صباح الثلاثاء الماضي, قبل أن تعانق عقارب الساعة إشارة التاسعة صباحا, استيقظت علي جرس الهاتف, وتناولته لأري من الطالب, فركت عيني, فوجدته رقما لخط أرضي, قمت بالرد علي المتصل وأنا في شبه غيبوبة, غير مستفيقة:
ألو
-صباح الخير يا افندم
صباح النور
-أنا من المجالس الطبية المتخصصة باكلمك بخصوص حالة سارة.
انتفضت علي الفور لم أدرك كيف استعدت وعيي الغائب والتقطت أنفاسي المتقطعة من فرط الفرحة باستجابة وزارة الصحة لاستغاثة وطني بخصوص حالة الفتاة سارة التي نشرنا عنها مرات ومرات عبر سنوات مرضها المزمن أملا في إيجاد حل, قال لي:
-أنا باكلمك علشان العلاج علي نفقة الدولة فيما يخص حالة سارة
لكن حالة سارة تحتاج للسفر للخارج
-أيوه لو هي محتاجة للسفر هاتسافر تتعالج في الخارج أنا متصل علشان الملف بتاعها كله لو ممكن نتواصل مع والدها
طبعا طبعا
أعطيته رقم والد سارة, وكان المتصل الدكتور محمد زيدان رئيس المجالس الطبية المتخصصة, ثم اتصل دكتور محمد بوالد سارة علي الفور, واتفق معه علي موعد للقاء داخل المجالس الطبية المتخصصة لتسليم الملف كاملا. والتقي به صباح الأربعاء وقام بتحديد كل الإجراءات المطلوبة, واعدا والد سارة بسفر الفتاة للعالج بالخارج بعد إجراء كافة الفحوص اللازمة علي نفقة الدولة في حالة ما لم يوجد لها علاج بالداخل.
وحاليا نحن في انتظار نتيجة دراسة الملف. ننتظر علي أمل ألا تستغرق وقتا طويلا, إنه ذات الأمل الذي لم ينقطع علي مدار عشر سنوات, نشرنا خلالها عن حالة سارة مرات ومرات.
ففي كل مرة تدهورت فيها حالة سارة ونقلت إلي المستشفي كنا نخبر الله بأننا ليس لدينا بوق للوصول إلي مسئول إلا هذه المساحة الضيقة, التي ربما لم تصل كلماتها للمسئولين, لكن الله يري ويعلم ويتسع صدره للكون الذي شيده بقوته وملكه.
وتحولت حالة سارة إلي تحد فهي ابنة الخمسة عشر ربيعا تستحق البحث عن حلول لظرفها الصحي, تستحق اهتمام الدولة, ورغم نشر الموضوع عدة مرات, إلا أن أحدا لم يستحب لنا, ثم لحق بسارة تدهور صحي عنيف فقمنا بنشر استغاثتين لرئيس الجمهورية, خلال الشهر الماضي.
بعد الاستغاثة الثانية أدركت أن المسئولين عن فحص المنشور إعلاميا لم يلتفتوا إلي شكوانا ولم يرفعوها إلي أي مسئول, فقررت التواصل الشخصي الذي نادرا ما ألجأ إليه وأرسلت الاستغاثة المنشورة في الجريدة علي الهاتف الشخصي للدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والقائم بأعمال وزير الصحة, بعد أقل من 12ساعة اتصل بي الدكتور محمد زيدان رئيس المجالس الطبية المتخصصة, كما ذكرت في بداية الحديث عن الاستجابة للاستغاثة, ثم اتصل بوالدها والتقي به في اليوم التالي لعمل اللازم لسارة.
ولتأكيد ما هو لازم لحالة سارة, نعيد نشر المختصر المفيد لحالتها الطبية, سارة تعاني من شلل في المثانة وأجرت جراحة منذ سنوات, أصيبت بفشل كلوي بالكلية اليسري خلال خمسة أشهر من إجراءات الجراحة, صارت تحيا بالقسطرة يتم تفريغ البول عن طريقها كل أربع ساعات ويتم تركيبها وتغييرها في قصر العيني.
ولأن المصائب لا تأتي فرادي قرر القدر إيداعها في معصرة القهر, حدثت كارثة وبدلا من أن تضع الممرضة القسطرة في فتحة التبول للطفلة وضعتها في فتحة المهبل فتهتك غشاء بكارتها تماما نتيجة الجهل والإهمال مزقوا الحاضر والمستقبل رفضت الأم رفع دعوي, فحياة ابنتها أهم لأنها كانت تحتاج للمستشفي بشكل دائم لتحافظ علي دورية تركيب القسطرة.
الطبيب المعالج لسارة قال:لا يوجد حل لها إلا في ألمانيا لتركيب مثانة صناعية, نسبة نجاح الجراحة 84% لكن تكلفتها قد تصل إلي مليون جنيه تقريبا-كان ذلك في عام2014, هذه الجراحات غير متوفرة في مصر لأنها تحتاج إلي البقاء مفتوحة البطن عقب الجراحة لمدة خمسة عشر يوما في غرفة زجاجية لمتابعة ما يجري, الأمر متعلق باقتطاع جزء من القولون وتحويله لمثانة, أو تركيب مثانة صناعية, لذلك يجب متابعة تركيب وتوصيلات الحوالب حتي نطمئن لنجاح الجراحة تماما وإنقاذ الطفلة, الطبيب المعالج حاليا سامي الأسقف.
الحل في يد التأمين الصحي, فسارة تلميذة وتغطيها نفقات هيئة التأمين الصحي, ترفض منحها خطابا مكتوبا فيه جملة واحدة فقط لا علاج لها بالداخل تلك العبارة التي تمكننا من استخراج فيزا السفر لألمانيا وتتحمل الدولة المصرية نفقات الجراحة في المستشفي الألماني, سارة واحدة ضمن ملايين الأطفال المعرضين للموت فقط لأنهم فقراء, وبعد استجابة دكتور خالد عبد الغفار للاستغاثة المنشورة فيوطني يتجدد الأمل ليس لسارة فقط ولكن للملايين أمثالها أيضا.