الـــقـــوالــــب
القوالب الموسيقية للألحان القبطية توضح مدى الإدراك الموسيقى والوعى الفنى الذى كان يتمتع به آباء الكنيسة الأولون. فالقوالب عديدة ومتنوعة، منها البسيط ومنها المركب، والحقيقة الغائبة أن عدم دراية الشمامسة والمعلمين بقوالب هذه الألحان يؤدى الى أداء مطموس المعالم، فلا يُمكن إدراك بداية كل جزء والجزء الذى يليه من أجزاء القالب، الأمر الذى يؤدى فى النهاية الى أن يتوه كل من المرنمين والمستمعين فى بحر من النغمات تلطمهم فيها أجزاء القالب المفككة.
ويرى أحد الباحثين أن هناك أهمية خاصة لعملية فهم الشماس والمرتل للقالب الموسيقى للحن للأسباب الآتية[1]:
تُعَرف الشماس والمرتل بالتقسيم الداخلى للحن،(مثلا A,B,A,C) فيستوعب المعالم الموسيقية الخاصة باللحن، ويعرف الأجزاء التى يتم إعادتها والأجزاء الجديدة الصياغة.
تجعل الشماس والمرتل يسبحان بفهم، فيؤدى اللحن موضحاً تقسيماته الداخلية التى إستوعبها من قبل، فينعكس فهمه على أدائه، فيصلى بالروح وبالذهن أيضا كقول فيلسوف المسيحية القديس بولس الرسول.
فهم القالب يساهم بشكل فعال فى سرعة إستلام اللحن من الُمعلم، فلا تصبح حصص الألحان مجهدة للشمامسة من فرط تركيزهم فى حفظ النغمات تلو النغمات بلا حدود زمنية فاصلة بين جزء والجزء الذى يليه، خاصة عندما لا يفضل البعض إستخدام النوتات الموسيقية للألحان للحفاظ على هويتها الأصلية من حيث التقليد الشفاهى أو للجهل بها.
إن إستيعاب القالب الموسيقى للحن يسهل فهم إختيار أسلوب الأداء المناسب (أسلوب الأنتيفونا بين خورس قبلى وبحرى، أو أسلوب الريسبونسوريالى أو الجماعى أو الفردى).
وقوالب الألحان القبطية يمكن تصنيفها الى نوعين طبقاً لتقسيم الخبير “إيجون ويليش” هما: القوالب الشعرية، والقوالب الموسيقية[2].
اولاً: القوالب الشعرية:
وهي مبنية على وحدة الإستيحون (الربع)، وهي الوحدة التي يتم عليها بناء معظم القوالب. ويتكون الأستيخون من اربع جمل (شطرات)، ويفصل كل جملة عن الأخري نقطتان رأسيتان (:)، وتتكون الجملة من عدد معين من التفاعيل التي ينطق بعضها بنبرة قوية والبعض الآخر بنبرة ضعيفة، وذلك وفقاً لقواعد العروض الشعري في لغة اللحن، وهذا النظام يعتبر موجوداً في معظم الألحان.ومن أهم القوالب الشعرية في الموسيقى القبطية:
الإبصالية: وهي قطعة موزونة كالشعر تتكون من مجموعة من الأستيخونات قد يصل عددها الى 24 وكل استيخون به اربع شطرات، وعادة ما يبدأ كل استيخون بأحد الحروف الأبجدية القبطية (او العربية أو اليونانية حسب لغة الإبصالية) حسب الترتيب الأبجدي لها. ومن أشهر الإبصاليات “إبصالية واطس للثلاثة فتية القديسين وهي “رومية”. وكلمة إبصالية هي كلمة أصلها يوناني وترجع الى سفر المزامير المسمي باليونانية “بصالموس” وترادف الكلمة العربية “مديحة”. ويوجد بحث قدمه “يسى عبد المسيح” (1898-1959) عن الإبصالية تم نشره في مجلة معهد الدراسات القبطية مطبعة النجدة – القاهرة 1958 ص 85.
الثيؤطوكية:
“الثيؤطوكيات هي مدائح للسيدة العذراء مريم وتشتمل على تأويل ورموز العتيقة، وتنزيل نبوات الأنبياء على الأحوال السيدية الحديثة والإستدلال بها على حبلها وهي عذراء وميلاد رب المجد متجسداً منها الى غير ذلك من المعاني، وهي تنسب الى السيد البطريرك أنبا أثناسيوس الرسولي. وقيل أن شخصاً قديساً فاضلاً كان قرموصياً وترهب ببرية القديس العظيم مكاريوس بشيهات رتب ألحانها.[3]”
“ومن المقطوع به أن الشيرات الأولى والثانية والتي تأتي في ختام ثيؤطوكية السبت هي جزء من العظة الرابعة التي ألقاها البابا كيرلس الأول عمود الدين (412 – 444م) بابا الإسكندرية الرابع والعشرون في كنيسة العذراء مريم بمدينة أفسس بين يومي 23 و 26 يونية سنة 431م بعد أن أعلن مجمع أفسس المسكوني الثالث سنة 431م أن العذراء هي والدة الأله بالحقيقة”.[4]
والثيؤطوكية هي قالب تسبيحي يستخدم في صلوات تسبحة نصف الليل وهي قطع قبطية موزونة بدون قافية (فيما عدا عدد قليل منها)، وعدد الثيؤوطوكيات هو سبعة، لكل يوم من أيام الأسبوع ثيؤطوكية واحدة، ثلاثة منها آدام وهي لأيام الأحد والاثنين والثلاثاء، وأربعة منها واطس لأيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت.
