يحفل تاريخ العمل الأهلي في مصر بالعديد من الشخصيات الرائدة والبارزة, ممن آمنوا بدورهم ومسئوليتهم نحو المشاركة في بناء الوطن وتحقيق نهضته.. رجال ونساء, مسلمون ومسيحيون, من القاهرة والأقليم, أفندية وموظفون, أطباء وتجار ومحامون وصحفيون وأدباء ومفكرون, أعيان وباشوات.
يبرز في البداية أسم عبدالله النديم (1845 ـ 1896م), الصحفي الشهير وخطيب الثورة العرابية, الذي يشارك بنصيب كبير في تأسيس الجمعية الخيرية الإسلامية, بمدينة الإسكندرية عام 1878م, بالتعاون مع بعض سراة وأغنياء الثغر, بهدف تأسيس المدارس الحرة لتعليم البنين والبنات وتهذيب الأخلاق وإعانة الفقراء ومساعدتهم, ومن ثم خدمة المجتمع ونشر نور العلم بين الناس.
أحمد باشا المنشاوي (1834 ـ 1904م), وكان واحدا من أعيان الغربية, وكان له نشاط زراعي واسع, ونشاط سياسي أيضا, وقد تنوعت أعماله الخيرية بين تأسيس مستشفي, ومعهد أزهري, كما أسس عددا من المدارس, وأهتم بمساعدة المدرسين والعلماء وطلاب العلم, بالإضافة إلي مساعدة المحتاجين وعدد من المساجد والجمعيات الخيرية.
بطرس باشا غالي (1846 ـ 1910م), الذي تولي الكثير من المناصب السياسية منها رئاسة مجلس الوزراء (1908 ـ 1910م), وكان صاحب دور كبير في تأسيس جمعية المساعي الخيرية سنة 1881م, وهي أول جمعية خيرية قبطية, تغير أسمها إلي الجمعية الخيرية القبطية, وكان له دور كبير في مساعدة الكثير من المحتاجين ودعم الكنائس والجمعيات الخيرية.
قليني فهمي باشا (1860 ـ 1954م), كان واحدا من كبار الأعيان, تدرج في الكثير من مواقع العمل, وأهتم بفعل الخير, حيث كان مثالا للبر والإحسان, ومن ذلك أنه أنشأ المعاهد العلمية للبنين والبنات ومستشفي مغاغة الكبير, وبني العديد من الكنائس بالإضافة إلي بناء مسجد, وله مؤلفات عديدة تحفل ببعض تاريخ مصر وبالكثير من الاقتراحات والتوجيهات في كثير من المشروعات العمرانية والاقتصادية, التي تهدف لخير الوطن وسعادته.
الأرشيدياكون حبيب جرجس (1876 ـ 1951م) أحد رواد الإصلاح الكنسي في العصر الحديث, بفضل ما جاهد وقدم وبذل وأعطي في مجالات كنسية كثيرة شملت التعليم والوعظ والتأليف, فقد عاش حياته وكرسها محبا للوطن والكنيسة ومعلما لأجيال عديدة من خدامها وشبابها, ممن صاروا قادة للكنيسة فيما بعد. وقد أهتم بنشاط وعمل العديد من الجمعيات الخيرية, ومن ذلك أنه أسس جمعية (جامعة المحبة) عام 1901م بالظاهر, أهتمت بأفتتاح مدرسة مجانية لتعليم الفتيات الصغيرات.
الأب هنري عيروط (1907 ـ 1969م), الذي حصل علي درجة الدكتوراه من جامعة ليون بفرنسا عن موضوع عنوانه أخلاق الفلاح وعاداته, ونشرت في كتاب عنوانه الفلاحون, حيث أهتم علي نحو خاص بتنمية القرية المصرية, ومن ذلك أنه أسس جمعية الصعيد للتربية والتنمية عام 1941م, التي عنيت بتأسيس المدارس في القاهرة وفي عدد من مدن الصعيد وقراه.
