فقال لهم يسوع: النور معكم زمانا قليلا بعد فسيروا مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام (يو12:35).
+ عمل القيامة في حياتنا هو استمرارية للنور:
النور معكم زمانا قليلا بعد.. يعني اقتراب صلبه وآلامه, وتعني أيضا أنها فرصة يجب علي الإنسان اغتنامها.. فقد لا تتكرر زيارة النعمة (الحماس للتوبة.. الشهادة للمسيح..) فرصة قد لا تتكرر للإنسان في أن يقول كلاما نافعا للبنيان والتعزية وتمجيد اسم الله.. كما حدث مع مريض بالأحبال الصوتية وقرر الأطباء استئصالها فذهب قبل العملية لأب اعترافه وأفضي بكل ما في قلبه عالما أنه بعد العملية لن يستطيع الكلام.
نصيحة يقدمها لنا الله أن نسير في النور.. ومن محبته يقول لنا مادام لكم النور أي أن الرب يسوع يقدم لنا هذا النور مجانا, ولكن الأمر يحتاج إلي يقظة وحذر, لأن الظلام يطاردنا.. إذ يقول: لئلا يدرككم الظلام.
فأولاد الله السائرين في نور المسيح.. نور القيامة.. نور الوصية المقدسة.. يلزمهم أيضا اليقظة الدائمة لأن الظلمة تطارد أولاد الله وتسعي لكي تقتنصهم لها.. لو أمكن المختارين أيضا (مت24:24).
+ أبناء الله بلا عيب يضيئون كأنوار في العالم (في2:15):
ثم يقول أيضا: مادام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور (يو12:35). فيلزم لأبناء الله أن يؤمنوا بالنور وبالقيامة التي تضيء حياتهم فتكون القيامة ونور الوصية هي منهج حياتهم.. فتشع حياتهم نور السلوك المسيحي.
هكذا يكون سلوك الإنسان التائب (القائم مع المسيح) إذ يستخدمه الله نورا للعالم أنتم نور العالم.. فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات (مت5:14-16).
فعلينا أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور (رو13:11-14) ولا نشترك في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري نوبخها (أف5:11-16), ونحافظ علي العين البسيطة المنيرة, كما أوضح لنا الله قائلا: سراج الجسد هو العين فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا, وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما.. (مت6:22, 23).
+ نور القيامة يكشف أعمال الشرير ويحذر منها:
أما الأشرار فيقول عنهم: وهذه هي الدينونة إن النور قد جاء إلي العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة.. (يو3:19-21). ويقول عنهم في نبوة إشعياء: ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا. الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما. الجاعلين المر حلوا والحلو مرا. ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهماء عند ذواتهم (إش5:20, 21).
أما بالقيامة فقد انتقلنا من الظلمة إلي نوره العجيب (1بط2:9), وتكون كل اشتياقنا في السماء كما يقول معلمنا بولس الرسول: فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق, حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما علي الأرض, لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله.. فأميتوا أعضاءكم التي علي الأرض.. (كو3:1-15).
+ معطلات فاعلية النور:
أ- محبة الذات:
يحدثنا القديس يوحنا الإنجيلي عن كثيرين ممن عاينوا الآيات والمعجزات التي صنعها ربنا يسوع فآمنوا ولكن لم يعترفوا به لئلا يصيروا خارج المجمع لأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله (يو12:42, 43).
ب- شهوات الجسد:
وكذلك نري فئة أخري تغلبها شهوات الجسد مثل شمشون الجبار وكيف حولت الخطية نوره وقوته إلي الظلام والإذلال, وكما يشرح لنا معلمنا بولس الرسول: أعمال الجسد ظاهرة التي هي زني عهارة نجاسة.. (غل5:19-26), ويقول أيضا: إن عشتم حسب الجسد فستموتون ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون (رو8:13).
ولذا أوصانا ألا نحزن الروح (أف4:30), ولا نطفئ الروح (1تس5:19).
جـ- الاندماج في تيارات العالم بدون حكمة:
فالإنسان الروحي يجب أن يحذر من تيارات العالم المظلمة بكل أشكالهم: الفكرية والفلسفية والالحادية والشهوانية والأفكار المنحرفة والتجديف.. وكل أعمال الجسد الخالية من المحبة والمشحونة بالكراهية والحقد والنفاق والمراوغة والمداهنة.. ويقول القديس يوحنا الحبيب: من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة. وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة, وفي الظلمة يسلك, ولا يعلم أين يمضي, لأن الظلمة أعمت عينيه (1يو2:10, 11).
+ أما حياة القيامة فكلها نور:
نور القيامة والنصرة علي الخطية والشيطان والعالم -نور الوصية كلمة الله: سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي (مز118:119), نور الكنيسة وتعاليمها وحياة التلمذة- نور الفضيلة والبساطة والاتضاع- نور المحبة الطاهرة النقية لأن الحب الذي في العالم ظلمة وشهوة وخطية.
نور القيامة يعطي للإنسان الشجاعة والمعونة, فيقول مع داود النبي: الرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟ الرب حصن حياتي ممن أجزع (مز26:27).
نطلب من إلهنا الصالح القائم من بين الأموات أن ينير حياتنا بقوة قيامته المقدسة بشفاعات أمنا العذراء القديسة مريم وطلبات كاروزنا الحبيب القديس مامرمرقس الإنجيلي وبصلوات أبينا البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني آمين.