إن العالم الذي يشهد كل يوم الجديد في شتي العلوم, يقف عاجزا أمام فكرة الموت الذي سيظل العدو الأوحد للبشرية, فما من وسيلة للنجاة والخلاص…وتأتي قيامة السيد المسيح لتنتصر لخلاصنا الأبدي وتقوض الموت:أين شوكتك ياموت أين غلبتك يا هاوية(1كو15:55).
وتحت عنوانالقيامة هي موضوع شهادة يقول مثلث الرحمات الأنبا بيشوي في كتابه المسيح مشتهي الأجيال-منظور أرثوذكسي الصادر عن مطرانية دمياط وكفر الشيخ والبراري:قبل التجلي بستة أيام أنبأ السيد المسيح تلاميذه عن آلامه وموته وقيامته, وقد سجل القديس متي الإنجيلي ذلك بقوله:من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلي أورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم(مت16:21).
أراد السيد المسيح بذلك أن يجعلهم يفهمون أنه سوف يبذل للموت نفسه بإرادته, وأنه سوف يقوم بسلطانه الإلهي. كان ينبغي لكي يخبرهم بقيامته أن يخبرهم بموته لأنه لا توجد قيامة إلا من الموت, ولولا الموت لما كانت القيامة.
كانت القيامة هي أقوي برهان علي لاهوته, وعلي خلوه من الخطية الأصلية التي لآدم. وكذلك برهان علي بره الكامل, ونقاوته المطلقة في حياته الإنسانية, وعلي قبول ذبيحته أمام الله الآب لغفران خطايا العالم.
إن قيامة السيد المسيح من الأموات,هي عماد الديانة المسيحية وموضوع شهادة الآباء الرسل للعالم بحسب وصية الرب لهمتكونون لي شهودا (أع1:8). وحينما أرادوا أن يختاروا من يحل محل يهوذا الإسخريوطي ويأخذ وظيفته الرسولية قالوا:فينبغي أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج منذ معمودية يوحنا إلي اليوم الذي ارتفع فيه عنا يصير واحد منهم شاهدا معنا بقيامته(أع1:21- 22).
وقد أزعجت شهادة الرسل لقيامة السيد المسيح رؤساء كهنة اليهود والفريسيين والصدوقيين وحاولوا أن يمنعوها بكل الوسائل. سواء بالتهديد والوعيد أو بالتنكيل والتعذيب, ولكن كانت إجابة الآباء الرسل الثابتة هينحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا(أع4:20).
وحينما شفي بطرس ويوحنا الرسولان الرجل الأعرج عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل بينما هما يخاطبان الشعب أقبل عليهما الكهنة وقائد جند الهيكل والصدوقيون, متضجرين من تعليمهما الشعب وندائهما في يسوع بالقيامة من الأموات فألقوا عليهما الأيادي ووضعوهما في حبس إلي الغد…وحدث في الغد أن رؤساءهم وشيوخهم وكتبتهم اجتمعوا إلي أورشليم مع حنان رئيس الكهنة وقيافا ويوحنا والإسكندر وجميع الذين كانوا من عشيرة رؤساء الكهنة(أع4:1, 3, 5, 6) فقال لهم الآباء الرسل:فليكن معلوما عند جميعكم وجميع شعب إسرائيل أنه باسم يسوع الناصري الذي صلبتموه أنتم الذي أقامه الله من الأموات, بذاك وقف هذا أمامكم صحيحا(أع4:10).
إن مناداة الرسل بقيامة الرب يسوع المسيح من الأموات في كل عظة ظلت هي الهدف الأوحد ولاتزال هكذا في عبادتنا المسيحية.
ففي عظة يوم الخميس قالوا:الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذا لم يكن ممكنا أن يمسك منه(أع2:24) وقالوا أيضا:يسوع أن يقال لكم جهارا عن رئيس الآباء داود أنه مات ودفن وقبره عندنا حتي هذا اليوم. فإذ كان نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه بقيم المسيح حسب الجسد ليجلس علي كرسيه سبق فرأي وتكلم عن قيامة المسيح أنه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأي جسده فسادا فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك(أع 2:29-32).
وفي عظة باب الهيكل الجميل قالوا:إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه, ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك(أع3:13-15).
وفي خطاب إستفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء أمام مجمع اليهود قال:ها أنا أنظر السماوات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين الله(أع7:56).
وعندما أرسل الرب بطرس ليكرز بالكلمة في بيت كرنيليوس الذي كان من الكتيبة التي تدعي الإيطالية قال عن السيد المسيح:ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم الذي أيضا قتلوه معلقين إياه علي خشبة هذا أقامه الله في اليوم الثالث. وأعطي أن يصير ظاهرا ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات(أع10:39-41).
وفي أنطاكية بيسيدية قال بولس الرسول في مجمع اليهود عن السيد المسيح:ولما تتموا كل ما كتب عنه أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر. ولكن الله أقامه من الأموات وظهر أياما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلي أورشليم الذين هم شهوده عندالشعب ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك إنه أقامه من الأموات غير عتيد أن يعود أيضا إلي فساد(أع13:29-34).
في هذا الخطاب ربط القديس بولس بين بنوة المسيح لله في قول المزمور:أنت ابني (مز2:7) وبين القيامة, لأن القيامة كانت نتيجة حتمية لاتحاد اللاهوت بالناسوت…إذ أن الذي مات بحسب الجسد هو هو نفسه القدوس الحي الذي لايموت بحسب لاهوته وقام بسلطانه الإلهي منتصرا علي الموت, لأنه قبل الموت بإرادته وليس انهزاما أمامه.
وحينما تكلم القديس بولس الرسول في أثينا في أريوس باغوس شهد لقيامة المسيح فقال:فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل, لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع إيمانا إذ أقامة مع الأموات (أع17:30, 31).
وفي خطابه أمام أغريباس الملك قالإن يؤلم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات مزمعا أن ينادي بنور للشعب وللأمم(أع26:23).
وهكذا نري كيف اهتم الآباء الرسل القديسون بالشهادة لقيامة السيد المسيح في كرازتهم بالإنجيل وتعليمهم للشعب ومجاهرتهم بالإيمان.