وتتميز الثيؤطوكيات الآدام بالقصر والميل لنغمة الفرح لانها تقال يوم الأحد حيث “فرح التلاميذ إذ رأوا الرب” (يو 20-20)، أما الثيؤطوكيات الواطس فتتميز بالطول والخشوع لأنها تقال يوم الأربعاء حيث تم فيه المشورة بين يهوذا الإسخريوطي واليهود لتسليم السيد المسيح، والخميس حيث تم القبض على السيد المسيح، والجمعة حيث تم صلبه، والسبت حيث كان جسده موضوعاً في القبر.
وتتكون الثيؤطوكية من عدد من القطع (قد تصل الى 15 قطعة كما هو الحال في ثيؤطوكية الأحد)، كل قطعة مكونة من قسمين، كل قسم مكون من عدد من الأستيخونات، كل استيخون مكون من أربعة شطرات. وقد يكون هناك مرد ثابت في نهاية كل قسم او قطعة، يكون عبارة عن إستيخون أو أكثر.كما أنه أحيانا ما يعقب بعض القطع ألحانا ذات صياغة ميليسمية كلحن ” شيرى ني ماريا” الذي يغطي كل استيخونات القسم الأول من القطعة السابعة من ثيؤطوكية الأحد، ولحن سيموتي الذي يغطي إستيخونان من القسم الثاني منها، علماً بأن جميع الثيؤطوكيات تكون ذات صياغة سيلاباتية.
[1] جورج كيرلس:إستخدام الألحان المصرية القديمة في كتابة وقيادة مؤلفات موسيقية مصرية معاصرة- رسالة ماجستير –أكاديمية الفنون – المعهد العالي للموسيقى العربية- 2013- ص 36
[2] نبيل كمال بطرس – رسالة ماجستير – مرجع سابق – ص 189
[3] إبن كبر (القرن 14 م)- “مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة”- الجزء الثاني- مؤسسة مينا للطباعة – الطبعة الأولى-1998- ص118
[4] أثناسيوس راهب من الكنيسة القبطية – معجم المصطلحات الكنسية – الجزء الأول 2001- الطبعة الأولى – ص271
[1] متى المسكين – التسبحة اليومية وصلوات السواعي- مرجع سابق ص 136
[1] – القفللات هي أسلوب هام في صياغة الألحان وليس المقصود بها فقط ختام اللحن ككل ولكن ايضاً ختام كل جملة لحنية على حدة وهى أنواع كثيرة كل نوع منها يعطى إحساساً معيناً بالجملة التي سبقتها ومنها:
+ القفلة النصفية Half close وتعطى إحساسا بالقفل غير الحاسم..
+ القفلة الانتقالية وتستخدم للانتقال من مقام لآخر..
+ القفلة غير التامة Imperfect Cadence وتستخدم لتعطى إحساس بعدم الانتهاء وذلك لأنها جزء صغير داخل اللحن.
+ القفلة الدينية (بلاجال) ومعروفة باستخدامها في نهايات الجمل الموسيقية الدينية في الترانيم أو في القداس الكنسي.
+ القفلة المفاجئة Interrupted cadence وتعطى إحساس بتوقع الانتهاء بالقفلة التامة إلا أنها تنحرف بالمستمع إلى قفلة أخرى غير تامة..
+ القفلة الفيجورية: وهى القفلة التي تحتوى على زخارف لحنية.
+ القفلة التامة: وهى تستخدم في نهاية الجمل الرئيسية وفي نهاية اللحن وتعطى إحساساً يقيناً بالنهاية..
[2] – درجة الأساس أو الدرجة الأولى من السلم الموسيقى وعادة ما يسمى السلم باسم الدرجة الأولى منه لأهميتها في الصياغة الموسيقية وللارتياح السمعي كلما تم الاستقرار عليها وغالباً ما يبدأ بها اللحن التقليدي.
[3] – الضروب: هى الأصول أو الأوزان الخاصة بالموسيقى الشرقية وهى تتكون من عددو من الضربات والنقرات المتتالية المختلفة تتكرر عادة طوال اللحن وتختلف هذه الضربات من حيث القوة والضعف حتى أن الضربة القوية تسمى دم Dom والضعيفة تسمى تك Tek وقد يتخلل هذه الضربات لحظات سكوت محسوبة الزمن وتسمى هذه الضروب بأسماء فارسية أو تركية مثل المصمودى الكبير والسماعى الثقيل والدراج وعادة ما تقوم الآلة الايقاعية بضبط هذه الضروب وفي الكنيسة القبطية يقوم الناقوس المعدنى بهذه المهمة ولتلميع الألحان المفرحة بالرنين ويطلق على مثل هذه الايقاعات اللفظ Polyrthythm..