الدكتور القس صموئيل حبيب (1928 ـ 1997م), الذي رأس الطائفة الإنجيلية في مصر (1980 ـ 1997م), وأسس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية عام 1950م, وجعلها في خدمة الإنسان, كل الإنسان وأي إنسان, ومن أعماله أنه أسس مجلة (رسالة النور) عام 1956م, وشارك في تأسيس مجلة (أجنحة النسور) عام 1959م.
الأنبا صموئيل (1920 ـ 1981م), وهو أول أسقف لأسقفية الخدمات العامة والاجتماعية, حيث سيم بيد قداسة البابا كيرلس السادس عام 1962م, وقد خلفه الأنبا أثناسيوسمطران بني سويف والبهنسا (1923 ـ 2000م), في الإشراف علي أسقفية الخدمات.
ولم تعش المرأة المصرية بعيدة عن مجال العمل الأهلي, والنشاط الخيري والتطوعي, خصوصا في مجال ترقية المرأة المصرية والنهوض بها ورعاية الأمومة والطفولة, وبرز من بين النساء الكثير من الأسماء ممن كان لهن دور اجتماعي بارز.
الآنسة ليلي دوس التي شاركت في تأسيس الجمعية النسائية لتحسين الصحة, أواخر سنة 1936م وأهتمت بالعمل علي مكافحة مرض السل.
السيدة هدية بركات والسيدة أمينة صدقي اللتان أسستا جمعية المرأة الجديدة سنة 1919م, بغرض رفع مستوي المرأة المصرية عن طريق التعليم والثقافة وإتقان الحرف مثل الحياكة والتطريز والتريكو.
السيدة ناهد سريالتي أسست لجنة سيدات الهلال الأحمر, سنة 1939م لتنهض بالعبء الإنساني, وكان لها دور كبير في مقاومة العديد من الأمراض مثل وباء الملاريا الذي ظهر في صعيد مصر أربعينيات القرن العشرين.
السيدة سنية عنان, التي أنسأت مبرة التحرير, فريال سابقا, بهدف مواجهة الفقر والبؤس والتعاسة والنهوض بالفقراء من خلال بناء مجتمع ناهض قوي سليم من الأمراض, وضمت أقساما للعناية بالحامل والأطفال والفتيات.
الدكتورة درية شفيق التي أسست اتحاد بنت النيل سنة 1949م, ومعها السيدة وصفية شكري, والأستاذة زينب لبيب المحامية, والسيدة سنية عنان, والسيدة أسماء فهمي, والسيدة نادرة صبور, والسيدة زينب نور, والسيدة عزيزة رضوان, والسيدة سميحة ماهر. وتمثلت أهداف الاتحاد في: السعي لتقرير حقوق المرأة الدستورية والنيابية عن الأمة لتمكنها من الدفاع عن التشريع الذي يكفل هذه الحقوق, الدعوة إلي نشر الخدمات الثقافية والصحية والاجتماعية بين الأسر المصرية الفقيرة والمحرومة والمساهمة فيها وإلي نشر الصناعات الصغيرة بين الأسر الفقيرة لزيادة دخلها, الدعوة عن طريق الصحف والمحاضرات والإذاعة إلي العناية بشئون الأسرة وعلي الأخص الأمومة والطفولة واتخاذ جميع الوسائل التي تحقق حمايتها وعونها.
كما أذكر السيدة روما ميخائيل أثناسيوس, ابنة الصعيد, وكانت سيدة ثرية أهتمت بمساعدة الكثير من الفقراء والمحتاجين, والجمعيات والكنائس, والكلية الإكليريكية.
كثيرون برزوا في مجال العمل الأهلي.. رجال ونساء, مسلمون ومسيحيون, من القاهرة والأقاليم, أفندية وموظفون, أطباء وتجار ومحامون وصحفيون وأدباء ومفكرون, أعيان وباشوات.