وقعت الحرب في أوكرانيا وباتت دول عديدة خاصة النامية والفقيرة في أزمة غذاء. وفي أوروبا يواجهون أزمة طاقة محتملة.
فأوروبا تستورد 40% من احتياجاتها من الغاز الروسي و30% من النفط كذلك. والآن تبحث عن بدائل لتأمين احتياجاتها من الطاقة.
في مصر يسيطر القلق بطبيعة الحال لكن المسئولين يبثون رسائل اطمئنان. صحيح نحن نستورد أكثر من 50% من القمح عبر وارداتنا من روسيا وأوكرانيا.. لكن هناك دولا أخري تمدنا بنحو 25% من واردات القمح ويمكن اعتبارها بدائل لمنطقة الصراع الدائر.
مصر تستورد القمح من 14 دولة ويؤكد المسئولون أن لدينا مخزونا يكفي لآخر العام بحساب ما سوف يتم حصاده الشهر المقبل, ولعل الأزمة تكون كافية للبدء في تطبيق خطط جديدة حاسمة لزراعة مزيد من المساحات بالقمح وغيره تجنبا لأي أزمات يمكن أن تقع.
من الأخبار السارة في هذا الاتجاه ما أعلن عن خطة بوزارة الزراعة لتبني خطط زراعة مليون فدان قمح في توشكي.. ويبدو أن الدولة جادة في البحث عن توفير الغذاء بديلا عن الاستيراد.
وتجرنا الأزمة للخوض في خطة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب. ولو فعلتها الحكومة تكون أنجزت أعظم إنجاز منذ عام .1952
والحلم ليس بغريب حيث كانت مصر مخزن غلال الإمبراطورية الرومانية علي اتساعها في القرون الأولي.
لدينا أيضا دول عديدة أطعمت مواطنيها برغم كثافة السكان.. فالصين بتعدادها البالغ 1400 مليون نسمة لا تستورد القمح. وكذلك الهند بتعدادها الذي يفوق الـ1200 مليون نسمة.
نحتاج خطة شاملة لتحويل الرمال الصفراء بالصحاري إلي واحات خضراء, والدولة تمضي بحق في هذا الاتجاه. وهناك أبحاث تجري لزيادة إنتاجية الفدان, فضلا عن تنويع زراعة الحبوب لتشمل الذرة والشعير وفول الصويا وغير ذلك.
القمح باعتباره الغذاء الرئيسي, أما الذرة والشعير وفول الصويا فهي من المكونات الأساسية لصناعة الأسمدة والأعلاف التي مازلنا نستورد معظم احتياجاتنا منها.
والأعلاف تعد السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والبيض. فهي البروتين الحيواني الذي لا غني عنه.
الدولة ماضية أيضا في تطوير وسائل الري واستنباط بذور تعطي إنتاجية عالية مما يدعم التوجه لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
من غير المستبعد أن تنجح مصر في تحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب ومكونات الأعلاف وفي الأسماك, خاصة أن صروح النجاح كثيرة منذ عام .2014
وقتها سوف تكون مصر حققت ما لم يتحقق بامتداد عقود.. فقط بعزيمة القيادة السياسية الحاسمة والناجحة, وأمثلة النجاح لا تعد ولا تحصي.. فهل نشهد التوجه الاستراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي؟