دعا منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ قرارات حكيمة لتجنب صراع عنيف آخر لن يؤدي إلا إلى إزهاق مزيد من الأرواح. وذلك قبيل تنفيذ ما يُسمّى بمسيرة الأعلام المخطط لها في القدس غدا 29 مايو
وأعرب وينسلاند في بيان صدر صباح يوم السبت، عن قلقه الشديد بشأن ما وصفه بدوامة العنف المتصاعدة التي أودت بحياة الكثير من الفلسطينيين والإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة.وأكد أن رسالة المجتمع الدولي واضحة لتجنب مثل هذا التصعيد.
ومسيرة الغد تسمى مسيرة العلم الاسرائيلي، وتتم في التاسع والعشرين من كل عام لإحياء ما يسمى ب”يوم اورشليم” وهي احتفالات بدأت مع احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في أعقاب حرب يونيو 1967.، وتجري المسيرة التي يشارك فيها الاف اليهود في اليوم الموافق ل 5 يونيو من كل عام، لكن حسب التقويم العبري وهو اليوم الذي سيطرت فيه إسرائيل على القدس الشرقية.
يشارك في هذا الاحتفال آلاف القوميين اليهود حيث يتوافدون على المدينة ويسيرون عبر شوارعها وازقتها لإحياء ذكرى احتلال الجزء الشرقي منها ووقوع المدينة برمتها تحت السيطرة الإسرائيلية
وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقتها منظمة التحرير الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة والطلب الأمريكي بتغيير المسار، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، أمس (الجمعة)، الاستمرار في التحضير للمظاهرة الاستيطانية الكبرى لمناسبة «يوم أورشليم»، التي تُعرف باسم «مسيرة الأعلام» وستنفَّذ غداً (الأحد)، والسماح لها بالسير في المسار المحدد لها قرب باب العامود وداخل البلدة القديمة عبر الحي الإسلامي والحي المسيحي.
الأمر الذي ينبىء بوقوع اشتباكات خاصة وأن نحو 16 ألف شخص يهودي يشاركون في المسيرة عبر باب العامود والحي الإسلامي، وـ8000 شخص آخر عبر باب الخليل والحي المسيحي والوصول إلى باحة حائط المبكى (البراق)، رافعين أعلام إسرائيل.
على أثر ذلك، رفعت الشرطة وأجهزة المخابرات الإسرائيلية مستوى التأهب الأمني إلى أقصى درجة، إثر توقعات بحدوث احتكاكات، بسبب المسيرة الاستفزازية وهتافات اعتاد الفلسطنيون أن تكون عنصرية واستفزازية من جانب المشاركين في المسيرة، مثلما حدث في الأعوام السابقة.
وفي هذا السياق ستحشد الشرطة قوات معززة في البلدة القديمة ومحيطها، وقرر جيش الاحتلال نقل 3000 عنصر في حرس الحدود من الضفة الغربية إلى القدس. وأقدمت الشرطة على اعتقال نحو 100 ناشط فلسطيني في القدس الشرقية بحجة الردع، برز بينهم الشبان الذين كانوا قد حملوا نعش الصحافية شيرين أبو عاقلة، قبل أسبوعين، وتعرضوا يومها للاعتداء المبرح.
وحذّرت الفصائل المشاركة في السلطة والمعارضة، من إتمام المسيرة وعمل كل ما هو ممكن لعرقلتها وحذر الكثير من القادة الفلسطينيين من انفجار الوضع الأمني كما حصل في السنة الماضية. وهددت «حماس» وغيرها من الفصائل في قطاع غزة بإطلاق صواريخ باتجاه القدس. وردّت إسرائيل بتهديدات مشابهة. وتدخلت الولايات المتحدة طالبةً إلغاء المسيرة أو على الأقل تغيير مسارها. وحسب مسؤول إسرائيلي كبير، فإن سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل توم نايديس، تحدث هاتفياً أول من أمس (الخميس)، مع كل من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف، ووزير الدفاع بيني جانتس، ووزير الخارجية يائير لبيد، ومع مكتب نفتالي بنيت، وأعرب عن قلقه الشديد من هذه المسيرة ومن خشيته أن تؤدي إلى تصعيد في القدس والأراضي الفلسطينية. وقال بارليف رداً على ذلك إنه يتفهم القلق ويراقب بنفسه استعدادات الشرطة للحفاظ على النظام خلال العرض. وقد بدا أن الحكومة الإسرائيلية تنوي التراجع عن مسار المظاهرة وتجنب المرور قرب باب العامود أو في الحي الإسلامي ونقلها إلى باب الخليل والحي المسيحي.
لكنّ قادة الأجهزة الأمنية حذّروا من أن التراجع في هذه المرحلة سيُلحق ضرراً بإسرائيل. وحسب أحد هؤلاء القادة فإن «المسيرة استفزازية وغير ضرورية ولكن في اللحظة التي تم إقرارها يجب أن تستمر وإلا فإن الفلسطينيين سيحتفلون بانتصارهم علينا». وعلى أثر ذلك، عقد نفتالي بنيت اجتماعاً افتراضياً مع كبار الوزراء ومسؤولي الأمن، صباح أمس، وأعلن أنه «تم إطلاع رئيس الوزراء بشكل كامل على الاستعدادات التي تقوم بها الشرطة تمهيداً لهذه الفعاليات، حيث تم التشديد على الجهود الاستخبارية التي تُبذل وعلى تعزيز قوام القوات المنتشرة ميدانياً، بغية السماح بإحياء يوم أورشليم وإقامة مسيرة الأعلام بشكل منتظم وآمن». وأكد بنيت أن «المسيرة ستقام كما أُقيمت سابقاً ووفق المسار التي تم تحديده، مثلما تمت إقامتها منذ عشرات السنين».
وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن هذا الموقف لم يأتِ بالصدفة، إنما بعد محادثات ماراثونية مع الفلسطينيين عبر الوسطاء من مصر وقطر وتركيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة، واتُّفق على ألا تقْدم القوات الإسرائيلية على قمع المظاهرات الفلسطينية وإنزال علم فلسطين خلال المسيرة اليهودية. وقد لوحظ أن الفصائل الفلسطينية التي اجتمع قادتها في قطاع غزة تحدثوا بلهجة مختلفة ولم يتحدثوا عن المسيرة الاستفزازية إنما حذروا وهددوا بالرد في حال دخلت المسيرة إلى باحات الحرم القدسي الشريف، مع العلم بأن أحداً من منظمي المسيرة الاستيطانية لم يخطط أن تدخل الحرم الشريف، مما عُدّ فاتحة لتهدئة الوضع. ومن هنا فإن بنيت طمأن في بيانه، أمس، بأن «المسيرة ستنتهي في باحة حائط المبكى ولن تمر عبر جبل الهيكل – الحرم الشريف».
وكان وينسلاند قد حذر أمام مجلس الأمن في إحاطة قدمها خلال مناقشة الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك المسألة الفلسطينية قبل أيام مما يُسمّى بمسيرة الأعلام “الاستفزازية المخطط لها عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة” يوم الأحد. وقال:”لقد كنت على اتصال مع جميع الأطراف وأحث قادتهم على الاستجابة لهذه الدعوة.”