هذا البلد الأمين, الجميل, المتفرد في مزاياه, وأيضا المتفرد في عيوبه, هذا البلد العظيم لا يمكن أن يختلف عليه أحد من المحللين بأنه رسخت فيه الأصول الطيبة والتصقت بأهله صفات الشعوب اللصيقة بأرضها, والمحبة والعاشقة لتراثها وترابها, هذا البلد (مصر) الإيمان فيه بالعقائد راسخ, ولم يتغير هذا البلد ولم يستطع غاز أن يغزوه يثقافته أو بتقاليده أو ينزع عن أهله خواصهم وتميزهم.
ـ هذا البلد حينما جاءه الإسكندر الأكبر غازيا, تدين بدين أهله, وذهب إلي معبد أمون في واحدة سيوة لكي يعلن نفسه خادما للإله آمون, وحينما جاءه داريوس ومساعده قمبيز غزاه من بلاد الفرس قبل ألف عام قبل الميلاد, ذهبا إلي الخارجة عاصمة الوادي الجديد لكي ينشئامعبد (هيبس) ويتعبدوا فيه لآلهة المصريين.
وحينما جاءه نابليون غازيا, ناداه المصريون بعد كفاحهم ضد الاحتلال الفرنسي بأنه مسلم, وحتي قائده (كليبر) والذي قتله سليمان الحلبي في القاهرة كان يدعي الإسلام.
وعندما اقترب روميل قائد قوات هتلر من صحراء العلمين من القاهرة استعد المصريين بتسمية (هتلر) الشيخ (محمد هتلر), نكاية في الاستعمار الإنجليزي, ولعل المصريبن الذين رزقوا بأطفال في هذه الفترة قد أطلقوا عليهم اسم هتلر, وأشهر من سمي في هذه الحقبة الزمنية هو المرحوم اللواء. هتلر طنطاوي رئيس الرقابة الإدارية السابق.
هكذا هذا البلد يذيب كل من يغزوه ويلبسه ثقافته وتقاليده.
ولعل مجيء عمرو بن العاص علي رأس الحملة فتحت مصر, وإنقاذ المصريين من اضطهاد الرومان, وأعطي أقباط مصر حقوقهم وأعاد لهم حق الحياة فوق الأرض بعد أن كانوا هاربين في صحراوات مصر كلها حتي وصلوا إلي واحة (الخارجة) وأنشأوا مدينة (القبوات) وهي ماتعرف اليوم بآثار (البجوات) القبطية الشهيرة.
جاء عمرو بن العاص إلي مصر بتكليف واضح وشديد الصراحة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب, أهل مصر هم خير أجناد أهل الأرض كما قال عنهم رسول الله (صلي الله عليه وسلم), ومصر هي البلد الوحيد المذكور في القرآن الكريم أكثر من ثلاث عشرة مرة, وأهل مصر أهدوا رسول الله زوجته أم ولده الوحيد إبراهيم السيدة ماريا القبطية, ومصر هي بلد السيدة هاجر وجة رسول الله إبراهيم هكذا جاء عمرو بن العاص بتوصية بأهل مصر من خليفة رسول الله ووصايا الرسول قبل رحيله إلي الرفيق الأعلي.
هذا البلد العظيم محروس بإرادة الله عز وجل!!