يوحنّا المعمدان كان يُعمّد في نهر الأردنّ ، وقد جاء إليه العديد من الأشخاص ليتعمّدوا على يديّه هذا الذي كان يذكّرهم بإيليّا ، هذا النبّي العظيم الذي نقّى الإسرائيليِّين من عبادة الأوثان قبل تسعة قرون وقادهم إلى الإيمان الصّحيح بإله العهد ، إله أبراهيم وأسحق ويعقوب .
يوحنّا المعمدان كان يبشّر باقتراب ملكوت السّماوات، وكان يحثّ الناس على الاستعداد لقبول المسيح والإرتداد والسّلوك في دروب البِرّ ، وراح يعمّد في نهر الأردنّ ليعطي الشّعب أداة ملموسة لهذه التوبة .
يوحنّا كان يعلم أن قدوم المسيح بات وشيكاً ، وسيعرفه عندما سيحلّ عليه الرّوح القدس، لأنّ المسيح هو الذي سيأتي بالمعموديّة الحقيقيّة ، ألا وهي معموديّة الرّوح القدس .
يسوع جاء إلى نهر الأردن وسط الناس الخطأة وكان هذا أوّل ما صنعه ، إذ ترك بيته في الناصرة وذهب إلى اليهوديّة ، إلى نهر الأردن ليتعمّد على يديّ يوحنّا المعمدان . وقد نزل على الربّ الرّوح القدس بشكل حمامة وسُمع صوت الله الآب يُعلن ويقول : ” أنت ابني الحبيب . عنك رَضِيت ” ( مرقس ١ : ١١)
الرّوح القدس أنار يوحنّا وجعله يفهم أنّه من خلال عماده ليسوع سيُتم كلّ برّ، وسيتم مخطط الله الخلاصيّ . يسوع هو المسيح ، إنّه ملك إسرائيل، لكنّه لم يأتِ بقوّة هذا العالم ، إذ جاء عندها كحمل الله الذي يحمل خطيئة العالم .
يوحنّا دلّ أتباعه على يسوع ، مع العلم أنّه كان لديه العديد من التلاميذ الذين اختاروه كقائد روحيّ ، ومن بين هؤلاء مَن أصبحوا تلامذة ليسوع وهم سمعان بطرس وأخوه إندراوس ويعقوب وأخوه يوحنّا ، وكانوا كلّهم صيادي سمك وقدموا من الجليل مثل يسوع .
إنَّ أهمية هذا الحدث العظيم ، لقاء يسوع بيوحنا المعمدان بالنسبة لإيماننا ولرسالة الكنيسة لأنها مدعوَّة إلى التمثل بيوحنا المعمدان ، كي تدل وتعرٰف الناس على يسوع ، قائلةً : ” هوذا حمل الله الذي يحمل خطايا العالم ” ، وأنَّ يسوع المسيح هو الرب المتواضع واقف وسط الخطأة ، وحده يُخلّص شعبه من الخطيئة ، وحده يُحرره من العبودية ويقوده إلى أرض الحرية الحقيقية .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك