مع كل يوم يمر في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، يزداد بشكل يومي أبناء طرفٌ لا هو بمؤيدٍ أو بمعارض، بل هو طرف غاضب من المعسكر الغربي.
ويتميز هذا الطرف بتعدد جنسيات من ينتمون إليه فهو يحتوي مصريون وأمريكيون وسوريون وأرمن والكثير غيرهم.
حالة الغضب سببها سياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها المعسكر الغربي الذي يمثله دول غرب أوروبا وجمعية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الأحداث العالمية. فنشرت سارة فهمي على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي –فيس بوك- معلقة عن معركة حجب المواقع: “الأوروبيين حجبوا منصات روسية، وقالوا أنها مضللة وتنشر معلومات خاطئة وكاذبة. فرد الجانب الروسي وحجب منصات صوت أميركا و Bbc و DW وغيرها. فقال الأوربيين أن بوتين الديكتاتور اغلق المنصات لتخوفه من أن تصل الحقيقة للشعب الروسي. مع العلم أن موقف روسيا كان رد فعل ، يعني أوروبا تقفل تبقى ديمقراطية، روسيا ترد يبقى قمع وديكتاتورية.”
وفي منشور آخر أوضحت أن من عبروا عن فرحتهم بالحرب ليس للحرب بذاتها، بل لعلاقة الولايات المتحدة بالأمر: “عارفين لما يبقى في بلطجي في المنطقة والناس بتتقي شره وتعمله حساب وتتجنب أي صدام معاه…ويجي واحد من بعيد يمسك البلطجي ده يهزؤه ويهين كرامته قدام المنطقة كلها والبلطجي يخاف يقرب منه. الناس أو الشعوب عموما مش سعيدة بالحرب اطلاقا.. الناس سعيدة أن البلطجي الأمريكي أتهزأ واتهان بس.”
وعبّر تيم ديتس، المحاضر بالجامعة الأمريكية بأرمينيا، عن موقفه قائلًا: “أنا لا أدعم الغزو الروسي على أوكرانيا، لكني لست سعيدًا بالطريقة التي رد بها العالم، بما في ذلك أوكرانيا، على حرب أذربيجان الإجرامية ضد أرتساخ وأرمينيا في عام 2020.”
كما قال د. لؤي محمود، دكتور الآثار المصرية، على صفحته: “لا يمكنني أن أمنع نفسي من مقارنة رد الفعل الغربي تجاه ما يحدث في أوكرانيا، مع ردة فعله تجاه ما حدث ويحدث في فلسطين وليبيا وسوريا وغيرها.”
وقامت ليانا نويل، وهي أرمينية تعيش في باريس، بنشر ميم بالفرنسية؛ بين الدعم الكامل الذي تتلقاه أوكرانيا من العالم، وبين تجاهل العالم لمعاناة سوريا وأرمن أرتساخ.
أما الصحفي ناجي عباس فكتب: كم مرة استخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا القذائف المخصبة باليورانيوم المنضب في آخر خمسين عاماً حتى الآن؟ هل يعلم أحد حجم القذائف المخصبة باليورانيوم المنضب التي استخدمتها القوات الأمريكية والبريطانية في العراق عامي 1991 و2003؟ هل يعلم احد كم قنبلة يعادل اليورانيوم المنضب الذي قصفوا العراق به حينها واشعاعاته وحجم التلوث الاشعاعي والبيئي الذي خلفه ذلك القصف؟ هل يعلم احد معدلات الإصابة بمرض السرطان والأجنة المشوهة في العراق من حينها حتى اليوم؟
وتابع عباس: “في أرشيف قناة النيل للأخبار حوار أجريته مع عالم ألماني جمع القذائف الفارغة حينها واخضعها للبحث في جامعة نورمبيرج، وتحدث عن التداعيات الكارثية على البشر والبيئة والأجنة.. اعيدوا بثه قبل ان تتحدثوا عن التحذير الروسي، لتعلموا ان الولايات المتحدة وبريطانيا لم يحذروا احداً حين قصفوا وقصفوا وقصفوا الأبرياء باليورانيوم وما الذي تفعله إشعاعات ذلك القصف في نصف العراق حتى الآن.”
وقارن فيك جيرامي Vic Gerami المخرج الأمريكي، بين تصرف العالم عند العدوان على أرمينيا وأرتساخ الذي لاذ العالم حينها بالصمت، وبين العملية العسكرية في أوكرانيا الذي أعلن فيها العالم عن غضبه.
