فرضت الأوضاع الجديدة فى ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، أن تكافح أوروبا ” بكل الطرق ” من أجل البقاء لفترة طويلة من دون الغاز الروسي، وإيجاد مصادر بديلة يُمثل تحدياً لوجيستياً ضخماً، ما يثير المخاوف بشأن توفير الطاقة في أوروبا خلال فصل الشتاء الصعب .. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمدادات الطاقة في أوروبا تتعرض بالفعل لضغوط كبيرة، فقد أدى انخفاض المخزونات والأسعار المرتفعة تاريخياً للغاز إلى تغذية المخاوف لأشهر من أنه إذا تحول الشتاء إلى البرودة بشكل غير معقول، وسيتعين على البلدان تقديم مزيد من المساعدة للعملاء والشركات المتعثرة، وربما تقنين الوصول إلى الطاقة ..
إذ تعتمد أوروبا على روسيا في نحو 40 في المئة من الغاز الطبيعي الذي يأتيها معظمه عبر خطوط أنابيب، منها ” يامال- أوروبا ” الذي يعبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا، و”نورد ستريم 1″ الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا مرورًا بأوكرانيا .. وكانت شركة بلاتس أناليتيكس قد عبرت عن مخاوفها بشأن السوق ، التي قد تتسبب في انقطاع إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا يما يعادل 250 ألف برميل يوميًا من النفط، و120 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي .
كان دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، قد صرح بأن روسيا ستوقف التصديق على خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″، محذرًاً من ارتفاع حاد في أسعار الغاز الطبيعي لأوروب ا.. وغرد “ميدفيديف”، في حسابه عبر تويتر: “أصدر المستشار الألماني أولاف شولتز أمرًا بوقف عملية التصديق على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، وأضاف ” إن الأوروبيون سيدفعون قريبًا 2.000 يورو مقابل 1.000 متر مكعب من الغاز الطبيعي” .. هذا وقد ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا مع تصاعد التوتر، بعدما أمرت موسكو قواتها بدخول منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا..
لكن من ناحية أخرى أظهرت بيانات زيادة ضخ الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا، حيث قالت الشركة المسؤولة عن منظومة الغاز الأوكرانية إن الطلب على عبور الغاز الروسي صعد اليوم بنحو الخمس.
ووفقا لبيانات شركة “مشغل GTS لأوكرانيا” فقد ارتفعت طلبات عبور (ترانزيت) الغاز الطبيعي من روسيا عبر أراضي أوكرانيا إلى أوروبا الجمعة بنسبة 19% مقارنة باليوم السابق ووصلت إلى 100 مليون مليون متر مكعب.
وتصدر روسيا الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر عدة مسارات أحدها عبر الأراضي الأوكرانية. وتشهد أوكرانيا عملية عسكرية روسية لحماية دونباس، وفي ظل ذلك أكدت شركة “غازبروم” الروسية استمرار ضخ الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أراضي جارتها، حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن خط الأنابيب (نورد ستريم2)، مشروع تجاري بحت سيعمل على تعزيز الطاقة في أوروبا.
وتراجعت أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية اليوم بنسبة 21% إلى 1230 دولارا لكل ألف متر مكعب، وجاء التراجع بعد أن قفزت الأسعار أمس بنسبة 61.5% إلى 1650 دولارا، وذلك للمرة الأولى منذ 23 ديسمبر الماضي.
ورغم ذلك؛ فإن هناك تقرير يؤكد أن معظم الدول الأوروبية خفضت اعتمادها على الغاز الروسي على مر السنين؛ إذ تشير تقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، إلى أن عبور الغاز الروسي من خلال أوكرانيا لأوروبا انخفض بنسبة 70% منذ عام 1998 والتي كانت تقدر بأكثر من 140 مليار متر مكعب حينذاك، وذلك مقابل 42 مليار متر مكعب خلال 2021.
كانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت نظامًا لدول الاتحاد الأوروبي لشراء مخزونات الغاز لتكوين احتياطي إستراتيجي بشكل مشترك ، ونوه تقرير أنه على الرغم من ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال إلى شمال غرب أوروبا، خصوصًا تلك الشحنات القادمة من الولايات المتحدة؛ فإن هناك حدًا أقصى لمقدار إنتاج الغاز المسال ونقله ، حيث أوضح مركز “بروغل للأبحاث”، عن استخدام قدرة التسييل العالمية بالكامل تقريبًا، وكذلك سفن الغاز الطبيعي المسال.
وبحسب تصريحات نقلتها ” رويترز” فإن اليابان؛ قد يكون بإمكانها تحويل بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، ولكن سفن الغاز المسال قد تأتي من موانئ في الولايات المتحدة وليس من طوكيو مباشرة، كما أن دولة قطر – أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم-، والتي تستطيع إرسال بعض الغاز الإضافي إلى أوروبا، لا تستطع الإمداد بشكل كافٍ؛ لأن معظم الكميات بموجب عقد واتفاق مسبق.
