أوضحت إليان بطرس، الباحثة بوحدة العلاقات الدولية بمركز الجسور للدراسات الاستراتيجية، أن أمريكا اللاتينية قد يكون لها دور في السياسة العالمية أكبر من دورها كلاعب محلي، فقد ينشأ من خلالها المنصة الجديدة لعالم متعدد الأقطاب، لافتة إلى أن هناك أهمية كبيرة لأمريكا اللاتينية بالنسبة لروسيا بحيث تحقق أمريكا اللاتينية الوسيلة التي ترسخ من قوة التحالفات، حيث تعد فنزويلا وكوبا ونيكاراجوا الساحة التي تضغط بها موسكو وتحد من الهيمنة الامريكية.
وأشارت الباحثة في دراستها عن تبعات الحرب الأوكرانية على أمريكا اللاتينية -الصادرة عن مركز جسور للدراسات الاستراتيجية- إلى أن روسيا تستخدم أمريكا اللاتينية كأداة ضغط في حال تجاوز الولايات المتحدة في النفوذ الروسي في ذلك الحين ستظهر روسيا سيطرتها على الفناء الخلفي للولايات المتحدة.
وأضافت أن روسيا كانت حريصة كل الحرص على دعم دول أمريكا اللاتينية باللقاحات في وقت كان العالم يتصارع فيه للحصول على لقاحات وكانت دول أمريكا اللاتينية الأقل حظًا في الحصول عليه وهو ما يؤكد حرص موسكو على التواجد داخل أمريكا اللاتينية بكافة الطرق.
وأفادت أن موسكو دعمت قادة أمريكا اللاتينية بشكل كبير لضمان وجودهم بجانب روسيا ضد الولايات المتحدة والغرب وذلك من خلال عدد من الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الروسي الى فنزويلا وكوبا و نيكاراجوا، وقام الرئيس الروسي بوتين باستضافة الرئيس البرازيلي والرئيس الأرجنتيني، ملمحة إلى أن كل هذه التحركات سبقت الحرب الاوكرانية الروسية، وهو الأمر الذي يوضح أن روسيا تسير بخطط محددة وتسعى لجذب مزيد من الحلفاء قبل ان تتحرك في اتخاذ خطواتها نحو أوكرانيا.
كما ساعد روسيا في هذا الاندماج التغيرات السياسية في أمريكا اللاتينية التي اتجهت نحو اليسارية وهو ما يدعم موقف موسكو وعملت روسيا على زيادة حركة التجارة بينها وبين دول أمريكا اللاتينية حيث زاد حجم التجارة بنسبة 44% وعلى رأس هذه الدول البرازيل والمكسيك التي تمثلان 50% من إجمالي التجارة الروسية.
ولم يكتفى بوتين بالحلفاء المتعارفين فنزويلا وكوبا ونيكاراجوا حيث قام بعدد من المحاولات لجلب البرازيل والأرجنتين لمساندته وهو ما حرصت عليه روسيا منذ بداية ولاية بولسونار وتعاونا الطرفين في عدد من المجالات من بينها الزراعة والنفط والغاز.
واتبعت روسيا على مدار السنوات الماضية سياسة تخفيف الديون والدعم النفطي لحلفائها في القارة اللاتينية كما قدمت دعمًا عسكريًا واستخبارتيًا واقتصاديًا لمساعدة كل من كوبا وفنزويلا عن طريق البنوك الروسية.
وعلى الجانب الآخر –والحديث مازال للباحثة إليان بطرس- تحاول واشنطن أن تخرج من الأزمة فقامت بعمل عدد من التحركات تجاه بعض دول أمريكا اللاتينية حيث أجرت الولايات المتحدة اتصالات مع الحكومة الفنزويلية بشأن استئناف تجارة النفط حيث سافر وفد رفيع المستوى من واشنطن إلى كاراكاس يحمل في طياته اتفاقية بديلة للنفط الروسي وبعد 24 ساعة من اللقاء تم الإفراج عن أمريكيين كانوا في السجون الفنزويلية، وفى محاولة أخرى منحت الولايات المتحدة كولومبيا حليف غير عضو في حلف الناتو وهذا المنصب لا تملكه إلا الأرجنتين والبرازيل في أمريكا اللاتينية، وقد تستغل الولايات المتحدة قمة الأميركيتين لاستقطاب دول أمريكا اللاتينية لتعزيز تحالفها معهم وبالتالي يبدو الموقف الروسي في حالة ضعف وتذبذب.