يكشف السيد المسيح نفاق ورياء بعض الأشخاص قائلا:الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون, إنكم أشبه بالقبور المكلسة, يبدو ظاهرها جميلا, وأما باطنها فممتلئ من عظام الموتي وكل نجاسة.
وكذلك أنتم, تبدون في ظاهركم للناس أبرارا, وأما باطنكم فممتلئ رياء وفسقا(متي23:27-28).
لماذا نتعامل مع الناس بوجهين؟ ما السبب الذي يجعلنا نعيش في نفاق حتي نجمل صورتنا أمام الآخرين؟فالمنافق يجعل لنفسه وجهين يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يواجهه ويظهر للناس غير ما يبطن, للأسف حتي في الحب نجد العديد من المنافقين الذين يتلونون باسم الحب, ويكون باطنهم عليلا وظاهرهم جميلا.
نكتشف في معاملاتنا اليومية أشخاصا يبنون حياتهم علي المظهر الخارجي فقط, وهذا ما نسميه بالواجهة كالمنازل التي لم تكتمل بعد بسبب نقص الموارد والمؤن, فنجد مدخلا عظيما ورائعا كأنك أمام قصر, ولكن الحجرات فقيرة جدا كالأكواخ, من المحتمل أن يكون صعبا جدا كشف الشخص المنافق, ولكن يمكن التعرف علي حقيقته المخادعة بعد التعامل معه.
لأن المنافق يكذب كثيرا وقد يحلف أيضا من أجل إخفاء ما في قلبه وفعله من ضرر ودمار للآخرين.
نحن نعيش ما يسمي النفاق الاجتماعي الذي يلجأ إليه بعض الأشخاص من أجل الحصول علي مناصب عليا في وظيفة ما, أو لتحقيق المصالح الشخصية.
ولا ننسي أن المنافق لديه حرفية وإتفان في إظهار عكس ما يشعر به, فهو يتفنن الكذب بسلاسة, ولكن مع مرور الوقت نستطيع كشف معدنه والخطورة في الأمر هي التأخير في معرفة أمره, وقد يكون كل شيء انتهي, لذلك علينا أن نسعي جاهدين في كشف الكذب والرياء مبكرا لتدارك موقفنا تجاهه في بداية الأمر.
وكان داود النبي يشكو لله مرارا وتكرارا من أقرب الناس له قائلالو أن عدوا عيرني لاحتملته,ولو أن مبغضي تعاظم علي لتواريت عنه, ولكنك أنت ياندي وأليفي وأنيسي, يا من تربطني به أحلي معاشرة حين كنا معا إلي بيت الله نسير…فمه ألين من الزبد وقلبه يشن القتال.
كلماته أرق من الزيت وهي سيوف مسلولة(مز54:13-15, 22) نتقابل كل يوم مع نماذج شبيهة من البشر, لذلك فضح داود النبي خيانة الصديق المقرب إلي قلبه, وكان يشكو لله حتي يعينه علي هذه الصدمة, ويمنحه القوة.
ونجده يتكلم عن التحول المخزي والمخجل من صديقه ورفيقه, وموضع ثقته وعشرة العمر الطيبة, إلي عدو ممتلئ بغضا ومروج للإشاعات.
فكلمات الحب تحولت إلي كلمات الخداع والإهانات, وأدوات السلام الأنعم من الزبد والزيت أصبحت أساليب القتال بالسيف.
لذلك يجب علي كل شخص منا أن يتدارك الأمر في بدايته, حتي لاينخدع في الأشخاص الذين يثق فيهم, بعد فوات الأوان.
من المحتمل أن يكون كل واحد منا ثلاثة أشخاص علي الأقل, كيف هذا؟الشخص الأول هو الإنسان في نظر ذاته, لأنه, لأنه يري نفسه إنسانا طيبا ومجتهدا وأمينا, بل يصرح قائلا:أنا لست مثل باقي البشر, أنا أفضل منهم كلهم. والشخص الثاني كما يراه الآخرون, شخصا مختلفا, لو أنه سمع الناس يتكلمون عنه لظن أنهم يقصدون غيره.
والشخص الثالث الحقيقي هو الذي يعرفه الله, فقد يكون الإنسان مخطئا في حق نفسه, وقد يكون الناس مخطئين فيه, ولكن الله يعرف كل واحد منا تماما.
فمن الأفضل أن يعيش الإنسان علي طبيعته, فلا يعتقد أنه أحسن مما هو عليه, وعندما نسلك بصدق ودون رياء, يساعدنا ذلك لكي نحيا حياة واضحة وشفافة, تجعل الآخرين لا يخطئون فهمنا, بل يعرفوننا ويروننا علي حقيقتنا.
لذلك يجب علينا ألا نبالغ في الحديث عن ذواتنا أو في مجاملة الآخرين حتي لا نسقط في بئر النفاق.
مما لا شك فيه أننا نجد المنافقين في كل مكان وزمان, ما أكثرهم بأقنعتهم الزائفة وابتسامتهم الباهتة, حتي أنهم يتعمدون طمس الحقيقة وتزيين الباطل.
فالمنافق يكون كلامه غير مرتب وغير موزون, لذلك يجب علينا ألا نقاطعه أثناء الحديث,لأنه يتكلم بدون تنسيق,حتي أنه يتمني أن نقاطعه الحديث حتي يستطيع تغيره وتعديله وترتيبه كما يجب علينا أن نحذر من الشخص المنافق لأنه يحب دائما أن يحظي بالمنفعة وحده فقط.
ونختم بنصيحة الكاتب الساخر الإيطاليGiovanni Papini:لا نضع ثقتنا في المظاهر, حتي ولو في المحيط الديني,لأن الجمال تركع أيضا, والممثلون يتلون صلوات وابتهالات, ومن يقطعون شرائح البصل يبكون….