في اليوم الثالث صباح الأحد لحظة سكون الفجر, والليل يلملم أطرافة, والضوء الأزرق الباهت يغمر الطبيعة, وأثناء هذا الصمت العميق وبلا ضجيج عاتد الحياة إلي الجسد الملفوف بالأكفان, وتدحرج الحجر عن فم القبر الكئيب وفي لحظة صمت الطبيعة قام المسيح في هدوء مع إنه مات في موكب الهزيمة, وعلي صليب العار, وغضب الطبيعة, واحتجاج الشمس وإنشقاق حجاب الهيكل. مات المسيح في هذا الموكب المخيف وقام في هدوء وانتشرت المسيحية وإمتدت الكنيسة في سلام. وبالقيامة انتصرت الروح, وإنهزم الجسد, وهزم الرومان, وكانت نهاية إمبراطوريتهم وهزمت حضارة الأسياد والقوة والسلاح, وبقيامته أنهي السيد المسيح عصر استعباد وإزلال الإنسان لأخيها الإنسان, وأنشأ إنسانية جديدة, دشن فيها شريعة المحبة والمغفرة, محبة ليس لها نظير, محبة لكل البشر دون استثناء, ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه (يو15 ـ13).
وبالقيامة مات الموت بعدما كان هو القضية الكبري في حياة الإنسان, وكل تقدم علمي لم يستطع أن يجد تفسيرا لهذه القضية, ولكن حدث القيامة العظيم هو الوحيد الذي أعطي تفسير للموت المرعب والمخيف, وأصبح رحلة سفر لابد منها وجسر عبور لحياة أخري أبدية وسعيدة, إنه الإنتقال إلي عالم الله, عالم الحقيقة والنور والعدل والسلام, وكل إنسان له أن يعيش القيامة مع السيد المسيح وحتي يتحقق لنا هذا الرجاء لابد أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور (رو 13ـ12). لنحيا فيما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر علي قلب بشر ما أعده الله للذين يحبون اسمه القدوس (1كو 2ـ9).