وندائهما في يسوع بالقيامة من الأموات. فألقوا عليهما الأيادي ووضعوهما في حبس إلي الغد, لأنه كان قد صار المساء. وكثيرون من الذين سمعوا الكلمة آمنوا وصار عدد الرجال نحو خمسة آلاف (أع4:1-4).
بالتالي كانت قيامة المسيح, لها تأثير كبير علي كرازة جميع الآباء الرسل, وأعطتهم قوة ونعمة عظيمة, لذلك قبل الناس الكرازة, وآمنوا بالإيمان المسيح, كما أشار الكتاب في سفر الأعمال: وبقوة عظيمة, كان الرسل يؤدون الشهادة, بقيامة الرب يسوع, ونعمة عظيمة, كانت علي جميعهم (أع4:23).
ولم تتوقف كرازة الآباء الرسل للناس, وذلك في قبول الإيمان بل أيضا معايشته وتحويله إلي حياة في سلوكهم وأعمالهم, ولذا قيل في سفر الأعمال عن الذين آمنوا: كان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد, ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول إن شيئا من أمواله له, بل كان عندهم كل شيء مشترك.. إذ لم يكن فيهم أحد محتاجا, لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها, ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل, فكان يوزع علي كل أحد, كما يكون له احتياج (أع4:32, 34, 35).
لكن لا يفوتنا, أن نشير إلي أن قيامة المسيح ساعدت الآباء الرسل علي فهم الكتب المقدسة, والكرازة باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا. ولذا في إحدي ظهورات المسيح لهم, قال لهم: هذا هو الكلام الذي كلمتكم به, وأنا بعد معكم, أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسي والأنبياء والمزامير, حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب, وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم, ويقوم من الأموات في اليوم الثالث, وأن يكرز باسمه بالتوبة, ومغفرة الخطايا لجميع الأمم, مبتدأ من أورشليم (لو24:44-47).
10- ومن الجوانب المهمة بأن قيامة السيد المسيح من بين الأموات, هي جزء لا يتجزأ من إيمان وعقائد المسيحية بعيد القيامة, بصفة خاصة, وارتباطه ببقية الأعياد المسيحية بصفة عامة.
وخاصة أن عيد القيامة, جاء عنه في الكتاب المقدس بعهديه, ومجمع نيقية المسكوني والرسائل الفصحية الخاصة بالعيد, والتي كان يكتبها بابا وبطريرك كرسي الإسكندرية, ويرسلها لبقية الكراسي الرسولية, بالإضافة إلي أنه ورد عن هذا العيد, في قوانين الكنيسة وليتورجياتها.
11- من جانب آخر هناك ربط وثيق بين عيد القيامة والصوم المقدس الكبير وأسبوع الآلام الذي يسبقه ومدته خمسة وخمسون يوما, لأن كل منهما يؤهل لنوال بركات العيد.
12- كما أن عيد القيامة المجيد, هو تقليد مسلم منذ القدم ومعمول به في الكنيسة وتحتفل به جميع الكنائس المسيحية في العالم بغض النظر عن الاختلاف في توقيت الاحتفال وذلك بسبب تعدد التقاويم التي تقوم عليها حسابات كل كنيسة.
13- بالإضافة إلي كل هذا بأن قيامة المسيح يوم الأحد من بين الأموات, أثرت علي الزمن وجعلت يوم الأحد هو يوم الرب وأول الأسبوع.
كما أنبأ داود النبي في سفر المزامير عنه قائلا: هذا هو اليوم الذي صنعه الرب, نبتهج ونفرح فيه (مز118:24).
ولذا كانت أول ظهورات المسيح بعد قيامته, كانت لمريم المجدلية وفي يوم الأحد الذي هو أول الأسبوع (مر16:9-11).
وفي يوم الأحد الذي هو أول الأسبوع, ظهرت الملائكة للنسوة عند القبر وداخله (لو24:1-9).
كما أن المسيح ظهر للتلاميذ في العلية, في عشية أول الأسبوع وأعطاهم السلام الرباني وكذلك أعطاهم الكهنوت وسلطانه ورئاسته (يو20:23-24).
بالإضافة إلي ذلك في أول الأسبوع الذي هو يوم الأحد كان يجتمع المؤمنون بالكنيسة ويتم رفع الذبيحة والقداس الإلهي (أع20:7).
إلي جوار ذلك كان هناك تقليد معاش بالكنيسة, وهو أنهم كانوا يجمعون تقدمات وعطايا الناس, في أول الأسبوع الذي هو يوم الأحد لمساعدة الكنائس المحتاجة (1كو16:1-3).
14- ولا يفوتنا أن نشير إلي أن عيد القيامة له تأثير علي التاريخ البشري لأنه مرتبط بتاريخ قيامة المسيح من بين الأموات.
15- كما أن عيد القيامة مرتبط جغرافيا بحدث قيامة المسيح الذي حدث من القبر في أورشليم- القدس.
16- وهكذا أصبح مكان قبر السيد المسيح الذي كان مدفونا به وقام منه يعد أثرا مهما وجزءا لا يتجزأ من الآثار المسيحية والعالمية.
والذي بنيت عليه فيما بعد كنيسة القيامة علي يد الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين, واشترك في تدشينها القديس البابا أثناسيوس الرسولي -البابا العشرون- بابا وبطريرك الكرازة المرقسية, مع بطريرك القسطنطينية وبطريرك أنطاكية وأسقف أورشليم عام 335م.
17- ومع ذلك كان لعيد القيامة تأثيره الإيجابي الفعال علي ليتورجيات كنيستنا الخاصة بالعبادة في الأعياد.
وهو جزء لا يتجزأ من ليتورجياتها وفي هذه الليتورجية يوضح إيمان الكنيسة بهذا العيد, وكيفية الاحتفال به وأن إيماننا كمسيحيين بعقيدة القيامة العامة مرتبط ارتباطا وثيقا بإيماننا بقيامة السيد المسيح من بين الأموات, ولا يمكن الفصل في الربط بينهما, بأي حال من الأحوال!!
ولذا نصلي في قانون الإيمان المسيحي ونقول فيه: وصلب عنا علي عهد بيلاطس البنطي, تألم وقبر وقام من بين الأموات, في اليوم الثالث كما في الكتب, ونكمل قائلين في نهاية القانون, عن القيامة العامة بقولنا: وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين.
18- ومن اللافت للنظر بأن الشهداء والذين ترهبنوا ربطوا استشهادهم ورهبنتهم بالقيامة العامة, وذلك بالمكافأة الأفضل في الحياة الأبدية.
ولذا مكافأة الرب للشهداء وللذين ترهبوا وعاشوا حياة الرهبنة الحقيقية, لهم مكافأة لم يحصل عليها أحد من القديسين.
ولذا قال الرسول: ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل. وآخرون تجربوا في هزء وجلد, ثم في قيود أيضا وحبس. رجموا, نشروا, جربوا, ماتوا قتلا بالسيف, طافوا في جلود غنم وجلود معزي, معتازين مكروبين مذلين, وهم لم يكن العالم مستحقا لهم, تائهين في براري, وجبال ومغاير وشقوق الأرض. فهؤلاء كلهم, مشهود لهم بالإيمان.. (عب11:35-39).
وفي النهاية, ونحن في هذه المناسبة المقدسة, التي لقيامة مخلصنا الصالح من بين الأموات, نطلب من الله ونكرر الطلبة, بأن ينعم بالسلام والخير والبركة والتقدم لوطننا العزيز مصر قيادة وشعبا, وكذلك علي كنيستنا المقدسة والعالم أجمع.
وكل عام وجميعكم بخير.