ونشر كارلوس لاتوف كاريكاتير يفضح فيه سياسة الكيل بمكيالين لدى الإعلام الدولي –الذي يسيطر عليه المعسكر الغربي- حيث يرون أن مقاومة الأوكرانيين للروس هي بطولة، بينما مقاومة الفلسطينيين لإسرائيل إرهاب.
كتب أيضًا أماديوس دي ارنوك، أرمني يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية: ” يبدو أن العالم يهتم فجأة بأوكرانيا أجبرتني أن أسأل: أين كنتم عندما تم قطع رؤوس مواطني أرتساخ الأرمن، وتمت سرقة أراضيهم من قبل ديكتاتوريات تركيا وأذربيجان في 2020؟”
كما نشر إدم أبجو على صفحته بموقع تبادل الصور، انستجرام، والمسماه beedemised مقطع فيديو لشخص أسمر البشرة يسخر من الإعلاميين الذين اعتبروا الأوكرانيين شعب لا يجب أن يكون من اللاجئين لأنه شعب أوروبي متحضر لونه أبيض وذي عيون زرقاء.
لم تسلم صفحات الدول الداعمة لأوكرانيا من هذا الغضب، فعند المرور على منشورات صفحة سفارة ألمانيا في القاهرة، سنجد هذا الغضب واضح؛ فمن منشور واحد أنقل إليكم تلك الكلمات:
كتب أحد رواد التواصل الاجتماعي ويدعى سعيد رضوان: “للأسف موقفكم مخجل لأنكم تفرقون بين البشر وتنحازون إلى الأوروبيين على عكس موقفكم من قضايا أخرى مثل الأوضاع في العراق وسوريا وليبيا وفلسطين حيث كان اهتمام أوروبا وألمانيا بالفوز بأكبر غنيمه اقتصادية ولم تنظروا إلى سكان هذه الدول. حرية ومساواة كاذبة.”
وعلّق آخر ويدعى أحمد عباس: “ماذا فعلتم لمنع العدوان الأمريكي على العراق؟ ليبيا؟ افغانستان؟ الصومال؟ ماذا فعلتم لمنع العدوان على المدنيين في غزة ومنع تهجير الفلسطينيين بالقوة ؟ الان و فقط ظهرت مبادئ الحرية !! ماذا فعلت الفيفا للاعب مصري أظهر لافته مكتوب بها تعاطفا مع غزه؟ اليوم الفيفا تشجع اللاعبين أن يتعاطفوا مع أوكرانيا بل و منعت الفريق الروسي من خوض مبارياته ! و منذ متى كانت الرياضة ترتبط بالسياسة ؟ الكيل بمكيالين هو صفتكم.”
ولم يختلف محمد عبدالفتاح كثيرًا حيث علّق قائلًا: “الإنسانية والشعور بالآخرين شئ جيد ومطلوب ونذكركم بما يحدث مع اخواننا في فلسطين وما حدث في العراق وفي سوريا وغيرها من البلاد أمام مرأي ومسمع كل دول العالم دون أن يحركوا ساكنا ولكن اكتفوا بالخطب الرنانة والعبارات الكاذبة. لذا ينبغي أن يكون هذا التوجه مع كل البشر ومع أي إنسان دون التفرقة بين جنس أو عرق أو لون أو عقيدة .وإلا فستظل هذه مزاعم كاذبة وقيم مغلوطة وعنصرية موجهه ونحن لا نأمل إلا أن يسود السلام في كل أنحاء العالم.”
وعند المرور على منشورات سفارة الولايات المتحدة في القاهرة سنجد الأمر ذاته، فكتب بها حسن تعليقًا على أحد منشورات السفارة المؤيدة لأوكرانيا: ” انتوا عنصريين وفرحانين عايزين تدمروا اقتصاد روسيا بدماء ابرياء أوكرانيا لعنة الله على امريكا والغرب.”
كما علّق خيري جادالله قائلًا: “عملتوا ايه انتم في اليابان والعراق وسوريا وغيرها؟ وعايزين ايه؟”
وكتب بلال صلاح: “بمقاييس عسكرية، الروس داخلين المدن بضربات تعتبر بالنسبة لاستخدام امريكا وقت احتلال العراق الروس ملائكة رحمة، ودة سبب في تأخير التوغل يا ادمن”.
وعلّق وليد طه: “في ايديكم وقف الحرب والتفاوض المباشر مع روسيا لكنكم تفضلون اراقة الدماء واستمرار النزيف.”