بموت السيد المسيح وقيامته, (وحد وألف السمائيين مع الأرضيين والشعب مع الشعوب والنفس مع الجسد) (القسمة السريانية), هذا هو سر جمال الكنيسة وكمالها وقوتها, لقد صارت بموت المسيح وقيامته جسد الرب والواحد, مع أنها تضم أعضاء كثيرون, يجتمعون فيه (أف 1: 10).
ألف السمائيين مع الأرضيين: بموت كلمة المتجسد المحي, صالحنا لنفسه بيسوع المسيح, وأعطانا خدمة المصالحة (2كو 5: 18), فنقض الحاجز المتوسط, وهدم العداوة القديمة. فبموته نما الإيمان حيث ظنوا إنهم يطفئون شعلة محبة اتباعه إلا أن الإيمان نما, حيث ظن الآخرين إنهم يدمرونه. هكذا بموت الصليب استطعنا أن نرفع أنظارنا إلي فوق, بعد أن كانت أنظارنا واهتمامنا في الأرضيات, يقله القديس أثناسيوس الرسولي: (إن كان الشيطان عدو جنسنا إذ قد سقط من السماء يجول في أجوائنا السفلية ويتسلط فيها علي الأرواح الأخري المماثلة له في المعصية ويحاول أن يخدع الذين تغويهم هذه الأرواح كما أنه يعوق الذين يرتفعون إلي فوق, وعن هذا يقول الرسول حسب رئيس سلطان الهواء, الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية, فإن الرب قد جاء ليطرح الشيطان إلي أسفل, ويطهر الهواء ويعد لنا الطريق الصاعد إلي السماء كما يقول الرسول بالحجاب أي جسده (عب 10:20), وهذا يلزم أن يتم بالموت. فبأي نوع آخر من الموت كان ممكنا أن يتم هذا, إلا بالموت الذي تم في الهواء, أي (موت) الصليب, فإن الذي يموت بالصليب هو وحده الذي يموت (معلقا) في الهواء. ولذلك كان لائقا جدا بالرب أن يموت بهذه الطريقة) (تجسد الكلمة25).
وحد الشعب مع الشعوب: ففي المسيح, كما يقول معلمنا القديس بولس الرسول: ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثي. لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع (غلا 3: 28), كنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية, وقد قال المسيح عريس الكنيسة في سفر النشيد: واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقلية والدتها هي. رأتها البنات فطويتها. الملكات والسراري فمدحتها (نش 6: 9). يقول القديس أثناسيوس الرسولي: (موت الرب قد صار كفارة عن الجميع, وبموته نقض حائط السياح المتوسط, وصارت الدعوة للأمم, فكيف كان ممكنا أن يدعونا إليه لو أن يصلب؟ فعلي الصليب فتح ذراعيه, لأجل ذلك اختار الموت عن طريق الصليب, حتي باليد الواحدة يجتذب الشعب القديم (اليهود) وباليد الأخري يجتذب الذين هم من الأمم, ويوحد الاثنين في شخصية, وهذا ما قاله بنفسه: وأنا إن ارتفعت عن الأرض أحذب إلي الجميع (يو12: 32) (تجسيد الكلمة 25: 4,3). ويعلق القديس أغسطينوس,, علي قول قيافا: ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها (يو11: 50), قائلا: (ليس فدي الأمة (اليهودية) وحدها, بل ليجمع معا أيضآ المتشتتين أولا الله, هذه كلمات أضافها الإنجيلي. أنبا قيافا بما يحدث للأمة اليهودية التي فيها خراف تحدث عنها الرب قائلا: لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة (مت 15:24), إلا أن السيد المسيح ذكر أنه ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد (يو 10:16).
كنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية: جاء في نص ليتورجي في كتاب الديداخي في تقديس الخبز: (نقدم لك تشكرات يا أبانا من أجل الحياة والمعرفة اللتين أعلنتهما بواسطة يسوع فتاك لك المجد إلي الأبد, كما أن الخبز المكسور كان مرة مبعثرا فوق التلال, ثم بعد أن جمع معا صار عجينة واحدة, هكذا فلتجتمع كنيستك منم أقاصي الأرض إلي ملكوتك, لأن لك المجد والسلطان بيسوع المسيح أبد الدهور).