أكد د. أكرم حسام، نائب مدير مركز رع للدراسات الاستراتيجية، والدكتور في العلوم السياسية، أنه في حال أنْ نجحت روسيا في تغيير قواعد اللعبة الدولية والعودة بالنظام إلى الثنائية القطبية أو إلى وضع الأقطاب المتعددة أعتقد أنه ربما يكون وضع أفضل يتمناه الجانب الفلسطيني على أساس أن هذا الوضع يسمح لهم بهامش حركة على الساحة الدولية وتعديد عواصم القرار الدولي أن تمثل بصورة أو بأخرى ضغط على إسرائيل للرضوخ إلى قرارات الشرعية الدولية.
وأضاف أنه في حال نجاح الرباعية الدولية في طرح مشروع للسلام في هذه الحالة، في وجود نظام دولي يتسم بالتعددية القطبية، سيكون الوضع أفضل للفلسطينيين. لكنه أشار أيضًا إلى أن القضية الفلسطينية محكومة –بصورة أو بأخرى- بمحددة أخرى كثيرة وليست فقط شكل النظام الدولي.
وأوضح أن النظام الدولي أحد المحددات المؤثرة في مسار الصراع منذ بدايته، لافتًا إلى أن هذه القاعدة ربما شهدت بعض الاستثناءات، ملمحًا إلى أن الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة لم يدعم بشكل كبير القضية الفلسطينية، بل كان هناك شبه اتفاق على بعض الثوابت في هذا الصراع بل أن في مرحلة من المراحل وهي فترة الوفاق الدولي خلال فترة السبعينات وهو قمة نظام الثنائية القطبية حدث نوع من الاتفاق أن يتم تجميد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويصبح في حالة لا حرب ولا سلم.
وشدد نائب مدير مركز رع للدراسات الاستراتيجية على أن الوحدة الفلسطينية تعتبر مطلب رئيسي وهام في حل القضية الفلسطينية، لافتًا إلى أن الانقسام الذي تشهده الجبهة الفلسطينية يعتبر نقطة الضعف في هذا الملف بينما الجانب الإسرائيلي متمادي إلى حد كبير في الاستفادة من وضع النظام الدولي سواء ثنائي القطبية أو القطب الأوحد في ظل الوضع الخاص الذي تتمتع به إسرائيل لكونها القوى الرئيسية والحليف الرئيسي للغرب والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وتحتفظ أيضًا بعلاقات جيدة مع أطراف النظام الدولي الآخرين خاصة روسيا في الوقت الحالي خاصة أن العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وإسرائيل ارتفع في السنوات الأخيرة وحصل تنسيق كبير بين الدولتين شهدناه في سوريا وفي ملفات عديدة.
وصرّح بعدم وجود أي مؤشرات إيجابية في مسألة الوحدة الفلسطينية بالرغم من التصعيد الحالي في الأراضي الفلسطينية لكن عندما سيهدأ الصراع سيعود الفلسطينيون على المستوى الداخلي للخلاف، ملمحًا إلى أن المسافات متباعدة بين الجانبين فسنجد أن السلطة الفلسطينية في الضفة لديها خريطة مختلفة للعمل عن حماس على المستوى الداخلي والمستوى الإقليمي، حتى على مستوى التحالفات السياسية لكل طرف من الأطراف يختلفون فيه.
وأضاف د. أكرم أن الأطراف الفلسطينية كل منهم لديه رؤية مختلفة للصراع بل أن بعض الثوابت المتعلقة بالقضية الفلسطينية أصبحت محل خلاف، من بين تلك الثوابت الاعتراف بإسرائيل والتعامل معها، وحدود الدولة الفلسطينية، وهدف الصراع هل هو حرب وجودية أم حرب من أجل الأرض؟ وملفات كالقدس واللاجئين.
وأشار إلى أن تلك القضايا والملفات كانت من الثوابت قبل ظهور حركة حماس للساحة السياسية الفلسطينية. مؤكدًا أن فرص السلام ستكون ضعيفة في ظل عدم وجود حل لذلك الانقسام بين الفلسطينيين.
وألمح دكتور العلوم السياسية إلى أن إسرائيل تستغل مسألة الانقسام الفلسطيني بصورة أو بأخرى بالحديث عن غياب الشريك الفلسطيني في ملف السلام. موضحًا أن الفلسطينيين لا زالوا يراهنون على موضوع التوازنات الدولية بصفتها أحد الوسائل للحركة الخارجية.
وردًا على سؤال حول التوترات الحالية بين روسيا وإسرائيل على خلفية وجود مرتزقة إسرائيليين يقاتلون إلى جانب الأوكرانيين، أجاب د. أكرم قائلًا: “إن موقف روسيا من إسرائيل محكوم بمحددات كثيرة منها محددات تتعلق بالداخل الروسي، مثل عدد اليهود ذوي الأصول الروسية الموجودين في إسرائيل، وبالتالي فإن التقارير التي تتحدث عن وجود مرتزقة اسرائيليين في أوكرانيا، بغض النظر عن دقتها وصحتها، ربما يكون لها تأثير سلبي مؤقت على العلاقات الروسية الإسرائيلية وقد يظهر نتائجه مثلا في التنسيق المشترك بين الدولتين في الملف السوري، لكن لا أعتقد أن ذلك قد يؤدي إلى انعكاس سلبي أو موقف (روسي انتقامي) يتم بموجبه اتخاذ مواقف لصالح الفلسطينيين على حساب إسرائيل بشكل مباشر.”