(1) : لأنك صبرت عليه
عاش أخوان في قرية صغيرة, لكن سمعتهما في القرية كانت سيئة.. لقد عرف الجيران عنهما أنهما لا يتوقفان عن الشجار مع بعضهما بعضا. كانت منازعاتهما تمتد لساعات طويلة, وتقلق الجيران لارتفاع أصواتهما وكل منهما يصب علي الآخر سيلا من الكلمات القاسية المؤلمة.
ذات يوم ذهب الأخ الأصغر إلي رجل حكيم يعيش في القرية, يشكو إليه أخاه الأكبر, وطلب أن يدله علي طريقة تؤدي إلي توقف ذلك الشجار الدائم بينه وبين أخيه. فكر الرجل الحكيم طويلا, ثم اختفي في حجرة داخل منزله, وعاد وفي يده زجاجة مملوءة بالماء, أعطاها للأخ الأصغر وهو يقول له: هذه الزجاجة بها ماء سحري.. إذا بدأ أخوك الشجار, املأ فمك بالماء, واحتفظ به في فمك أكبر فترة ممكنة, وستري النتيجة.
بعد أسبوع عاد الأخ الأصغر متهللا إلي الرجل الحكيم, وقال: لقد نفع سحرك, واختفي الشجار بيننا. ضحك الرجل وقال: ليس في الأمر أي سحر.. لقد منعك الماء من الكلام.. وهكذا اختفي السبب الرئيسي للشجار. إن السلام يحتاج أن يتحمل أحد الطرفين الآخر, ويصبر عليه قليلا.
(2) : شيء جديد يفيدك
حكي أحد كبار العاملين في إحدي الشركات الصناعية الضخمة, قال: اعتدنا أن نخرج من كل اجتماع يعقده رؤساء مجالس الإدارة الحاليون ونحن راضون. أما من سبقوهم, فقد كانوا يعطون لأنفسهم حق الحديث, ولا يسمحون لأحد منا أن يتحدث إلا إذا كان سيؤيد وجهة نظرهم.
لذلك لم تتقدم شركتنا إلا عندما تم تعيين رئيس مجلس الإدارة الحالي. إنه يتركنا خلال الاجتماعات نعبر بحرية عن أفكارنا ووجهات نظرنا, ولا يفعل إلا أن يكتب ملاحظات حول كل ما نقول. وفي نهاية الاجتماع, يلخص كل ما قلناه, لكنه يلخصه بطريقة يقصد بها أن يشعرنا جميعا أن الرأي الذي يوافق عليه هو رأينا جميعا. ومنذ أتبع هذا الأسلوب, تقدمت شركتنا تقدما واضحا.
وأضاف صديقي: لقد سألت رئيس مجلس الإدارة الجديد عن سر تمسكه بهذا الأسلوب الناجح, فقال لي: إذا تكلمت فأنت تردد ما تعرف, أما إذا أصغيت إلي غيرك, فلابد أن تتعلم شيئا جديدا يفيدك ويفيدهم.
(3) : تاج علي الرمال
تحكي الحكايات الشعبية الإنجليزية, أن ملكا قويا كان يحكم البلاد. وقد اعتاد عظماء المملكة وكبار الموظفين, أن يتملقوه بكثرة المدح والثناء المبالغ فيه, فيقول أحدهم: أنت أعظم من عاش علي الأرض, ويقول آخر: لا يمكن أن يوجد ملك آخر في مثل قوتك, وليس هناك من يجسر علي مخالفة أوامرك أو يعصي تنفيذ طلباتك ورغباتك.
وكان الملك حكيما عاقلا, فتضايق من هذه المبالغات السخيفة, وأحس أن من يقولونها يتصورون أنهم قادرون علي خداعه, وأنهم يعتقدون أنه عاجز عن فهم الناس علي حقيقتهم, وأنهم بهذا ينتقصون من ذكائه. فجمعهم ذات يوم, وأمرهم أن ينقلوا كرسي العرش إلي شاطئ البحر ويضعوه عند حافة الماء حيث جلس عليه.
هناك التفت إلي المتملقين الملتفين حوله, وسألهم: أنتم تقولون إنني الأعظم, فهل تطيعني كل الأشياء؟ أجابوا: لا يوجد في العالم شيء يجسر أن يخالفك. نظر الملك إلي الأمواج التي كانت تروح وتجئ عند قدميه, وسألهم: وهل يطيعني البحر؟.
ارتبك الرجال, ونظر بعضهم إلي بعض وقالوا: لابد أن يطيعك كل شيء!! عندئذ التفت الملك إلي البحر وقال: أيها البحر.. أنا آمرك أن تقف مكانك.. أيتها الأمواج, اسكتي عن الحركة.. لكن الماء ظل يروح ويجيء كما اعتاد أن يفعل دائما, بغير أن يهتم أي اهتمام بأوامر الملك!
عندئذ خلع الملك تاجه وألقاه علي الرمال وهو يقول: تعلموا من هذا درسا.. لا يوجد من يطيعه كل شيء إلا الله وحده القوي القدير.. إنه الأقوي والأقدر والأعظم.
Email: [email protected]