تعرض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على مدار الساعات الماضية لانتقادات من قبل بعض المراقبين، الذين قالوا إنه كان بطيئًا جدًا في البدء بالنسبة لتشديد الائتمان، وقد ينتهي به الأمر إلى رفع أسعار الفائدة بشدة لدرجة أنه سيؤدي إلى حدوث ركود، مؤكدين أن الأسواق ستواجه ركودً العامين المقبلين، وذلك برغم وجود نمو جيد في الوظائف والإنفاق الاستهلاكي .. من ناحية أخرى تخشى الأسواق الناشئة من تبعات رفع أسعار الفائدة، لأنه سيضع أعباء اقتصادية ومالية كبيرة ، حيث يزيد سعر تكلفة الفوائد على القروض المقومة بالدولار الأمريكي، كما أن كلفة الإقراض الجديد سترتفع مع قرار الفيدرالي الأمريكي، مما يجعل أسواق الدين غير جاذبة لمزيد من الاقتراض .. ومن الأثار السلبية أيضاً أن نسبة من النقد المقوم بالدولار الأمريكي، سيأخذ منحى الاستثمار على شكل ودائع للاستفادة من أسعار الفائدة الأعلى نسبياً .
وقال الدكتور محمد العريان الخبير الاقتصادى العالمى وكبير المستشارين الاقتصاديين في “أليانز”: يظل أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي أمور عديدة ينبغي أن يحرز تقدماً بشأنها، إذا أراد أن ينتقل من وضعية أنه جزء من مشكلة المعاناة الاقتصادية والمالية إلى وضعية أن يصير جزءاً من الحل.. وما دام الاحتياطي الفيدرالي مستمراً في ملاحقته عبثية الأسواق، فإن احتمالية ارتكابه خطأ خطيراً آخر في السياسة النقدية تزيد مع اضطراره لأن يسلك واحداً من بديلين: إما إقرار وتحقيق توقعات السوق والمخاطرة بوقوع ركود اقتصادي باهظ التكلفة، وإما أن يخيب آمالها ويخاطر بمزيد من انفلات التوقعات التضخمية.
وحذر الاقتصادي محمد العريان من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يواجه رياحًا معاكسة مثيرا القلق من حدوث ركود اقتصادي مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتعطل الاقتصاد العالمي، مع مخاطر من سياسات إغلاق صينية جديدة بسبب كورونا وحظر نفطي محتمل من جانب الاتحاد الأوروبي قد تعرقل سلاسل إمدادات الطاقة مما يضيف المزيد من المخاطر للأسواق، مشيراً إلى أن صانعي السياسات سيحتاجون لخلطة من المهارة والحظ والوقت لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد والأسواق.
مكافحة التضخم
كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) قد أقدم على رفع سعر الفائدة بنسبة 0.5٪ لمكافحة التضخم – وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، وزاد البنك المركزي الأمريكي المعدل للمرة الثانية في شهرين بعد أن قفز التضخم لأعلى مستوى في 40 عامًا .
وقد أثار تقرير وزارة التجارة حول انكماش الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأول من العام الحالي كثيرا من القلق حول الثقة في الوضع الاقتصادي لكن وزيرة الخزانة الأميركية جانبن يلين أكدت على قوة الاقتصاد الأميركي رغم هذه التقديرات.
تقليص محفظة الأصول
وقال جيروم باول رئيس الاتحادي الفيدرالي إن اللجنة تتفهم المصاعب التي يسببها التضخم المرتفع وإن الفيدرالي يتحرك بسرعة لخفض تلك المعدلات. كما أعلن مسؤولو البنك خططا لتقليص محفظة الأصول البالغة 9 تريليونات دولار وهي خطوة أخرى تهدف لتشديد السياسات النقدية وخفض معدلات التضخم المرتفعة بشكل غير مسبوق. ويستهدف الاحتياطي بهذه الخطوات خفض معدل التضخم بمقدار 4 نقاط مئوية.
وبالنسبة لمعدلات التضخم، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي مؤخرا قفزتها إلى أعلى مستوياته منذ أربعة عقود على أساس سنوي خلال مارس الماضي مقارنة بمستواها في مارس 2021، حيث ارتفع مؤشر التضخم في أسعار المستهلكين بنسبة 8.5 في المائة خلال الإثنى عشر شهرا المنتهية في مارس الماضي، وهي أعلى وتيرة منذ عام 1982.
الجنيه المصري أكثر إرتباطاً بالذهب
ومن مصر ، يرى الدكتور عبد الوهاب غنيم نائب رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي أن رفع سعر الفائدة من قبل “الفيدرالي الأمريكي” كان مخطط له لكي يُسيطر علي التضخم بأمريكا، وأضاف: أعتقد أنه سوف يتم الرفع عدة مرات خلال هذا العام حتى تصل الفائدة لـ3%.. ونظراً لأن عملة معظم الدول الخليجية مرتبطة بالدولار الأمريكي ، فإنها أقدمت هى أيضاً على رفع نسبة الفائدة مباشرة لديها مثل أمريكا وهذا وضع عادي للارتباط بينهما، في حين أن مصر عملتها الجنيه المصري وهو الأكثر إرتباطاً بالذهب بجانب سلة عملات أهمها الدولار واليورو والاسترليني والين الياباني واليوان الصيني، موضحاً أنه مع رفع البنك الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة في المرة الأولي بمقدار 0.5% ، انسحبت استثمارات كثيرة من دول العالم وخاصة الأموال الساخنة ومن البورصات وذهبت إلي للاستثمار في أمريكا ، لذلك قام البنك المركزي المصري وقتها برفع نسبة الفائدة للودائع بالبنوك المصرية لـ 18% وجمعت البنوك أكثر من 600 مليار جنيه لامتصاص السيولة المالية من السوق للتحكم في معدل التضخم رغم أنه مازال في المستوى المخطط له من قبل البنك المركزي، منوهاً إلى كثرة الأحاديث حول إرتفاع سعر الدولار أو قيام البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة مرة أخرى خلال الفترة القادمة.